بعد اندفاعة نصرالله والتحذيرات الغربية

خطّ طهران - بيروت أعاد لبنان إلى «قلْب العاصفة»

1 يناير 1970 02:27 ص
يَتزايد ضجيجُ حربٍ محتملة في المنطقة في ضوء تَعاظُم الصراع في سورية حول ترسيم مناطق النفوذ بين اللاعبين الدوليين والإقليميين. ولم يكن التلويح الأميركي - الفرنسي بـ «الثمن الباهظ» في حال لجوء نظام الرئيس بشار الأسد الى استخدام «الكيماوي» مرّةً جديدة وتحذير روسيا للولايات المتحدة من أيّ خطواتٍ أحادية في سورية، سوى واحدٍ من مَظاهر المواجهة التي تَزداد تَأجُّجاً بين واشنطن وموسكو وحلفائهما فوق «برميلِ البارود» السوري، وسط احتقانٍ يهدّد بخروج «لعبة النار» عن السيطرة.

وبدا أن لبنان، الذي ينأى بنفسه عن طوفان الدم من حوله، اقتيدَ إلى حلقةِ الغليانِ في المنطقة بعدما قرّر «حزب الله» الانتقالَ من حالِ تَورُّطه العسكري في ساحات الإقليم الى توريط لبنان برمّته عبر الإعلان عن عزْمه على استقدام مئات الآلاف من «مجاهدي» الميليشيات الموالية لإيران الى لبنان للمشاركة في أيّ مواجهةٍ محتمَلة مع اسرائيل، وهو التطوّر الذي يشي بمضاعفاتٍ داخلية لما يشكّله من أخطار تعريض لبنان لـ «أثمان باهظة» يصعب عليه تَحمُّل تبعاتها.

ورغم محاولات التحري السياسية والديبلوماسية عن الأسباب الفعلية التي دفعتْ نصرالله الى إطلاق «رصاصة الرحمة» على مساعي «تحييد لبنان» بعدما كان أوّل الداعمين لعزْل الداخل عن مجريات الصراع الاقليمي حين دعا في بدايات الصراع في سورية مَن يرغب في المواجهة للانتقال الى هناك، فإذا به يهدّد بفتْح الأجواء أمام مجيء مئات الآلاف من «الحرس الثوري» الايراني و«الحشد الشعبي» العراقي والحوثيين من اليمن وما أمكن من «فاطميين» و»زينبيين» وسواهم من أفغانستان وباكستان تبعاً لنظرية «وحدة الجبهات» في المشروع الإيراني.

وثمة مَن يربط هذه «الاندفاعة» غير المسبوقة في موقف «حزب الله» بالصراع الشرس في سورية حول مناطق عبور «الهلال الإيراني» الذي يربط طهران ببيروت مروراً ببغداد ودمشق، وما يحوطه من كرٍّ وفرٍّ حول «الخطوط الحمر» التي تحولت خطوط تماس بين ايران وميليشياتها وجيش الاسد، وبحمايةٍ روسية، وبين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والاردن، إضافة الى اسرائيل المتوجّسة من تَدفُّق السلاح الاستراتيجي من إيران الى «حزب الله».

وعكستْ تقارير في صحف غربية كـ «نيويورك بوست» وسواها الخشية من اندلاع مواجهة وشيكة بين إيران وإسرائيل في ضوء التطورات الميدانية في سورية، لا سيما حيال ما بات يُعرف بـ «خط بيروت»، إذ أن السيطرة على الطريق بين القنيطرة ودرعا مفتاح أساسي يتيح لطهران فتْح معبر بري من إيران إلى العراق فدمشق وصولاً إلى بيروت، ما يعني أن طهران في طريقها إلى تحقيق «الهلال الإيراني».

وترافقتْ هذه التقارير مع معلومات نُشرتْ في بيروت عن أن ديبلوماسيين غربيين أبلغوا إلى مسؤولين لبنانيين أن إسرائيل قد تُقْدِم على خطوات عسكرية وقائية يمكن أن تلامس حدود المواجهة بسبب خشيتها من فتح ممرات بين سورية والعراق ترفع وتيرة نقْل الاسلحة الإيرانية الاستراتيجية لـ«حزب الله»، الذي باشر بناء «مصانع أسلحة» في لبنان بتقنياتٍ إيرانية لإنتاج السلاح الثقيل.

هذه المعطيات التي تؤشر إلى «قرْع طبول» حربٍ محتملة لم تعدّل من برنامج عمل السلطة في لبنان المنهمكة في تسيير أمورٍ محلية بعدما تُركت «المسائل الاستراتيجية» لـ «حزب الله»، وتالياً فإن من المرجّح ان تنخرط الدولة (الرئاسة والحكومة والبرلمان) في ترجمة توصيات «لقاء تشاوري» لأحزاب الحكومة كان عُقد في القصر الجمهورية أخيراً، بغية تصويب أداء الحكم و«تفعيل الانتاجية» كإقرار تعيينات ديبلوماسية وقضائية وإقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب، وسط انصرافٍ محلي لإدارة التحالفات الانتخابية وماكيناتها استعداداً للانتخابات النيابية المقرَّرة في مايو 2018.