منها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتنظيمي
اندماج «بيتك» و«الأهلي المتحد»... فوائد وعقبات كثيرة
1 يناير 1970
12:11 م
«هيئة الاستثمار» عيّنت مستشاراً لتقديم دراسة بشأن الاندماج أو الاستحواذ
قرار الحكومة الكويتية يتوقف على رأي المؤسسات الكبرى وتقبل النواب والشارع
العمر: اندماج البنكين سينتج عنه مؤسسة مصرفية قوية ... رأسمالها كبير
خضوع أي مؤسسة لجهات رقابية عدة يمثل نوعاً من «الصداع»
الشخص: الحكومة لديها «رغبة واضحة» في إتمام العملية
عمل «بيتك» وفقاً للشريعة وعمل «الأهلي المتحد» التقليدي يشكل تحدياً
القطان: الاندماج معقد بشكل كبير في الكيانات التي تعمل بطريقة واحدة... فكيف بالمختلفة؟
لن يكون مقبولاً أن يذوب البنك الإسلامي في المؤسسة التقليدية
رويترز - تنشغل السوق الكويتية منذ أشهر بصفقة محتملة لاندماج «بيت التمويل الكويتي» (بيتك)، أكبر مصرف إسلامي في البلاد، والبنك الأهلي المتحد، أكبر مجموعة مصرفية في البحرين، لتشكيل أحد أكبر البنوك في منطقة الخليج بأصول تصل إلى 90 مليار دولار.
لكن هذا الحلم الذي ستكون له فوائد كبيرة للبنكين يواجه عقبات كثيرة ومختلفة، منها الاقتصادي، ومنها السياسي والاجتماعي والتنظيمي.
وقال خبراء إن قرار الحكومة الكويتية التي تمتلك حصصاً مؤثرة في كلا البنكين سيتوقف على رأي المؤسسات الكبرى مثل بنك الكويت المركزي، والهيئة العامة للاستثمار، وهيئة أسواق المال، كما ستهتم الحكومة كثيراً بمدى تقبل النواب والشارع الكويتي لمثل هذه الخطوة جنباً إلى جنب مع الدراسات الفنية.
وعيّنت الهيئة العامة للاستثمار التي تمتلك 24 في المئة من أسهم «بيتك»، مستشاراً لتقديم استشارات مستقلة لدراسة «فكرة الاندماج أو الاستحواذ» بين البنكين في إجراء اعتبره مراقبون أول خطوة رسمية صوب إبرام الصفقة.
لكن «بيتك» قال في بيان للبورصة، إن «الهيئة» تجري هذه الدراسة «على نحو مستقل ومنفصل عن المصرفين، ولم تتخذ أي خطوات للتنسيق بينهما تتصل بعملية الاستحواذ أو الاندماج المحتملة».
و«بيتك» واحد من أكبر المصارف الإسلامية في العالم، ويبلغ رأسماله 576.6 مليون دينار (1.9 مليار دولار) ويمتلك بنوكاً في تركيا وألمانيا والبحرين وماليزيا وتبلغ ملكية الحكومة فيه 48 في المئة.
في المقابل، يبلغ رأسمال مجموعة البنك الأهلي المتحد البحريني 1.62 مليار دولار، وتمتلك الحكومة الكويتية أكبر حصة فيه، وقدرها 18.8 في المئة، عن طريق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، في حين تمتلك شركة التمدين الاستثمارية، وهي شركة استثمارية كويتية خاصة، 8.3 في المئة، ولدى المجموعة وحدات تابعة أو زميلة واستثمارات في بريطانيا ومصر وليبيا والعراق وسلطنة عمان والكويت.
فوائد الاندماج
وقال الخبير المصرفي، فؤاد العمر، إن اندماج البنكين سينتج عنه «مؤسسة مصرفية قوية رأسمالها كبير وقوي» يمكّنها من التوسع في عملياتها الائتمانية جغرافيا ونوعياً.
من جهته، أشار الخبير المالي، ميثم الشخص، إلى أن الحكومة لديها «رغبة واضحة» لإتمام عملية الاندماج لخلق كيان مصرفي كبير، مبيناً أنه وإلى جانب الملكيات المشتركة لمساهمين رئيسيين في المجموعتين، فإن الإدارات القائمة فيهما بينها نوع من التناغم والتقارب، حيث عمل رئيس مجلس إدارة «بيتك» حمد المرزوق سابقا كرئيس للبنك الأهلي المتحد الكويتي التابع للمجموعة البحرينية، ويعرف كل منهما طريقة تفكير الآخر.
وأضاف الشخص أن مزايا الاندماج تكمن في «توسيع قاعدة العملاء، والتمدد الجغرافي، وزيادة رأس المال الذي سيكون أقوى وتقليل المخاطر، والاستفادة من الخبرات الموجودة لدى البنكين. كما أن الاندماج سيعطي خيارات أفضل مستقبلا لعمليات الاستثمار المباشر وغير المباشر» التي سيقوم بها الكيان الجديد.
ويرى خبراء أن عمل «بيتك» وفقاً للشريعة الإسلامية، وعمل البنك الأهلي المتحد بالطريقة التقليدية سيشكل تحدياً رئيسيا أمام تكوين كيان مشترك منهما، كما أن استحواذ المجموعة الكويتية على المجموعة البحرينية غير ممكن ما لم تتحول الأخيرة للعمل وفق الشريعة الإسلامية.
ونفت مجموعة البنك الأهلي المتحد البحرينية الأسبوع الماضي وجود أي قرار لديها للتحول للعمل وفق الشريعة الإسلامية.
وقال مدير عام شركة شورى للاستشارات الشرعية، عبد الستار القطان، إن الاندماج «عملية معقدة بشكل كبير في الكيانات التي تعمل بطريقة واحدة أو بشكل واحد أو بصناعة واحدة، فما بالك عندما يكون الاندماج بين مؤسستين كبيرتين (تعملان بطريقتين مختلفيتن). بالتأكيد ستكون العملية معقدة وطويلة وستستغرق وقتاً».
واستدرك القطان بالقول إن أغلب كيانات «الأهلي المتحد» تعمل وفق الشريعة الإسلامية، وهو أمر يمكن أن يسهل ضم الكيانين، مشيراً إلى أنه من الناحية الشرعية، فإن الاندماج «يجب أن يؤدي إلى إنتاج كيان جديد يعمل وفق الشريعة الإسلامية» ولن يكون مقبولاً أن يذوب البنك الإسلامي في المؤسسة التقليدية.
وفي حال إتمام الصفقة، فإنها ستتضمن عمليتين: الأولى تحوّل البنك البحريني للعمل وفق الشريعة الإسلامية، وهي خطوة تستغرق عادة ما بين 4 و5 سنوات، والثانية هي ضمه أو دمجه مع «بيتك».
لكن القطان قال إن كثيراً من عمليات تحول البنك التقليدي إلى «إسلامي» تكون مرتبطة بنقل المعرفة والخبرات والآليات والأنظمة، معتبرا أن كون البنك البحريني سيندمج مع بنك إسلامي سيجعل «كل هذه الأمور محلولة، ولن يبدأ البنك البحريني من الصفر... وهو جانب يمكن أن يسهل ويختصر مدة تحول البنك الأهلي المتحد».
وقال الشخص إن أغلب وحدات «الأهلي المتحد» هي وحدات إسلامية، ولن تكون هناك مشكلة لاسيما أن «بيت التمويل الكويتي» استحوذ قبل ذلك على شركات غير إسلامية، بعضها عقاري، وبعضها استثماري، معتبراً أن مسألة تحويل البنك البحريني للعمل وفق الشريعة الإسلامية قد تطرح مرة أخرى.
بيئة العمل
يتبنى «بيتك» نهجاً متحفظاً ويعمل عادة في دول قليلة المخاطر من النواحي السياسية والأمنية، في حين يعمل «الأهلي المتحد» في عدد من الدول العالية المخاطر سياسياً وأمنياً وحتى من ناحية العملة.
وقال القطان إن عملية الدمج ستؤدي إلى «إعادة نظر» المجموعة البحرينية في وحداتها واستثمارتها الخارجية، لكن أيضا ستفتح للكيان الجديد فرصاً واعدة في هذه الدول التي تفتقد مثل هذا النوع المتقدم من الخدمات المصرفية الإسلامية.
ويخضع البنكان لجهات رقابية مختلفة، وهو ما قد يكون واحداً من بين التحديات الرئيسية أمام إتمام الصفقة لاسيما مع انتهاج بنك الكويت المركزي سياسة محافظة تركز على تجنب المخاطر والتزام كامل بقواعد الحوكمة في وقت يتبنى فيه مصرف البحرين المركزي سياسة أكثر مرونة.
وقال العمر إن خضوع أي مؤسسة مصرفية لعدة جهات رقابية يمثل نوعا من «الصداع» ويثقل كاهلها بتكلفة إضافية، مبينا أن المجموعتين ستحتاجان لمزيد من الوقت لأقلمة أعمالهما القادمة من بيئتين مختلفتين وحتى تتمكنا من تبني قيم العمل الأفكار نفسها، معتبراً أن وجود استراتيجية واضحة للمؤسسة الجديدة سيكون حاسماً في نجاح العملية أو فشلها.
في الإطار ذاته، يشير خبراء إلى أن الكويت تقدّم لبنوكها أنواعاً متعددة من الدعم بهدف تعزيز البيئة المصرفية، منها ضمان الحكومة لأموال المودعين، وإيداع مليارات حكومية في هذه البنوك، بالإضافة إلى إشراك البنوك الكويتية في عمليات تمويل للحكومة، وهي عمليات مربحة ومضمونة العوائد.
وتشكل هذه المزايا عبئا على الحكومة الكويتية التي ستكون مضطرة لمد مظلتها لتشمل أيضا «الأهلي المتحد» البحريني في حال ضمه إلى «بيت التمويل».
الكويت عانت من تسييس الصفقات
عند الحديث عن أي صفقة كبيرة تكون الحكومة الكويتية طرفاً فيها تسود عادة حالة من التوتر والتشكيك لاسيما من قبل نواب بالبرلمان وبعض رجال الأعمال.
وتاريخيا، فإن الكويت عانت كثيراً من تسييس الصفقات الحكومية الكبرى.
ففي عام 2013، تكبدت الحكومة 2.2 مليار دولار كتعويض لشركة «داو كيميكال»، أكبر منتج للكيماويات في الولايات المتحدة، عن انسحاب الطرف الكويتي في 2008 من مشروع مشترك يحمل اسم «كيه - داو» بقيمة 17.4 مليار دولار.
وكان لمشروع «كيه - داو» حساسية سياسية في الكويت، وشغل الرأي العام ونواب البرلمان أشهراً عدة بسبب الصراع السياسي حول الصفقة.
كما تعطلت الخطط التي أعلنتها الحكومة في 2015 لبيع أسهم في عدد من الشركات المدرجة في البورصة، ومنها «بيت التمويل الكويتي» و«زين» و«الكويتية للاستثمار».
لكن المحللون يرجحون المضي قدما في صفقة دمج «بيتك» و«الأهلي المتحد» البحريني، غير أن العمر أكد أن الشق السياسي يمكن أن يتلاشى وتتحول الصفقة إلى عملية اقتصادية صرفة إذا اتسمت بالوضوح والشفافية وكانت المنفعة المرجوة منها واضحة للجميع.
واستغرب الشخص الحديث عن «التنفيع» من وراء الصفقة المحتملة لأن «المستثمر الأساسي هو الحكومة والدمج سينفع الحكومة قبل الآخرين... وإذا الحكومة ستستفيد وأن الآخرين سيستفيدون فأين الخلل في ذلك... والجدوى الاقتصادية وراء الاندماج هي الأساس؟».
وقال الشخص «نحن نتحدث عن ملكيات حكومية فعلاً لكن المصلحة العامة للكيان أهم من السياسة... أكيد ستكون هناك أصوات تختلف لكن إجراءات الاندماج بين المصارف في دول الخليج موجودة على أرض الواقع، وهي ليست بدعة كويتية».