وزير «مهنة المتاعب» يجزم أمام مراسلي الصحف العربية بأنه... لن يتعب

الرياشي: خلافاتنا كبيرة مع «حزب الله» والحوار... في وقته

1 يناير 1970 01:11 ص
أطلق معركة تشكيل «نقابة الإعلاميين»... ومشروعه لدعم «المطبوع والمرئي» أمام الجلسة المقبلة للحكومة
«... ما كان مستحيلاً تَحقّق عندما أنجزْنا المصالحة بين»القوات اللبنانية» (برئاسة الدكتور سمير جعجع) و»التيار الوطني الحر» (بزعامة العماد ميشال عون)، وتالياً ليعرف الجميع ان ما من شيء مستحيل بالنسبة إليّ».

بهذه العبارة التي تنطوي على قدرٍ كبير من التصميم، افتتح وزير الإعلام ملحم الرياشي «جلسة تَعارُف» بروتوكولية مع جمعية مراسلي الصحف العربية في لبنان، تناولتْ قضايا مهنية وسياسية.

لم تكن هذه العبارة مجرّد إشارة لإنجازٍ يُفاخِر به الرياشي وطوى ثلاثة عقودٍ من صراعِ «الإخوة - الأعداء»، بل أرادها إعلان معركةٍ، اذا اقتضتْ الحاجة، لتحقيق مشروعه بتشكيل «نقابة الإعلاميين» في بيروت.

ولم يُخْفِ وزير «القوات اللبنانية» الهادئ، انه على استعدادٍ للمواجهة مهما كانتْ شرِسة، في حال فُرضت عليه من أجل هذا المشروع الذي يرى فيه إنصافاً للإعلاميين وحمايةً لهم وصوناً لحقوقهم و... آخرتهم.

هذه اللهجة الصارمة التي قلّما أطل بها الرياشي المأخوذ بـ «الحوار والتواصل والمصالحات»، مردّها الى ردٍّ أوّلي «غير مشجّع» من نقابة المحررين، بحسب ما كشف عنه وزير الاعلام في معرض الكلام عن نقابة الإعلاميين.

فالمشروع يقضي في خطوطه العريضة بتحويل نقابة المحررين نقابةً للإعلاميين الذين يعملون في وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة والالكترونية «فتصبح أكثر ملاءمة لتطلّعات الزملاء وتحدّيات المهنة، وذلك عبر:

• تأمين الحصانة المهنية للإعلامي باشتراط طلب إذنٍ من النقابة في حال استدعائه الى المخفر، تماماً كما يحصل مع المحامي، وبتأمين الحد الأدنى من أصول التعاقد مع المؤسسات الإعلامية.

• إنشاء صندوق تعاضد صحي ومهني للإعلاميين، سواء كانوا عاطلين عن العمل او يعانون مرضاً حفاظاً على كرامتهم واستقرارهم وآخرتهم وصوناً لحرياتهم.

• جعْل ولاية نقيب الإعلاميين ثلاث سنوات ومن دون تمديدٍ او تجديدٍ، وعدم إعطاء طائفته الأولوية، فيمكن ان يكون مسيحياً في حال كان نقيب أصحاب المؤسسات الإعلامية مسلماً، وكذلك العكس.

وبمرارةٍ تحدّث الرياشي عما آلتْ اليه «أوضاع بعض الإعلاميين ممن وجدوا أنفسهم فجأة بلا عمل او في المأوى، وهو الأمر الذي لن نسمح باستمراره، وعلى جميع الزملاء مؤازرتنا في المعركة من أجل هذا المشروع الذي لن نتراجع عنه»، مشيراً الى ان «نقابة الاعلاميين ستضمّ مجموعة مكاتب للمطبوع والمرئي والمسموع والالكتروني وللشكاوى ولمتابعة شؤون الإعلاميين اللبنانيين العاملين في وسائل إعلام غير لبنانية».

وكشف الوزير «القوّاتي»، الذي كان وَعَد بإلغاء وزارة الإعلام وتحويلها وزارةً للتواصل والحوار، عن ان مجلس الوزراء سيناقش في الجلسة المقبلة 6 مشاريع قوانين تَقدّم بها من أجل دعم الإعلام الورَقي والمرئي في مواجهة أزمات متعاظمة تواجههما، شارحاً «انها تتضمّن إعفاءات ضريبية، وإعفاءات جمركية، وإعفاءات عن الأملاك المبنية، وإعفاءات من الـ T.V.A المفروضة على الاعلانات، ودفْع 500 ليرة عن كل عدد صحيفة مباع، وحلول الدولة مكان أرباب العمل في الضمان فتدفع عنهم ما يترتب عليهم على مدى سنتين او ثلاث، اي في مرحلة الانتقال، من الورَقي الى الرقمي. أما مَن يختار البقاء على الورَقي، فهذا شأنه لكن لا يمكن تحميل الدولة تبعة ذلك، وخصوصاً ان علينا ان نحاذر من تحويل تلك الوسائل إعلاماً رسمياً لاتكائها على مساعدة الدولة، فالحرية يجب ان لا تُمس».

ورغم ان الرياشي منحازٌ لـ «الورق، ففيه رائحة عراقة لبنان»، فإنه اعتبر ان «العالم أصبح في مكان آخر، فمن يبيع اليوم 10 آلاف نسخة ورَقية في أحسن الأحوال، يمكنه عبر الالكتروني ضمان الاستحواذ على 15 مليون قارئ، وهو ما يَفترض عملية انتقال تدريجي». وقدّم في هذا الإطار تجربة صحيفة la presse الكندية «التي كانت تبيع 300 ألف نسخة في كيبك، فانتقلتْ الى الرقمي في عمليةٍ استمرّت ثلاثة أعوام ويُقدّر قراؤها اليوم بـ 10 ملايين شخص، رغم انها ما زالت تُصدِر عدداً ورقياً من 100 صفحة كل يوم أحد لأن القارئ يرغب في نهاية الأسبوع بقراءة مطبوعة ورَقية تقدّم له ملفات متخصصة تعكس اهتمامه».

وكما بالنسبة الى نقابة المحرّرين، كذلك الأمر بالنسبة الى نقابة الصحافة، فالوزير الرياشي قدّم مشروعاً لتحويلها نقابة لأصحاب الوسائل الإعلامية، وهو باشر حواراً مع النقيب عوني الكعكي، وخصوصاً «ان من الصعب ترْك الإعلام الالكتروني على ما هو، اذ يفترض جعْله جزءاً من النقابة وفق معايير واضحة وضمانات محدَّدة، ولا يمكن لمرء أطلق موقعاً الكترونياً من غرفة النوم ان ينضمّ الى النقابة».

هذا عن شؤون وشجون «مهنة المتاعب» ووزيرها الذي يجزم بأنه لن يتعب، لكن ماذا في السياسة وهمومها؟

اول «السين جيم» مع وزير المصالحة «المسيحية» كما يحلو للبعض وصف الرياشي، هو عن احتمالات الحوار بين «القوات» و»حزب الله». وبلغته «التصالحية»، ردّ: «كل شيء وارد. نحن بطبيعتنا نمدّ يدنا للحوار، الحوار الندّي وفق قناعاتنا السياسية ووفق المعطى الذي يطرأ لحظة الحوار»، لافتاً الى «ان الحوار يَجري بين مختلِفِين، ولذا فنحن لا مانع لدينا. علماً ان ثمة خلافات أساسية كبيرة بيننا، منها قتال حزب الله في الخارج، وسلاحه، اضافة الى مسائل اخرى»، مستعيناً بـ «سفر الحكمة» ليقول «لكل شيء وقته»، ولافتاً الى انه رغم «عدم وجود مباحثات بيننا وبين حزب الله (حوار)، إلا ان تَواصُلنا قائم على مستوى الورزاء في الحكومة والنواب في اللجان المشتركة، ونلتقي سوياً حول بعض الملفات وكان آخرها الموازنة والكهرباء».

ووصف الرياشي أجواء القمة العربية حيال لبنان بـ «المنيحة»، لكنه اعتبر ان «العَبرة في النتائج»، داعياً الى «انتظار ما يحمله رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارته للمملكة العربية السعودية لمعرفة ما سيكون عليه المزاج الخليجي حيال العودة الى لبنان»، ومعلّقاً على رسالة الرؤساء السابقين للجمهورية والحكومة الى القمة والضجة التي أثيرت حولها بالقول: «هذا الأمر من ضمن حرية التعبير عن الرأي، اما نحن (القوات) فموقفنا مع التضامن الحكومي، والحكيم (جعجع) عبّر عن ذلك بالقول إن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يعبّران عن موقف لبنان خير تعبير».