«اختبار» قمة عمّان يضع بيروت أمام مفترق
أبريل اللبناني... ما بعده لن يكون كما قبْله
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |
1 يناير 1970
02:17 ص
سلة الأزمات - الاستحقاقات الشهر المقبل تجعله كـ «الصندوق الأسود»
... غالباً ما يكون «ابريل اللبناني» شهر المنعطفات القاسية، التي ما بعدها ليس كما قبلها... من ابريل الـ 1975، بداية الحرب المشؤومة التي استوطنتْ لبنان على مدى عقدٍ ونصف عقد من الزمن، مروراً بـ «تفاهم ابريل» 1996 الذي وضع «قواعد اشتباكٍ» معترَف بها بين اسرائيل و«حزب الله» في جنوب لبنان، وصولاً الى انسحاب الجيش السوري من لبنان في ابريل الـ 2005، إضافة الى «ابريليات» أخرى مشابِهة او أقلّ أهمية.
في ابريل المقبل على لبنان، تجتمع الأزمات والمآزق والاستحقاقات، وكأن هذا الشهر مرشَّحٌ لأن يكون «الصندوق الأسود» الذي من شأن نتائجه تبديد سوء الانقشاع الذي يحوط مصير الوقائع الغامضة في الداخل، كما في العلاقة مع الخارج، خصوصاً ما ستؤول إليه الملفات الساخنة كقانون الانتخاب والموازنة وسلسلة الرتب والرواتب وسلّة الضرائب، الى جانب العلاقة مع دول الخليج واتجاهات الريح في المواجهة المؤجَّلة بين اسرائيل و«حزب الله».
فـ «لعبة التوازنات السلبية» بين القوى السياسية في بيروت، جعلتْ الملفات الأكثر حماوة في «سلّةٍ واحدة» أرجئ بتّها الى ابريل وتُستخدم عناوينُها في إطار الضغوط المتبادَلة التي تتناول في شكلٍ رئيسي قانون الانتخاب كأداةٍ لترسيم حجم التوازنات في السلطة، وسط انطباعٍ بأن سلسلة الرتب والرواتب (ومَصادر تمويلها) تحوّلت واحداً من «الأسلحة» في المنازلات الدائرة حول قانون الانتخاب الذي استقرّت أخباره حتى الآن على الوقائع الآتية:
• بعد مراسم الدفن الرسمية للقانون النافذ، الذي أجهز عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يعد في الامكان إنقاذ البرلمان الحالي من الفراغ (تنتهي ولايته في 20 يونيو) إلا بالاتفاق على قانون انتخابٍ جديد يشتمل على تمديد «تقني» لمجلس النواب.
• في حال لم يتم الاتفاق على قانون انتخاب جديد قبل 17 ابريل، فإن البرلمان «السيّد نفسه» ذاهِبٌ الى التمديد لنحو سنة لضمان الاستقرار النسبي للسلطة التشريعية والحؤول دون سقوطها في «الفراغ»، وهو - اي التمديد - ما سيشكّل صفعةً للعهد الجديد الذي قد يُرغَم على تَجرُّع هذه الكأس المُرة.
• ما زالت الضبابية تحوط مناقشة الصيغ الملائمة لقانون الانتخاب، وسط ايحاءاتٍ بحظوظ متقدّمة لما اقترحه «حزب الله» والقاضي باعتماد النسبية الكاملة كنظامٍ انتخابي في إطار لبنان دائرة واحدة او دوائر موسّعة بعدما سلّمت غالبية الأطراف بـ «الفكرة» وباشرتْ مناقشة «شياطين» التفاصيل.
وعلمتْ «الراي» أن «تيار المستقبل» الذي أبدى انفتاحاً على مناقشة قانون «النسبية الكاملة» لم يَحسم خياره في هذا الشأن، وتالياً لم يبلغ موافقته لأحد كما يُشاع، وخصوصاً ان ثمة معايير ترتبط بالدوائر والصوت التفضيلي وأيضاً بنسبة الحدّ الادنى من الأصوات التي يجب ان تحصل عليها اللائحة للحصول على نصيبها من المقاعد، ومن شأن مَواقف الأطراف حيالها نسْف المشروع او إمراره.
وقالت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت لـ «الراي» انه رغم اقتران الإلحاح على الحاجة الى التفاهم حول قانون جديد للانتخاب قبل 17 المقبل بضخِّ أجواء ايجابية، فإن التحوّط الذي يبديه رئيس البرلمان نبيه بري عبر المشاورات مع القوى السياسية الرئيسية لضمانِ التمديد للبرلمان في حال لم يتم أي اختراقٍ في الأسابيع الثلاثة المقبلة يؤشّر الى تَضاؤل حظوظ التوافق على القانون قبل بلوغ الخط الأحمر، أي 17 الشهر المقبل.
وأبدتْ الأوساط نفسها الخشية من أن يلقى اقتراح «النسبية الكاملة» مصير أكثر من خمس صيغ لقوانين انتخابٍ تهاوتْ الواحدة تلو الأخرى، وبينها ثلاثٌ كان اقترحها رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجهورية) وزير الخارجية جبران باسيل وأرْدتها حرب الفيتوات المتبادَلة. ومن الصعب، في ضوء ذلك، التكهن بمصير «القنبلة الموقوتة» المتمثّلة بملف سلسلة الرتب والرواتب ومَصادر تمويلها بعدما رُبط أمرها ببتّ قانون الانتخاب، عقب محاولات احتواء الغضبة الشعبية التي كانت شهدتها بيروت يوم الأحد الماضي.
أما الاختبار الأكثر قسوةً الذي ينتظر لبنان، فيطلّ على أبريل المقبل من بوابة القمة العربية المقرَّرة في 29 و30 الشهر الجاري، وسط انتظارٍ ثقيلٍ لما سيكون عليه موقف لبنان الرسمي من مسائل بالغة الحساسية كإدانة التدخل الايراني في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، رغم طمأنة رئيس الحكومة سعد الحريري من القاهرة الى ان كلمة الرئيس عون ستعبّر عن طموح كل اللبنانيين.
وتأتي الاطلالة المرتقبة لعون من على منبر القمة العربية بعد تصريحاتٍ سابقة له تَسبّبتْ بانتكاسةٍ في العلاقة مع الأسرتيْن العربية (الخليجية تحديداً) والدولية، لما انطوتْ عليه بومها من محاولةٍ لإضفاء الشرعية على سلاح «حزب الله»، المصنَّف من مجلس التعاون والجامعة العربية على انه «منظمة إرهابية».
ويكتسب اختبار قمة عمّان للموقف اللبناني أهميةً بالغة في لحظةِ تصعيدٍ متدحْرجٍ بين الولايات المتحدة ودول الخليج من جهة وإيران من جهة اخرى، وفي غمرة أجواء الحرب التي كانت خيّمت على المنطقة مع مجيء دونالد ترامب وصداها... الدائم.