بعدما سارع إلى «العراضة» على الحدود مع إسرائيل وعينه على... البوكمال
لبنان: «حزب الله» يجعل من «ساحة النجمة» ... ساحة لمعركة النسبية أو التمديد
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |
1 يناير 1970
02:05 ص
يتّجه لبنان مع حلول 15 الشهر المقبل نحو أزمةٍ كبرى بعدما أصبح واضحاً ان حرب «الفيتوات المشتعلة» بين القوى السياسية لن تُنتِج قانون انتخاب في غضون الأيام الفاصلة عن منتصف مايو، وسط محاولاتٍ من المرجّح ان تنشط لإمرار التمديد الثالث لبرلمان العام 2009 باتفاق «عمومياتٍ» لن يكون هدفه سوى تعطيل صاعقٍ مواجهة قاسية يغلب عليها الطابع الشيعي - المسيحي.
ومن الواضح ان «حزب الله»، الذي يملك «القفل والمفتاح» في المسائل الأساسية في البلاد كان حدد شروط اللعبة حين قال مراراً وتكراراً ان الحل الذي يجنّب البلاد التمديد للبرلمان، (تفادياً لسقوط المؤسسة التشريعية في الفراغ) هو اعتماد قانون انتخابٍ يقوم على النسبية الكاملة و... نقطة على السطر.
موقف «حزب الله»، الذي يشبه «أمر عملياتٍ» ينطوي على بُعد إستراتيجي في معركةٍ يخوضها في ساحة العباسيين في دمشق او في ساحة النجمة في بيروت، وفي أي ساحةٍ من ساحات بغداد وصنعاء، لان «حزب الله» ليس مجرّد لاعبٍ داخلي يتمتع بفائضٍ من القوة، بل هو «ابن مشروعٍ» اقليمي ورأس حرْبته في المنطقة المترنّحة فوق «فالقٍ» من الزلازل الجيو - سياسية.
وقانون «النسبية الكاملة» الذي يريده «حزب الله» يَضمن له تفوقاً يمكّنه من الإمساك بغالبيةٍ برلمانية، وتالياً باللعبة السياسية الداخلية وتوازناتها وبالتوجّهات الإقليمية للبنان، وهو الأمر الذي لن يتساهل في تحقيقه حين تصبح الفرصة سانحة... فمَن ذهب الى سورية للقتال منْعاً لسقوط «حلقة الوصْل» في المشروع الممتدّ من إيران الى لبنان، لن يتوانى عن تشديدِ قبضته على القرار اللبناني عبر الانتخابات النيابية.
وثمة مَن يعتقد ان «حزب الله»، الذي سارع أخيراً الى تنظيم عراضةٍ بـ «الصوت والصورة» على الحدود مع اسرائيل، إدراكاً لحجم التحديات التي تنتظره، أصبح أكثر تَشدُّداً في مقاربةِ ملف الانتخابات النيابية في لبنان بعدما رأى المحاولة الأميركية لقطْع أوصال «الهلال الشيعي» في البوكمال على الحدود العراقية - السورية وسَمِع تلويح جنرالاتِ «الخمس نجوم» في إدارة دونالد ترامب بالحرب، ويتهيأ لعقوباتٍ أكثر توسعاً وأشدّ صرامة على بيئته.
وبهذا المعنى فإن حسابات «حزب الله» تختلف في مقاربتها لقانون الانتخاب عن تلك التي تحرّك اللاعبين الآخرين في لبنان. فإلى جانب الصراع على اقتسام «كعكة السلطة» من خلال التوازنات في البرلمان، يَطمح الحزب الى الإمساك بزمام الإمرة الاستراتيجية في «قاعدة» مشروعه المطلّة على المتوسط في حمأة الحرب على مناطق النفوذ في المنطقة.
والسؤال الآن في بيروت: هل ينجح «حزب الله» في ترويض الوقائع السياسية على النحو الذي يَضمن إمرار خياره الانتخابي القائم على النسبية الكاملة؟
ثمة معطيات تؤشر الى ان الوقت لم يعد متاحاً وسط تَدافُع بين صيغٍ لقوانين الانتخاب، تسقط الواحدة تلو الأخرى نتيجة الفيتوات المتبادلة بين القوى السياسية، وهو الأمر الذي يرجّح الذهاب نحو التمديد للبرلمان في 15 الشهر المقبل، خصوصاً ان الثنائي الشيعي لن يسمح بالفراغ في المؤسسة التشريعية المحسوبة عليه.
ومن غير المستبعد ان يفضي الذهاب الى «التمديد القسري» الى أزمة سياسية كبرى في البلاد نتيجة الـ «لا» الكبيرة للثنائي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) على هذا الخيار، وهو ما دأب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يؤكد عليه يومياً، ما قد يسبغ على التمديد مَخرجاً ما، يُرضي أصحابه ولا يُغضِب عون.
وقللت اوساط واسعة الاطلاع في بيروت من إمكان معاودة تعويم «قانون الستين» الذي علّق عون العمل به، رغم إلحاح الكنيسة المارونية على العودة إليه في حال فشلت القوى السياسية بالتوصل الى بديل عنه، فـ «حزب الله» لن يمشي بـ «الستين» أو بأي قانون آخر فإما النسبية الكاملة وإما التمديد... الذي صار أكثر رجحاناً.