رواق
البصمة والكبد
| ريم الميع |
1 يناير 1970
04:42 ص
في كل قضية هناك حقائق وهناء آراء، بعض الآراء تدعي أنها حقائق وبعضها يحاول أن ينفي الحقائق أو يؤكدها. ولأن الحقائق باتت مع تغيير الأزمنة متغيرة كالآراء، اختلطت الآراء بالحقائق وابتعدت عن إصابة كبد الحقيقة.
جميع ما سبق كان رأياً شخصياً في الرأي والحقيقة، أما الحقيقة فتدمغ بالبصمة التي هي دليل إدانة كل شخص وبراءته، وسبحان من جعل لكل شخص بصمة تختلف عن غيره. ومهما سعى للتشبه به، بصمته تكشفه وتكشف كبده معه أيضاً. وقبل تداول الآراء حول علاقة البصمة بالكبد والكبد بالبصمة، لنتفق على حقيقة أن البصمة الدليل، ما هي إلا دليل تخلف أصلاً، إذ إن السؤال السابق في عصر انتشار الأمية فلان يبصم أم يوقع والرد مؤشر لتعليم الشخص، فإن كان يقرأ ويكتب ويحقق كل شروط الترشيح للبرلمان سيوقع وإن حرم من الترشيح يبصم مع انتشار التعليم اختفت البصمة في العقود والتعاملات ولكن التخلف عندنا اعتاد أن يخرج من الباب ليدخل من الشباك فلا طبنا ولا بردت كبدنا.
وحدها الأنظمة الإدارية المتخلفة تقيس أداء موظفيها من بصمتهم في الحضور أو الانصراف بأجهزة متخلفة معطلة على الدوام تختلط عليها البصمات لكثرة من يُبْصق بدلاً من أن يبصم أو يبصم بالنيابة عن غيره، فالموظفون المتهمون بالغباء يبدعون في اختراع مليون طريقة وطريقة للتذاكي على الأجهزة الغبية من البلاستر إلى ال?ازلين.
ومع تخلف البصمة وأجهزتها وأنظمتها، صار التخلف عدوى تنتشر في كل مكان لتطول الكبد وصحته التي يسعى الأطباء لإثبات تراجعها أيضاً مع تراجع أجهزة الحضور والانصراف إلى نظام التبصيم المعتاد قبل التوقيع في أيام الجاهلية.
ولأن من سمات الجاهلية التشكيك في كل ما يكشف الجهل، راحت تؤكد كفاءة أجهزة البصمة في نقل أمراض لا تنتقل بالمصافحة ولا بالتقبيل حتى ومع ذلك هناك من قبل بهذا الاحتمال وراح يروج له لأن فيه مصلحته بالتخلص من جهاز البصمة الغبي والمتخلف، ناسياً أو متناسياً أن إلغاء الوسيلة لا يلغي الغاية بإلغاء جهاز البصمة في الإدارات القائمة على مراقبة الدوام على الدوام والدوام لله.
تصديق خرافة ارتباط الوباء الكبدي ببصمة الحضور والانصراف في الدوام سيؤدي إلى استبدال جهاز البصمة بكاميرات المراقبة والبطاقات الممغنطة وفاتح الأبواب وموقع الحواسيب ورب جهاز بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه.
وحين لا يجدي البكاء على البصمة المسكوبة بعد خراب الدوام نفعاً، لا يصلح البصمة إلا البصمة، فالبصمة التي تتسبب في الداء لكبدك هي نفسها تداوي كبدك حين يطلبها منك موظف المطار لتبصم قبل أن تطير، هنا فقط تطير من السعادة.
reemalmee@