خلال محاضرة أقامها «اليرموك الثقافي» في رابطة الأدباء
محمد حمام: «المنيات» مظهر حضاري تميز به العصر الأندلسي
| كتب مدحت علام |
1 يناير 1970
09:45 م
كانت للمسلمين الريادة في إجراء التجارب الزراعية... وتصنيف النباتات
نظم ملتقى اليرموك الثقافي بالتعاون مع رابطة الأدباء الكويتيين محاضرة تحدث فيها الباحث المغربي الدكتور محمد حمام عن «المنيات في الأندلس»، وقدمها الباحث الدكتور نواف الجحمة، في حضور صاحبة الملتقى الشيخة فضيلة دعيج الصباح، وأمين علم رابطة الأدباء الباحث طلال الرميضي.
وفي البداية، تقدم حمام بالشكر لصالون اليرموك وصاحبته على استضافته في مثل هذه المحاضرة، ولرابطة الأدباء الكويتيين على ما تقدمه من أنشطة ثقافية مهمة، فيما أشار إلى دور الكويت الرائد في الثقافة العربية، خصوصا في مجال الإصدارات المهمة التي تعد هدية ثقافية للعربي مثل مجلة «العربي» ومجلة «العربي الصغير» وسلاسل «عالم الفكر» و«عالم المعرفة» وغيرها، مؤكدا أن الكويت صرح ثقافي مهم في العالم العربي. وتطرق حمام في محاضرته إلى «المنيات» التي اشتهر بها المسلمون في الأندلس بداية من عبد الرحمن الداخل وصولا إلى ملوك الطوائف، وأهمية هذه «المنيات»، والتي تشبه المنتزهات في إجراء التجارب الزراعية، وعقد الصفقات التجارية وغير ذلك من الأمور التي كان للمسلمين الريادة فيها في بلاد الأندلس.
وأوضح المحاضر أن «المنية ظاهرة حضارية مهمة ومشرقة نقلها عبدالرحمن الداخل إلى الأندلس من الدولة المروانية في المشرق، بفضل ما كانت تتمتع به من وظائف مهمة وبناءة».
وأوضح أن عبدالرحمن الداخل كان كل همه مكرس في محاولة نقل الحضارة الإسلامية إلى الأندلس ومن ثم الزيادة عليها، على سبيل بعث رسالة إلى خصومه العباسيين بأنه يقوم بمجهودات مثمرة في سياق تلك الحضارة. و«المنية» كلمة تعود أصولها إلى الحقبة الإغريقية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى لغات أخرى منها العربية، وكانت معروفة في مصر وغيرها. ورغم ذلك ظلت الكلمة في جدال فكري بين المؤرخين وفقهاء اللغة. وأن هذه المنيات كانت مكانا لراحة الحاكم الذي يريد الخروج من هموم المدينة إلى متنزه يوفر له الهدوء، بفضل ما فيها من مرافق لاستقبال الضيوف وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالحكم، واتخذت هذه «المنيات» أسماء وتصورات أندلسية عدة.
وأوضح حمام أن المنيات تشير إلى الازدهار الذي حظيت بها الفترة الأندلسية، ولم يختص بها الخليفة وحده ولكن امتدت إلى أشخاص آخرين، وأنه في بعض العصور بالغ الملوك في تشييدها.
وأن هذه المنيات كانت تختص بالتجارب الزراعية، فقد طلب عبدالرحمن الداخل، الأشجار والنباتات المثمرة وغير المثمرة لزراعتها فيها. ثم قرأ المحاضر بعضا من قصائد عبد الرحمن الداخل التي قالها في تلك الأشجار خصوصا النخلة التي كان يراها غريبة مثله، وكانت تنسب هذه المنيات إلى أصحبها الذين شيدوها، أو لأحد الأشخاص المشهورين، أو قد تنسب إلى المكان الموجودة فيه، كما كانت تتأثر بالأوضاع السياسية الراهنة، حيث كانت تتعرض للتخريب من قبل الخصوم، لأنها كانت تعد رمزا للسلطة، فقد تطورت مع التطور السياسي والديبلوماسي لكل عصر أندلسي، وفي عصر ملوك الطوائف كانت هناك مغالاة في تشييدها، كما كانت تجرى فيها الطقوس نفسها المتبعة في القصور. وأكد حمام أن من أهم الوظائف التي قامت بها هذه المنيات هي الدراسات التي كانت تجرى على النباتات والتجارب الزراعية، مما يجعل المسلمون من الرواد في هذا المجال، مطالبا الباحثين والدارسين بالاهتمام أكثر في تتبع هذه الظاهرة الإسلامية الفريدة، من خلال الميدان، والمتابعة.
وتطرق المحاضر إلى المنيات في المغرب والتي كانت معروفة إلا أنها قليلة مقارنة بالأندلس، موضحا أن هناك تمايزا بين المغرب والأندلس حيث إن المتنزهات في المغرب غالبا ما كانت قريبة من المدينة، وأن ملوكها القدامى لم يعتادوا على المنتزهات بعيدا عن الحاضرة، والغريب أن «منية» هي اسم علم يطلقه المغاربة على بناتهم، لذا فإن الموضوع لا يزال فيه آفاق للبحث.