الملتقى الثقافي احتفى بديوانها الجديد «صباح يشرب البرتقال»

نجمة إدريس: نحن الآن في مرحلة ترميم للذات

1 يناير 1970 07:25 م
طالب الرفاعي: لها القدرة على التقاط ما لا يلتقط

سعاد العنزي: من أهم الأصوات الشعرية والنقدية الرصينة

خليفة الوقيان: توقعت لها التميز منذ كانت طالبة في الجامعة

عبدالعزيز السريع: لها القدرة على اصطياد اللحظات المدهشة

إبراهيم الخالدي: تمتلك لغة بيضاء ولها رؤيتها الخاصة

فهد الهندال: بسيطة في اختيارها للمفردات
في احتفاء يليق بقامة الشاعرة الدكتورة نجمة إدريس... أقام الملتقى الثقافي لصاحبه الروائي طالب الرفاعي أمسية شعرية بمناسبة صدور ديوانها الجديد عن دار ضفاف وعنوانه «صباح يشرب البرتقال»، في حضور نخبة من الأدباء والنقاد والاكاديميين.

وأشاد الرفاعي في استهلال الأمسية بالشاعرة المحتفى بها، مؤكدا على تميزها في الكتابة نثرا وشعرا، فيما أنشد الناقد فهد الهندال بصوته الإذاعي المتميز بعضا من قصائد الديوان الجديد، مبحرا عبر إلقائه، في ومضات ولفتات شعرية محكمة، استطاعت إدريس فيها أن تتناسق مع أحلامها، وأن تتفاعل مع يومياتها، ورؤاها في انساق شعرية حيوية، ومن القصائد التي ألقاها الهندال لإدريس قصيدة تحمل عنوان «أحلم» والتي تقول فيها:

أحلم بشِعر أبيض

بلا لغة... وبلا بلاغة

كقلب خوخة

ألثغ كطفل

وأملس كماء بيضة

أحلم كما يحلم

عاشق صوفي

بشِعر بلا أبجدية

يفر من غيمة إلى غيمة

كأرنب بري

متخم بالعشب والعافية

بينما استثمرت إدريس قدرتها اللغوية المتقنة في إضافة مدلولات حسية جديدة إلى نصوصها الشعرية، تلك التي بدت متوافقة تماما مع ما تتضمنه المفردات من حركة دؤوبة وتكثيف متناغم مع المعاني والخيالات لتقول في نص «خفيفة تتنزه»:

رويدا رويدا

تخلع القصيدة

نظارتها الشمسية

وساعتها الرولكس

وكعبها العالي

وعامدة تطرح

التنورة المكشكشة

عن قامتها

فيما قدمت الناقدة الدكتورة سعاد العنزي قراءة نقدية عنوانها «الأسلوب المتأخر في مجموعة (صباح يشرب البرتقال) للدكتورة نجمة إدريس»، ونتيجة لظروف طارئة منعتها من حضور الأمسية قرأت ورقتها نيابة عنها الكاتبة عواطف العلوي، تجولت خلالها العنزي في الكثير من الرؤى الشعرية والمضامين التي بثتها الشاعرة خلال ديوانها الجديد لتقول العنزي: «يسطع اسم إدريس في سماء الإبداع في الكويت كواحد من أهم الأصوات الشعرية والنقدية الرصينة واللافتة في المشهد الإبداعي الكويتي. ولقد لفتت الأضواء إليها وهي لا تزال في سن مبكرة».

وأردفت قائلة: «يبدأ الأسلوب المتأخر عند الشاعرة من العنوان ويظهر كذلك في طبيعة الموضوعات المطروقة، فمن الواضح من عنوان المجموعة ان هناك انحرافا وتحولا كبيرا في طبيعة التصورات والرؤى للحياة، فالعنوان يقوم بكسر أفق توقعاتنا لمجموعة شعرية لكاتبة تميزت بلغتها التصويرية الشعرية العالية. يتكون العنوان من جملة نحوية عادية في تركيبها جملة اسمية من مبتدأ وخبر، ولكن ما هو غير مألوف هو تجسيد الصباح ككائن يشرب ويأكل مثل الكآبة التي تستيقظ قبلنا وتسبقنا في قراءة الجريدة».

وأضافت العنزي: «في أغلب نصوص المجموعة، تريد الشاعرة أن تنسف عالمها القديم وبلاغاتها السابقة، لتخلق عالمها الجديد، وبلاغتها الشعرية الجديدة المختلفة، حيث تكتب للأصدقاء القليلين جدا، الذين يقابلون الفكرة التقليدية عن صورة الشاعر/‏ ة، فكرة أن يحاط الشاعر بالأصدقاء الكثر وجمهور واسع وممتد. نحن اليوم أمام مفهوم مختلف للشعر والشاعر/‏ة وحتى الأفكار المسبقة حول جمهور الشاعر».

وشكرت إدريس في كلمتها الرفاعي صاحب الملتقى، والحضور، وكشفت أن من شجعها على نشر ديوانها الجديد نشرها للمجموعة الأخيرة التي تحكي فيها عن الحياة البسيطة، وأنها كتبت مقالات عنوانه «يسألونك عن الشعر» أجابت فيه إجابة خاصة عن أسباب تقهقر الشعر من خلال عرضها لوجهة نظرها التي ترى أن السبب يعود إلى التقلبات السياسية التي جعلت الرواية تتقدم، لأن الإنسان يحتاج من يقص عليه القصص، بينما كان يعتقد الشاعر في الخمسينات والستينات أنه أكبر من الظروف وباستطاعته تغيير الأحوال، ومع مرور الوقت استهلكت أدواته وسحبت السجادة من تحت رجليه، مؤكدة أن مسألة جلد الذات فقدت بريقها، كي يبدأ الشعر في الانكفاء على نفسه، بعيدا عن الأضواء وقالت: «نحن الآن في مرحلة ترميم للذات، حتى نعود إلى إنسانيتنا، وقرأت إدريس نصا شعريا يعبر عن رأيها في الشعر والمرأة.

واتفقت المداخلات- التي قدمها الحضور- على توهج تجربة إدريس الشعرية وكذلك النقدية، ليؤكد الرفاعي أن إدريس قريبة من الوحدة ولها القدرة على التقاط ما لا يلتقط، ذلك الذي يلامس دور الأم بعيدا عن الشعارات الطويلة.

وكشف الشاعر الدكتور خليفة الوقيان أنه عرف إدريس منذ كانت طالبة في الجامعة، وقد قرأ قصائدها في هذه الفترة المبكرة وكان يتعجب كيف أن هذا الإبداع الراقي تكتبه طالبة جامعية، وأنه توقع لها النبوغ في الشعر، وأنها ستصبح شيئا له قيمة وفعلا صدق التوقع.

واستذكر الكاتب المسرحي عبدالعزيز السريع عام 1978 حينما فقدت الكويت الرائد المسرحي صقر الرشود، ومن ثم وصلته عن طريق ابنته أجمل قصيدة رثاء كتبتها نجمة إدريس، وكانت وقتها معلمة في إحدى مدارس الكويت، مؤكدا أنها تمتلك حسا مرهفا ولها القدرة على اصطياد اللحظات المدهشة، وهي مكسب للكويت.

وأوضح الشاعر إبراهيم الخالدي أن إدريس تمتلك لغة بيضاء، ولها رؤيتها الخاصة مبتعدة عن المواضيع الكبيرة، لأن المواضيع الصغيرة تكون أكثر قربا من مشاعر الإنسان.

وتحفظ الناقد فهد الهندال على ما طرحته سعاد العنزي في مسألة الأسلوب المتأخر في الكتابة، مؤكدا أن الانسحاب من الحياة هو عودة إلى الإنسانية، مشيرا إلى بساطة إدريس في اختيارها للمفردات مع ابتعادها عن النص المحير الحداثي، وأشارت الدكتورة زهرة إلى تميز إدريس في الشعر اليومي، وأشاد الدكتور عيسى الأنصاري باللغة البسيطة التي كتبت بها إدريس ديوانها، بعيدا عن التعقيدات التي تنفر أولادنا من اللغة العربية، واستذكر الدكتور حامد الحمود مقالا كتبه عن إدريس أكد فيه أنه يقرأ بمتعة كل ما تكتبه.

وتحدثت الروائية الشاعرة فوزية شويش السالم عن لغة إدريس المتميزة والنقلة التي أحدثتها في ديوانها الأخير، وأشارت الفنانة الكاتبة ثريا البقصمي إلى سعادتها حينما طلبت منها إدريس لوحة لديوان شعري لها.

وختمت المحتفى بها الأمسية بقراءة نص لها يتحدث عن أعباء الوظيفة من خلال طرح الكثير من الأسئلة تحت عناوين لافتة.