طالب المحتجين بتشكيل لجنة للحوار... ومرافقوه شكلوا درع حماية له
الحريري أَصرّ على محاورة «الشارع» ومتظاهرون قاطعوه... بالعصي والزجاجات
| بيروت - من وسام أبو حرفوش وليندا عازار |
1 يناير 1970
01:32 ص
• جنبلاط أَلْبس كوفية الزعامة لنجله أمام مدٍّ بشري في المختارة
كشف «أحد الشارع» في لبنان، أمس، عن رأسِ جبلِ أزماتٍ عميقة في بيروت تطول الواقع المالي - المعيشي من بوابةِ سلّة الضرائب لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، والواقع السياسي من بابِ الصراع على قانون الانتخاب الجديد.
وبين وسط بيروت وساحة المختارة (معقل زعامة النائب وليد جنبلاط)، تَوزّع المشهدُ اللبناني عبر تظاهراتٍ احتجاجية على تخومِ السرايا الحكومية رفْضاً للضرائب الجديدة، وحشْدٍ شعبي هائل في المختارة تُوِّج بإلباس النائب جنبلاط كوفية الزعامة لنجله تيمور.
وبدتْ العودة إلى الشارع في لبنان ذات أبعادٍ سياسية بامتياز رغم الطابع الاجتماعي - المعيشي لتظاهراتِ وسط بيروت، والطابع الشعبي لمهرجان إحياء الذكرى 40 لاغتيال النظام السوري مؤسِّس «الحزب التقدمي الاشتراكي» كمال جنبلاط الذي أقيم في المختارة.
ولم تُخْفِ أوساطٌ سياسية مطلعة في بيروت ارتيابها من ترْك رئيس الحكومة سعد الحريري يواجه وحيداً غضب الشارع من سلّة الضرائب الجديدة، وسط انكفاءٍ متدرّجٍ لغالبية القوى السياسية عن تغطية هذه السلّة، الأمر الذي أثار مخاوف من أن تتدحْرج الاحتجاجات كـ «كرة الثلج» على النحو الذي يضمر محاولةَ إحراجِ الحريري لإخراجه.
وأَدْرَكَ الحريري حساسية الزاوية التي يُحشر فيها و«الهدية المسمومة» التي رُميتْ بين يديْه، فانبرى في خطوةٍ جريئة لم تخْلُ من المجازفة إلى النزول إلى الساحة ومخاطبة المتظاهرين عبر مكبّر الصوت، في محاولةٍ لطمأنتهم إلى أنه يسمع أوجاعهم، معلناً أن الحكومة ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعملان لمكافحة الفساد والهدر.
ورغم لفْتة حُسن النية من الحريري، فإن متظاهرين حاولوا رشْقه بالزجاجات الفارغة والعصي التي شكّل مرافقوه «درع حماية» له منها، من دون أن يمنعه ذلك من توجيه رسالته والعودة إلى السرايا الحكومية لتشهد ساحة التظاهر في رياض الصلح بعدها أعمال شغبٍ مع إزالة المتظاهرين الحواجز التي كانت تفصلهم عن القوى الأمنية، ورشْقها من ملثمين بالمفرقعات والزجاجات والعصي.
وإذ أكمل الحريري «حواره» مع المتظاهرين عبر «تويتر» داعياً منظّمي تَحرُّكهم إلى «تشكيل لجنة ترفع مطالبهم لمناقشتها بروح إيجابية»، أبدتْ دوائر مراقبة في بيروت خشيتها من استغلال بعض القوى السياسية هذه الموجة من الاحتجاجات في لعبةِ «عضّ الإصبع» حول قانون الانتخاب، لاسيما بعد سقوط «المهلة الهالكة» التي أطاحت بإمكان إجراء الانتخابات النيابية قبل نهاية ولاية البرلمان الحالي في 20 يونيو المقبل.
وسادتْ أجواء في بيروت توحي بأن «حزب الله» يتّجه إلى الضغط نحو فرْض خياره في شأن قانون الانتخاب لجهة اعتمادِ نظام الاقتراع النسبي الكامل على النحو الذي من شأنه إضعاف خصومه في مختلف الطوائف.
ولم يكن ممكناً فصل المشهدية غير المسبوقة في المختارة، أمس، عن الكباش حول قانون الانتخاب حيث رسم النائب وليد جنبلاط عبر «الانتفاضة الناعمة» التي شهدها معقل زعامته خطّ دفاعٍ في وجه محاولات تحجيمه في الصيغ الانتخابية التي تُطرح.
ورغم أن جنبلاط المهجوس بمحاولات تهميش مكانته في المعادلة السياسية اعتمد خطاباً هادئاً، إلا أنه وجّه سلسلة رسائل «مشفرة» على شكل «وصايا» لوريثه في الزعامة الجنبلاطية تيمور ومناصريه حول مصالحة الجبل (المسيحية – الدرزية) والحوار والعروبة وفلسطين.
ولفتتْ مخاطبة الزعيم الدرزي أنصاره بشعار «ادفنوا موتاكم وانهضوا» الذي كان رفعه يوم اغتيال والده قبل 40 عاماً، وكأنه يستشعر التحديات المتعاظمة التي تحوط به وبطائفته.