ترامب «اللبناني»... العيْن على «حزب الله»
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |
1 يناير 1970
08:28 م
يدخل «الكوكب» هذا الأسبوع، وبخطى بطيئة وحبْس أنفاس، مرحلةً جديدة مسكونة بالألغاز مع الدخول «الثقيل» لدونالد ترامب، الرجل الذي لا يُتوقّع، الى البيت الابيض، المرشّح ان يتحول «بيت مفاجآت» يصعب التكهّن بها مع سيّد «الغرائب والعجائب» الجالس في المكتب البيضوي.
ها هو «المُغامِر» يبدأ عهده «الصادِم» وقبل التتويج بمواقف «ولا في الأحلام او الكوابيس»... يفتح النار على «الناتو» ويصوّب على اوروبا ويتوعّد ايران ويغازل روسيا، في مستهلّ مسلسلٍ «هوليوودي» سيكون مفتوحاً على «تشويقٍ خشن» بدأتْ ملامحه في انقسامٍ غير مسبوق بين الاميركيين الذين سيكونون بعد غد على موعدٍ مع ما يشبه «المصارعة الحرّة» في الشوارع المؤدّية الى البيت الابيض.
لبنان، القابع في عين تحوّلاتٍ لاهبة من حوله، «يفرك يديْه» كسواه من الدول الواقعة فوق خط الزلازل في شرقٍ أوسط تحتلّه فوضى لم يعرفها منذ مئة عام، وينتظر مصيره الغامض جلاء الخيط الأبيض من الأسود في سياساتٍ أشدّ غموضاً للسيد الجديد في البيت الابيض الذي يتعاطى «نصف» الأميركيين ومعهم غالبية العالم مع تنصيبه كأنه «يوم أسود».
في العموميات «الترامبية» التي تعني لبنان، مواقف أطلقها إبان حملته الانتخابية وبعد انتخابه ومع تركيب إدارته وما أعلنه على عتبة دخوله المكتب البيضوي، والتي تشي بأربع مفارقات: انفتاحه على التعاون مع روسيا، مناهضته لايران، فائض دعمه لاسرائيل... وفي سورية استعداده للحرب على «داعش» بمعزلٍ عن اي موقف من الرئيس السوري بشار الأسد.
وبهذا المعنى فإن نقطة التقاطع «اللبنانية» بين الشرق الأوسط وترامب ستكون «حزب الله» وفي اتجاهيْن: مناهضة الإدارة الاميركية الجديدة للدور الإيراني في المنطقة والذي يشكل «حزب الله» رأس حربته، والعمل على حماية اسرائيل من أي خطرٍ يتهددها، ما يجعل الحزب في عين العاصفة ومعه لبنان الذي يختبر منذ نحو شهرين تسوية داخلية، بما يشبه ضوء أخضر اقليميا، فرضتْها أخطار انهيار الدولة عقب عامين ونصف عام من الفراغ الرئاسي وشلل آلة الحكم.
وقد يكون من السابق لأوانه التكهن بما سيكون عليه سلوك «حزب الله» القابض على «أزرار» عشرات الآلاف من الصواريخ التي تحرّكها طهران، والمنخرط في قتالٍ متعدّد الساحات. فالمسألة تتجاوز لبنان، الذي يجيد الحزب سياسة تحييده للتفرّغ الى ساحات استراتيجية اخرى، وترتبط في شكلٍ جوهري بـ «المقارعة» المحتملة بين ايران وأميركا «الجديدة»، خصوصاً بعدما أوحى ترامب بعزمه على معاودة وضْع الملف النووي على الطاولة وجاهَرَ بعدائه لايران ودورها المتعاظم في الشرق الأوسط عبر حضورها او بواسطة أذرعها.
وسط هذا الغموض، قد يكون مفيداً ملاحظة سلوك «حزب الله» المستجدّ تجاه المملكة العربية السعودية التي يناصبها العداء انسجاماً مع تموْضعه في المعسكر الايراني، فهو اضطرّ اخيراً الى اتخاذ موقف مركّب، فمن جهة أطفأ محركاته الاعلامية لإمرار زيارة بالغة الدلالة قام بها الرئيس اللبناني ميشال عون (حليف الحزب) للرياض، لكنه لن ينصاع من جهة أخرى لمقتضيات حاجة لبنان الرسمي لوقْف حملات الأمين العام للحزب ضد المملكة العربية السعودية، لأن مسألة كهذه ترتبط بالعلاقة الإيرانية - السعودية لا برغباتٍ لبنانية.
وإذا كان العالم بأسْره لن يكون مع ترامب كما كان قبله، فإن لبنان المحاصَر بـ «زنار نار» يلتقط أنفاسه على عتبة وقائع جديدة تطلّ برأسها على المنطقة وسينعكس وهجها بالتأكيد على الوطن الذي يدوْزن تسويةً جديدة «طريّة العود»، وعيْنه على «براغماتية» اللاعبين وانحناءاتٍ لا مفر منها لاحتواء العاصفة الترامبية، كالرهان على عقْلنة روسية لـ «تَهوُّر» «الكاوبوي الجديد» حيال الأوضاع في المنطقة التي عادتْ اليها موسكو من البوابة السورية.