نائب رئيس الوزراء السوري السابق تمكّن من دخول أميركا رغم قرار حظر السفر
الدردري «حاشد التمويل» لمصلحة الأسد أصبح مسؤولاً في «البنك الدولي» !
| إعداد عبدالعليم الحجار |
1 يناير 1970
09:36 م
تمكن نائب رئيس الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري، المقرب من رئيس النظام بشار الاسد، من الدخول الى الولايات المتحدة رغم قرار الرئيس دونالد ترامب بمنع دخول مواطني 6 دول شرق أوسطية وأفريقية، بما فيها سورية، لتسلم وظيفته في البنك الدولي بهدف الترويج لحشد الأموال لاعادة اعمار سورية.
وأثارت هذه الخطوة دهشة لدى البعض، وهي الدهشة التي لخّصها خبير مخضرم في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن قائلا إن «مجموعة الناس الذين يحظون باحترام حقيقي في سورية صغيرة على نحو مثير للدهشة، والجميع يعرفون بعضهم البعض، وكثيرون منهم يشعرون بالقلق إزاء أن يتم ربط أسمائهم بالدردري. فهم ينظرون اليه باعتباره راعي حشد التمويل لمصلحة نظام الأسد، وأنه (الدردري) نجح في الوصول بطريقة ملتوية إلى المؤسسات الدولية، وهي الطريقة التي يزاول بها عمله الآن».
ويحق للمرء أن يتساءل: «كيف يتسنى لشخص يُنظر إليه باعتباره كان حاشد تمويل لمصلحة مجرم حرب (أي بشار الأسد) ارتكب عمليات قتل جماعي أن تُعرض عليه وظيفة في البنك الدولي؟». والواقع أنه سؤال وجيه، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن الدردري لم ينشق يوما عن النظام السوري، ولم يتفوه يوما بكلمة ضد الأسد، ولم يشارك مطلقا في السياسة المعارضة للنظام. وبدلا من ذلك، وعندما انطلقت الانتفاضة ضد بشار الأسد، فإن الدردري جمع متعلقاته وانتقل الى عنوان مجاور- إلى بيروت. وبعيدا عن أن يتلاشى في غياهب النسيان هناك، فإنه بدأ العمل لدى «مفوضية الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا»(الإسكوا)، حيث أصبح نائبا للأمين التنفيذي للمفوضية بحلول العام 2014.
ونقل موقع tabletmag.com عن مصدر عربي مطلع في بيروت، إن الدردري حافظ على اتصال منتظم مع دمشق، حيث دأب باستمرار على القيام برحلات مكوكية ذهابا وإيابا. وفي الواقع، ووفقا للمصدر نفسه، فإن ديبلوماسيين أوروبيين في بيروت «تذمروا من أن المكتب الخاص بالدردري في الإسكوا كان مثل سفارة سورية ثانية».
وبحلول العام 2013، كانت هنالك تقارير غير مؤكدة مفادها بأن الدردري كان جلب إلى الأسد عرضا لتقديم قرض بقيمة 21 مليار دولار من البنك الدولي لإعادة الإعمار، وهو الأمر الذي قد يفضح طبيعة وظيفة الدردري. والأكثر من ذلك هو أن الدردري كان مدركا أن العقوبات تشكل عقبة رئيسية لأنها تعرقل بشدة المعاملات المالية والصادرات والاستثمارات المباشرة.
وفي أوائل العام الماضي، قام الدردري، بالشراكة مع البروفيسور ريموند هاينبوش الأستاذ في «المركز السوري للدراسات» التابع لـ «جامعة سانت أندروز» التي لديها علاقة طويلة الأمد مع والد زوجة الأسد، فواز الأخرس، الإشراف على إعداد تقرير عن تأثيرات الحرب والعقوبات على اقتصاد سورية.
وكان تقرير «الإسكوا» بمثابة نقطة الانطلاق الرئيسية لمنظومة حملة إعلامية ركزت على ضرورة تخفيف العقوبات والسماح للأسد بالوصول إلى الأموال، وإلى رفع أولوية القضية ضمن ترتيب قائمة جدول أعمال اللاعبين الدوليين. وتصاعدت تلك الحملة وصولا إلى مؤتمر أقيم في دمشق ونظمه الأخرس، من خلال «الجمعية البريطانية السورية» التي أسسها في العام 2003.
وبعدما أنجز حملة بدأت أساسا في مكتبه في «الإسكوا»، أعقب الدردري حفلة العلاقات العامة تلك التي أقامها برحلة إلى واشنطن حيث قام بمحاولته لتمويل إعادة إعمار سورية خلال المؤتمر السنوي لـ «معهد الشرق الأوسط» في نوفمبر، حيث قال أمام الحضور إن «سلاما غير عادل هو أفضل من حرب عادلة». والواقع أن مغزى ذلك الكلام لم يكن لغزا غامضا، ألا وهو: الأسد سيبقى في سدة الحكم، وإعادة الإعمار ستتم من خلاله.
وإلى جانب العقوبات، فإن الدردري قد يكون مدركا لعقبة رئيسية أخرى، وهي التي شرحها لجمهور مستمعيه خلال مؤتمر «معهد الشرق الأوسط». فكمية المال المطلوبة ضخمة (حيث طرح الدردري تقديرا قوامه 350 مليار دولار)، كما أن حشد تمويلات مجانية (وهي التمويلات التي يسعى الأسد إليها) أو الاستثمارات التي بهذا الحجم ليس بالأمر السهل. وقال الدردري:«المنح التي بهذا الحجم لن تكون متاحة في نطاق 200 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، فإننا لا نريد الخروج من إعادة الإعمار ودولتنا مديونة على مدار السنوات الـ 100 المقبلة».
ويقول الدردري مرارا وتكرارا إن «الروس والإيرانيين ليس لديهم ذلك النوع من المال كي ينفقوه على سورية. والحقيقة هي أنهم ليسوا أغبياء بما فيه الكفاية كي يفعلوا ذلك طالما أن في وسعهم أن يجعلوا آخرين يدفعوا فاتورة الدمار الهائل الذي تسببوا به هم وعملاؤهم». ومن هذا المنطلق، فإن الدردري والروس بدأوا يصدحون من كتاب الأغاني نفسه، ألا وهو: المطلوب هو جهد جماعي لتمويل عملية إعادة الإعمار، وهي العملية التي أطلق عليها الروس اسم «خطة مارشال لسورية».
والواقع أن الأوروبيين ربما يكونون منفتحين إزاء دفع أموال لإعادة الإعمار إلى حكومة يرأسها الأسد. ففي ديسمبر الماضي، تحدثت المندوبة السامية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عن حرص أوروبا على تقديم دعم في سبيل إعادة الإعمار، مشروطا بموافقة الأسد على «تقاسُم سلطة».
وعبر الدردري عن نسخة (من هذا المنطق) قابلة للتسويق، ألا وهي: لا تنظروا اليه باعتباره تمويلا للأسد، انظروا اليه كـ «فرصة اقتصادية»، مع فوائد إضافية «في مجالات السلام و مكافحة الإرهاب». ومعنى كلامه، جوهريا، أنه: «إذا قمتم بتمويل بأثر رجعي لآلة القتل الجماعي الخاصة بالأسد، فإنكم في الحقيقة تفعلون ذلك لمصلحتكم».
وانطبق الشيء نفسه على رب عمل الدردري الجديد (أي البنك الدولي). وقال الدردري:«كنت في مناقشات مع مسؤولين في البنك الدولي في الآونة الأخيرة وقالوا أيضا إنه لا توجد أي أموال لمنحها لسورية، لذا لا تتوقعوا مجيء أموال ضخمة إلى سورية». ومن خلال تولي وظيفة في البنك الدولي، فإنه من المفترض أن الدردري سيصبح في وضع أفضل لدفع عجلة أجندة إعادة الإعمار انطلاقا من مقره في واشنطن.