ضمن فعاليات «مهرجان القرين الثقافي» الـ 23
أربعة شعراء... أنشدوا للحياة قصائد مزدانة بالجمال
| كتب مدحت علام |
1 يناير 1970
10:03 م
الأمسية شارك فيها أعضاء من منتدى المبدعين الجدد في رابطة الأدباء
يتواصل دعم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمبدعين الشباب من خلال إشراكهم في الكثير من أنشطته وفعالياته، وفي مكتبة الكويت الوطنية كي يُقام ضمن «مهرجان القرين الثقافي» في دورته الـ23 أمسية شعرية شارك فيها أربعة شعراء شباب بالتعاون مع منتدى المبدعين الجدد التابع لرابطة الأدباء الكويتيين.
وتأتي الأمسية في إطار دعم الشاب المبدع وتشجيعهم، من أجل التواصل مع عطاءاتهم الشعرية، ومن ثم إعطاء فرصة كافية للجمهور المتذوق للشعر كي يتعرف عليهم، ويكون قريبا من تجاربهم الشعرية المتوهجة بالحيوية.
والشعراء المشاركون في الأمسية هم سعد العجمي وجابر النعمة وندى الأحمد وسالم الرميضي... فيما تنوعت القصائد الملقاة بين الفصحى والعامية، بالإضافة إلى التنوع في المواضيع التي تطرق إليها الشعراء.
والأمسية أدارها الكاتب فهد القعود، وتناوب فيها الشعراء في إلقاء القصائد... كي ينشد الشاعر سعد بن ثقل العجمي قصائده التي اتسمت بالكثير من المفردات المستوحاة من الحياة في انساق شعرية جذابة ليقول في قصيدة «منتظر الصحراء» من ديوان يحمل اسمه العنوان نفسه:
كل السؤالات
ماتت
قبل ان تصلا
يا طور سيناء
هل مازلت مشتعلا
تاهت...
خطى الغيم
صحرائي: كعادتها
ظمأى
أيروي صداها الحب إن هطلا
وفي هذا السياق الشعري اتخذ الشاعر من الفلسفة طريقا لفهم الواقع، ومتسعا يتحرك فيه خياله لوضع أجوبة لتساؤلات تبدو في مضامينها مفعمة بالغموض، وبدت في «قصيدة قابلة للانفجار»الرؤى متحركة في أكثر من اتجاه ومتناسقة مع الموسيقى الداخلية، ومع ما يتحدث عنه الشاعر في سياق الصراع النفسي بين الماضي بأصالته والحاضر ببريقه الخداع ليقول الشاعر:
أنا...
لن أجرجر
في القصيدة
ناقة
أضحت
لدى عمري
من الأغراب
صحراء أجدادي...
بنينا فوقها
خيما
ولكن ناطحات سحاب!
واتسمت قصيدة «هبة الحسين»... بمساحة كبيرة من الحب والسلام، ومن ثم الإطلالة العميقة على الماضي، ومدح آل البيت بصفاتهم ومقاماتهم العالية، ومن ثم فإن العجمي يتناول في قصيدته رؤى مكثفة، وذات إسقاطات حسية على الواقع من خلال استحضاره للتاريخ ليقول:
آثار عطرك...
في كفي
وفي عنقي
ووحي طرفك
منساب
على الورق
وجاءت قصائد الشاعرة ندى الأحمدي في انساق رومانسية، متفاعلة مع الخيال والواقع معا وذلك وفق احتفاء جمالي بالكلمة لتقول في قصيدة لها:
لقد اختصرت شعور الحب أكمله
لغير قلبك لا لا شيء احمله
فكيف أنسى غراما كان يجمعنا
وجمر شوقك بالوجدان تشتعل
قد قبح البعد عذرا حين فرقنا
يا ليت للبعد عذرا يوم نقبله
وتتواصل الشاعرة مع مضامين قصائدها، تلك التي استوحت مفرداتها من مدلولات شعرية تتحرك في اتجاهات مفعمة بالحيوية والتألق لتقول:
أنت الطريق إذا الدروب تشردت
وليس لي عن ذا الطريق بشاغل
إني أقلب ذكرياتي ولم أزل
مستلقيا فوق الغرام ككاهل
أمواج شوقي في غيابك قد علت
صارت تهيج وتستقل بداخلي
وتتواصل الشاعرة مع قصائدها متنقلة بين صورها الشعرية، التي ترسمها بعناية فائقة من خلال مفردات متناسقة مع الوجدان الإنساني لتقول:
منذ الفراق ومنذ يوم وداعهم
ما لا بدر او تلألأ شارق
فالدمع يهطل والعيون حزينة
والطرف من سهر الليالي ذائق
أشتاق للمرسى وكم أحنو له
والدمع في عصف اشتياقي دافق
ثم اتسمت قصائد الشاعر سالم الرميضي بقوة المفردات وجمال المعاني والقدرة على استشراف معان جديدة في متون قصائده، ليس على مستوى الشكل فحسب، ولكن أيضا على مستوى المعاني والأخيلة ليقول في قصيدة «قبل الـ بعد»:
هنا
ذات يوم
قد أمر مرورا
ويجلس
صمتي مع أناي
وقورا
أمر على
كل الكفوف
مصافحاً
وأخفض صوتا
كان أمس
جهورا
وتتناغم الرؤى في تواصل دائم مع مفردات الرميضي الشعرية، وذلك وفق ما يبثه من خيالات متوهجة بالحيوية ومتفاعلة مع المعاني ليقول في القصيدة نفسها:
أنا الضيف!
هل فعلاً
يخاطبني أنا!
نعم
فأنا وحدي الغريب
حضورا
وتتوالى الرؤى في قصائد سواء الشعبية او الفصحى، بأساليب شعرية متجددة وبرشاقة في اختيار المفردات والمعاني ليقول في قصيدة «إلى حيث لن ألقاك...؟»:
أحقا تركتِ الودَّ؟ من بعد ما صنتِ
إلى حيث لن ألقاكِ راحلة أنتِ؟
أضعتِ هوانا باتباع حسودنا
وكان حريًّا قبل ذا لو تبيَّنتِ
ألم يستثرك الشعر؟ ينساب مفعماً
عليك بأنواع الحلِيِّ الذي زِنْتِ
يلحن إيقاع ابتسامك نوتة
يصيح لها طير الكناري: أحسنتِ
واللافت في قصائد الرميضي أنها كثيرة الاحتفال بالجمال، كما أنها تتوهج بالمعاني التي تصور الواقع في أنساق خيالية، ووجدانية وعاطفية ليقول:
ألم يتوقف نبض قلبك لحظة
لذكرى وصال بالمحبة لوَّنتِ
لعاشقك المجنون فيك صبابة
يغنيك يا مواله مذ تلحَّنتِ
متيم عينيك اللتين ضياهما
ينير ظلامات من الصدّ دكَّنتِ
ومغرمك المسكون فيك تأرجحت
مجرته والكون مذ قيل قد بنتِ
فهل ظفر الواشون بالبين بيننا؟
ولما دعوا بالموت للوصل أمَّنْتِ!
بينما عبرت قصائد الشاعر جابر النعمة عن تداعيات إنسانية مفعمة بالكثير من الرؤى، التي تواصل من خلالها الشاعر مع صور شعرية متخيلة. ومن ثم قرأ الشاعر بعضا من قصائد ديوانه «تمهيدا لولادتي» ليقول في قصيدة «الكثير الكثير من نقاط الضعف»:
انسحب الشاعر من عالمه
مستمعا للصرخة المزلزلة
مرتجفا
«ليس علي أن أقول أي شيء
فلا أنا ميت
ولست مثل أي حي
بينما جاءت قصيدة «أدون مشاهدي وأهرب»، كي يستكمل بها الشاعر رؤيته للواقع، ولكن في نسق شاعري جذاب ليقول:
جردوه من اسمه
من حلمه المتكرر
من موته مثلما يتصور أو يشتهي
من محاولة لاكتشاف العداوة
بين الزمان والمكان
وساقوه نحو النهاية
كي يعرفوا أوله
وقصيدة «هل تأذنين لي أن أدعوك حبيبتي» تحمل في متنها الكثير من المدلولات الحسية التي يحاول الشاعر من خلالها فهم الواقع ليقول:
وكما أنت، جئتِ
كما قال لي الليل عن حلمي
وكما قيل لي
عن أساطير هنا الآن
ليست تعاد
وليست تكون.
وفي ختام الأمسية كرم مدير عام المكتبة الوطنية الدكتور كامل العبد الجليل، الشعراء الذين شاركوا في الأمسية بشهادات تقدير.