هيكلك العظمي عجائب وخبايا

1 يناير 1970 01:44 ص
هيكلك العظمي هو ذلك البنيان الصلب الذي لولاه لكان جسمك رخواً مثل دمية محشوة بقطن. وهو شبكة من العظام المتصلة ببعضها البعض من خلال نقاط التقاء تُعرف باسم «المفاصل».

لدى مولدك، كان هيكلك يتألف من 270 عظمة تقريبا، لكن ذلك العدد انخفض عند وصولك إلى سن البلوغ ليصبح حوالى 206 فقط، لكن يستثنى من ذلك العدد العظيمات الصغيرة جدا الموجودة في أذنك الوسطى، ألا وهي عظيمات الركاب والمطرقة والسندان، إلى جانب العظام السمسميَّة الموجودة في القدمين واليدين والركبتين. ويعود سبب ذلك التراجع في عدد عظام جسمك إلى التحام واندماج بعضها.

وعندما كنت جنينا، كانت عظامك على هيئة غضاريف طرية، أي أنسجة تتميز بكونها لينة ومرنة. ومع مرور أشهر الحمل، ينمو الجنين ويشتد قوام تلك الغضاريف تدريجيا كلما ترسبت عليها أملاح الكالسيوم، وبهذا تصبح نسيجاً عظمياً أكثر صلابة. وأول عظم أصبح صلبا في جسمك عندما كنت جنينا هو عظم الترقوة.

وعظام هيكلك مصممة بحيث تنمو مع نمو جسمك. فعند نهايتيّ أو طرفيّ كل عظمة، توجد طبقة غضروفية رقيقة تُعرف باسم «طبقة النمو». وتلعب هذه الطبقة دورا عجيبا إذ انها تسمح بنمو جسم العظمة من دون أن يتأثر رأسها، كما تسمح في الوقت ذاته بنمو رأس العظمة من دون أن يتأثر جسمها. وفي حال إصابة «طبقة النمو» بالتكلس أو بأي اختلال شديد، فإن نمو العظمة يتوقف.

تتصل عظام هيكلك مع بعضها البعض بطرق مختلفة من خلال مفاصل متنوعة تضمن لجسمك القدرة على الحركة والانثناء بسلاسة واسعة النطاق. ففي مرفقيك وركبتيك على سبيل المثال، تتصل العظام مع بعضها البعض من خلال مفاصل خطافية. أما في مفصلي الحرقفة (في الوركين) ومفصلي الكتفين، فتتصل العظام من خلال مفاصل كروية مجوفة. وفي تجاويف هذين النوعين من المفاصل وفي المفاصل التي تشبههما، يوجد غشاء رقيق يفرز سائلاً معينا يسمح بانزلاق رأسي العظمتين بسلاسة لدى تحركهما فوق بعض كي لا تتآكلا بفعل الاحتكاك والضغط.

وفي المقابل، تتصل بعض عظامك الأخرى مع بعضها البعض من خلال مفاصل ثابتة لا تسمح بأي حركة، كما في عظام الجمجمة على سبيل المثال. وإجمالا، فإن عدد عظام وجهك ورأسك يبلغ اثنتين وعشرين عظمة ثابتة (إذا استثنينا عظيمات السمع الثلاثة الموجودة في الأذن الوسطى)، ولا يتحرك إراديا من بين تلك العظام إلا عظمة الفك الأسفل فقط.

المحوريّ... والطرفيّ



ينقسم هيكلك العظمي إلى قسمين أساسيين، ألا وهما:

• الهيكل المحوري: ويتألف من عظام الجمجمة، والعمود الفقري، والقفص الصدري، والحوض.

• الهيكل الطرفي: وأجزاؤه هي عظام الطرفين العلويين والسفليين، أي عظام الذراعين والساقين بما في ذلك اليدين والقدمين.

أولا: الهيكل المحوري

هيكلك العظمي المحوري يتكون من 80 عظمة متفاوتة الأحجام والأشكال، وبيانها في التالي:

• الجمجمة



تتألف جمجمتك من مجموعة عظام قحفية متراكبة بطريقة بحيث تشكل تجويفا داخلها، وهي عبارة عن 28 عظمة متشابكة معا بمفاصل ثابتة تسمح بمقدار بسيط جدا من الحركة، وهي المفاصل التي تسمح بنمو رأس الطفل. وفي المنطقة السفلى من الجمجمة يوجد ثقب يمر من خلاله النخاع الشوكي الذي يمتد نزولا من الدماغ إلى مركز العمود الفقري.

وهناك 8 عظام تشكل صندوقا عظميا يسمى «درع الدماغ»، وهو يحيط بالدماغ والنخاع المستطيل لحمايتهما.

وفي حين يتألف وجهك من 14 عظمة، توجد في داخل كل أذن من أذنيك 3 عظام، وهي عظيمات الركاب والسندان والمطرقة التي توجد في الأذن الوسطى.

• العمود الفقري



كما أشرنا في حلقة سابقة، عمودك الفقري هو الدعامة الرئيسية لجسمك البشري، وهو يمتد طوليا في منطقة جذعك، ويتألف من 33 فقرة عظمية متراكبة فوق بعضها البعض وتفصل بين معظمها مفاصل تسمح لها بالحركة. والفقرات السبعة الأولى من أعلى هي الفقرات العنقية، وتليها 12 فقرة صدرية، ثم 5 فقرات قطنية، وبعد ذلك 9 فقرات ملتحمة في أسفل الظهر وتتصل جزئيا بعظام الحوض ومن بينها 5 فقرات تسمى الفقرات العجزية أما الاربعة الباقية فتسمى الفقرات العصعصية.

• عظام القفص الصدري



عظام قفصك الصدري عددها 24، وهي مجموعة من الأضلع المقوسة التي تؤلف معا ما يشبه القفص. ويقوم ذلك القفص بتوفير الحماية للأعضاء الموجودة في تجويفك الصدري، وبالأخص قلبك ورئتيك. وكي تفسح مجالا لحركة التنفس، تتصل عظام القفص الصدري من جهة الأمام بعظمة جامعة تعرف باسم «عظمة القص»، أما من جهة الخلف فتتصل أضلع القفص الصدري بفقرات العمود الفقري لكن أربع منها تتمفصل مع نفسها، أي لا تتصل بفقرات العمود الفقري.

• عظام الحوض



وظيفة منطقة الحوض في جهازك العظمي تتمثل في أنه يحمل ثقل جسمك ويوزعه بالتساوي على الساقين. وإلى جانب ذلك، يشكل الحوض درعاً واقية لقناة الولادة عند المرأة، كما أنه يوفر حماية لأعضاء حيوية أخرى من بينها المثانة والمستقيم وبعض أعضاء الجهاز التناسلي.

وعندما تكون في وضعية الوقوف، يكون وضع الحوض في جسم مائلاً قليلا، بحيث يشكّل مستوى مدخل الحوض مع المستوى الأفقي للأرض زاوية مقدارها 60 درجة.



ثانيا: الهيكل الطرفي

• الطرفان العلويان



الذراعان هما الطرفان العلويان في هيكلك العظمي. وتتألف عظام كل ذراع من لوح الكتف، ويليه عظم العضد، فعظام الساعد، ثم عظم الرسغ، ثم عظام المشط التي تشكل راحة اليد، وأخيرا عظام أصابـع اليد. وفي التالي وصف مبسط لكل جزء:

* لوح الكتف: عظمة منبسطة ومثلثة الشكل توجد في جهة الظهر. ويوجد في لوح الكتف بروز صغير يتصل به عظم رفيع يسمى عظم الترقوة وهو يمتد إلى الأمام ليتصل بالقفص الصدري.

* الترقوة: عظم طويل يتصل بالكتفين وبأعلى القفص الصدري، وهو يساعد على تحريك وتوجيه الكتفين.

* العضد: عظم طويل قوي ورأسه مستدير ويشكّل الجزء الأعلى من الذراع، وهو يستقر في تجويف المفصل الكتفي.

* الساعد: يتألف من عظمتين ألا وهما عظمة الزند وعظمة الكعبرة. وعظمة الزند هي المواجهة لخنصرك أما عظمة الكعبرة فهي أصغر ومواجهة لإبهامك.

* الرسغ: يتألف من 8 عظمات متراصة في صفين متوازيين يتصل بعضهما مع العظام المجاورة لها بواسطة أربطة تسهل لكل منها حركة انزلاقية لتمكين يدك من الانثناء والدوران.

* مشط وسلاميات اليد: عظام المشط هي العظام الموجودة في راحة يدك. أما عظام أصابع يدك فتسمى السلاميات (عقل الأصابع). ويتألف المشط من 5 عظام طويلة ونحيفة نسبيا، ويتصل بكل منها أصبع ينقسم إلى 3 سلاميات، باستثناء اصبع الإبهام الذي يتألف من سلاميتين اثنتين فقط ويتميز بتركيب تشريحي خاص يسمح له بأن يتحرك على نطاق أوسع من الأصابع الأخرى بحيث يتمكن من التعاون والالتقاء وجها لوجه مع كل أصبع.

• الطرفان السفليان



تتصل عظام طرفيك السفليين بالهيكل المحوري من خلال عظام حزام الحوض، حيث يوجد في السطح الخـارجي على جانب عظم كل ورك تجويف يسمى «التجويف الحُقّي» ويستقر فيه رأس عظمة الفخذ. ويتألف كل طرف سفلي من عظمة الورك، وتليها عظمة الفخذ، ثم عظام الساق، ثم عظام رسغ القدم، ثم عظام مشط وأصابع القدم.

* عظمة الورك: عظمة كبيرة تتصل من الجهة الأمامية الباطنية بارتفاق العانة ومن الجهة الخلفية الظهرية بالفقرات العجزية.

* عظمة الفخذ: عظمة طويلة وقوية، ورأسها مستدير ويستقر في التجويف الحقي، ويوجد في نهايتها السفلية نتوءان كبيران يتصلان بعظمة الظنبوب اتصالا مفصليا لتشكلان مفصل الركبة.

* عظمتا الساق: الأولى تسمى عظمة الظنبوب، بينما الثانية تسمى عظمة الشظية.

* رسغ القدم: يتألف كل رسغ من 7 عظام إحداها كبيرة ممتدة إلى الخلف لتشكّل عقب القدم.

* المشط والسلاميات: مشط القدم هو عبارة عن 5 عظمات نحيفة وطويلة تشكل راحة القدم. ويتصل بكل عظمة منها أصبع يتألف من 3 سلاميات، ماعدا اصبع إبهام القدم (الاصبع الأكبر) فهو يتألف من سلاميتين اثنتين.

«اللاميِّة»... عظمة لسانك!



نسمع أحيانا من يقول: «فلان قال كذا بعظمة لسانه». فهل للسان عظمة؟

قد يظن البعض أن عبارة «عظمة اللسان» ليست سوى مجرد مصطلح مجازي وأنه لا توجد في الواقع عظمة خاصة باللسان، لكن الحقيقة التشريحية هي أن هناك فعليا عظمة فريدة من نوعها تخص اللسان ولا يستطيع أن يتحرك من دونها!

تلك العظمة الفريدة من نوعها تُعرف باسم «العظمة اللاميّة»، وهي عظمة توجد أسفل ذقنك في منتصف الرقبة تقريبا، وتحديدا فوق مستوى الحنجرة وفوق الغضروف الدرقي مباشرة. وتشريحيا، يبدأ أصل لسانك يبدأ من عند تلك العظمة.

والعظمة اللامية فريدة من نوعها لأنها هي العظمة الوحيدة المستقلة تماما، إذ إنها مستقلة بذاتها وليس لها أي اتصال ببقية أجزاء هيكلك العظمي.

كما تشتهر العظمة اللامية بلقب «العظمة الحذوية»، وذلك لأن شكلها قريب الشبه من شكل حذوة الفرس (حرف U)، وتتصل بها عضلات وأعصاب فائقة الدقة تمتد لتتحكم في حركة اللسان، كما تتصل بقاعدة الجمجمة والغضروف الدرقي ولسان المزمار.

عظامك السمسميّة!



العظام السمسميَّة في هيكلك هي عظام بيضاوية تتراوح بين صغيرة جداً وكبيرة نسبيا.

ووفقا لما يوحي به اسمها، فتلك العظام هي على شكل حبات السمسم. وتتشكل هذه العظام في الأوتار، وتحديدا في المناطق التي يكون فيها قدر كبير من الضغط على المفاصل كالركبتين وباطن إبهام القدم وقاعدة إبهام اليد.

وتتلخص وظيفة العظام السمسميَّة في أنها تحمي الأوتار من خلال مساعدتها على مقاومة قوى وأحمال الضغط.

تتفاوت العظام السمسمية في عددها ومواقعها من شخص إلى آخر، ولكنها تكون موجودة عادة في أوتار القدمين واليدين والركبتين. والنوع المشترك الوحيد من العظام السمسمية بين جميع البشر هو عظمة رأس الركبة، وهي تلك العظمة الصابونية الشكل الكبيرة نسبيا، والتي يمكنك أن تلمسها وتحركها بسهولة، وهي الأكبر حجماً بين جميع أنواع وأشكال العظام السمسميَّة في هيكلك العظمي.

حوض المرأة والرجل... فروقات حسّاسة



هناك ثمة اختلافات وفروقات تشريحية دقيقة وحسّاسة بين شكل وبنيان عظم حوض المرأة ونظيره في حوض الرجل. ومن أبرز تلك الاختلافات ما يلي:

• عظام حوض المرأة تكون أخف وزناً كما يكون مكان اتصال العضلات بها أقل وضوحاً مقارنة بعظام حوض الرجل.

• حوض المرأة أكثر اتساعاً من حوض الرجل، لكنه يكون أقصر.

• الشرمان الوركيان الكبير والصغير يكونان أوسع وأقل عمقاً لدى المرأة عنهما لدى الرجل.

• عظام الشوكة الحرقفية والحدبة الحرقفية تتجهان إلى الخارج لدى المرأة بينما تتجهان إلى الداخل لدى الرجل.

• درجة زاوية «التقوس العاني» لدى المرأة تبلغ 100 درجة أو أكثر، لكنها تكون 90 درجة أو أقل لدى الرجل.

• شكل مدخل الحوض يكون مستديرا أو بيضاويا لدى المرأة، بينما يكون قر يبا من شكل القلب لدى الرجل.

مهام الهيكل العظمي



يقوم هيكلك العظمي بأداء وظائف ومهام كثيرة، من أهمها ما يلي:

• تشكيل الجسم وحمل الأثقال: يمنح هيكلك العظمي لجسمك شكله المتناسق المميز، كما يحمل وزن الجسم عند الوقوف وعند حمل الأثقال.

• الربط والاتصال: يتولى الهيكل العظمي مهام الاتصال بين العضلات والأربطة والأوتار.

• إمكانية الحركة: هيكلك العظمي هو أساس ومحور جميع حركات جسمك.

• توفير دروع حماية: يوفر هيكلك العظمي حماية لأعضاء حيوية في جسمك، بما في ذلك المخ والقلب والرئتان والمثانة وقناة الولادة (لدى الإناث) وبعض الأعضاء التناسلية.

• إنتاج الدم: تبدأ مراحل عملية انتاج كرات الدم الحمراء في داخل نخاع العظم.

• تخزين الأملاح المعدنية: تقوم العظام بتخزين أملاح معدنية مهمة، كالكالسيوم والماغنيزيوم والبوتاسيوم والكربونات.

البنيان التشريحي للعظمة



تشريحياً، يتشكل جسم كل عظمة طويلة في هيكلك من اسطوانة ذات طول وقطر معيّن، وهي الاسطوانة التي يكون لها نهايتان مستديرتان تعرف كل واحدة منهما باسم «رأس العظمة». ونقطة التقاء نهايتي أي عظمتين هي التي نطلق عليها اسم «مفصل».

وكل عظمة من عظامك مكسوة بغشاء ليفي خَلوي واق يتألف من أنسجة خاصة تعرف تشريحيا باسم «الأنسجة السمحاقية». وتحوي تلك الأغشية أعداداً كبيرة من الأوعية والشعيرات الدموية الدقيقة التي تتولى نقل الغذاء والأكسجين إلى العظام وإلى النخاع.

وتحت ذلك الغشاء المحيط بالعظم توجد قشرة عظمية اسفنجية النسيج وتشبه العاج، ويوجد النخاع العظمي الأحمر في فجوات تتخلل تلك القشرة وتتوالد فيه ملايين من كرات الدم الحمراء في كل ثانية. ويتركز معظم ذلك النسيج العظمي الإسفنجي عند نهايتي كل عظمة.

أما جوف العظمة فيحوي نوعاً آخر من النخاع يتميز بكونه دهنياً ويميل إلى اللون الأصفر، وهو يُعتبر مخزناً لنوع خاص من الدهون في داخل تجاويف العظام.

للتواصل مع الملف:
alrai.pulse@gmail.com