الارتجاع المريئي... «لهيب» يتصاعد من المعدة... إلى الصدر

1 يناير 1970 10:08 م
3 طرق لمعالجة الارتجاع المريئي هي: تعديلات نمط الحياة والتغذية والعقاقير والتدخل الجراحي
إذا كنت تعاني بشكل متكرر - أو حتى على فترات متباعدة - من ذلك الحرقان المؤلم الذي ينبع من معدتك ويتشعب صعودا في أرجاء صدرك مؤثرا على قلبك، فأنت على الأرجح مصاب بالارتجاع المعدي المريئي الذي يشكو منه أكثر من نصف سكان العالم بدرجات وتواترات متفاوتة.

والارتجاع المريئي هو عبارة عن تدفق صعودي عكسي لعصارات وانزيمات ومحتويات المعدة، ما يشعر المريض بألم حارق كأنه «لهيب» متصاعد في المنطقة السفلية من الصدر تحديدا، مع حتمال حدوث صعوبة في البلع، وتغير في نبرة الصوت، وشعور بمذاق المرارة وانبعاث رائحة كريهة من الفم، والتجشؤ بشكل متكرر.

ونمطيا، يكون ذلك الارتجاع ناجما عن تغيرات دائمة أو موقتة تطرأ على تشريح منطقة الحجاب الحاجز. وتشمل تلك التغيرات ارتخاء مزمنا أو موقتا في العضلة العاصرة (عضلة الفؤاد) الكائنة في في أسفل المريء، أو حدوث فتق في نسيج الحجاب الحاجز ذاته، وهو الأمر الذي يجعل مدخل المعدة رخوا وغير قادر على منع ارتجاع محتويات المعدة، وتكون نتيجة ذلك هو حدوث تلف أو ضرر مزمن في الغشاء المخاطي المبطن للمريء.

وهناك نوع آخر من الارتجاع الحمضي الذي يسبب أعراضا سلبية في الحنجرة والجهاز التنفسي العلوي، وهو يسمى الارتجاع الحنجري البلعومي أو ارتجاع خارج المريء. وعلى عكس الارتجاع المريئي، فإن الارتجاع الحنجري البلعومي لا يسبب شعورا بالحرقان، ولهذا يطلق الأطباء عليه لقب «الارتجاع الصامت».

• الأعراض

الأعراض الأكثر شيوعا التي تنجم عن الارتجاع المريئي تشمل ما يلي:

- حرقان ناجم عن الحموضة

- صعوبة وألم عند البلع

- زيادة افراز اللعاب (وبخاصة أثناء فورات الحموضة)، وذلك لأن اللعاب مادة قلوية قليلا فتكون زيادته استجابة طبيعية من الجسم ضد زيادة الحموضة في محاولة لمعادلة تأثيرها الحارق.

- شعور بالغثيان.

- ألم في أسفل الصدر وصولا إلى القلب.

- رائحة فم كريهة

- التهاب الحنجرة

- تآكل مينا الأسنان

- فرط حساسية الأسنان

- التهاب الجيوب الأنفية

وفي الحالات الحادة والمزمنة، يتسبب الارتجاع عادة في إلحاق أضرار بالمريء. ومن بين تلك الأضرار:

- التهاب المريء الارتجاعي: ينجم عن تقرحات تصيب أسفل المريء عند منطقة اتصاله بالمعدة.

- ضيق المريء: انكماش دائم يصيب اسطوانة المريء بسبب الالتهابات المزمنة.

- سرطان المريء: وهو شكل نادر من أشكال التسرطن.

• الوقاية

انطلاقا من قاعدة «الوقاية خير من العلاج»، يوجه الأطباء نصائح عدة للوقاية من الاصابة بمشكلة الارتجاع المريئي، ومن أبرز تلك النصائح الاعتدال في كميات الطعام والمشروبات بحيث لا يتم ملء المعدة عن آخرها، وتجنب النوم أو الاستلقاء بعد تناول الطعام مباشرة، وعدم الإكثار من تناول الأغذية والمشروبات المهيجة لبطانة المعدة والمريء، والإقلاع عن التدخين وعن احتساء الكحوليات، والتخلص من الضغوط والتوترات النفسية.

• طرق العلاج

هناك 3 طرق تدريجية من العلاجات التي يتم اللجوء اليها لمواجهة مضاعفات الارتجاع المريئي، ألا وهي: تعديلات نمط الحياة والتغذية، العقاقير والأدوية، والتدخل الجراحي.

على صعيد تعديلات نمط الحياة، يحدث تخفيف لأعراض الارتجاع المريئي من خلال أمور عدة من بينها على سبيل المثال رفع مقدمة السرير، بحيث يرتفع الجزء العلوي من جسمك كاملا على وسائد خاصة أو حتى النوم في وضعية قريبة من الجلوس. ويوصى بتجنب الوسائد التي ترفع الرأس فقط، لأن هذا لا يفيد كثيرا بل يسبب ضغطا مستمرا على الرقبة.

وإذا كان المريض مدخنا أو يشرب كحوليات، فمن الأفضل له أن يقلع عن هاتين العادتين لأنهما تتسبان في إضعاف كفاءة الصمام السفلي للمريء والعضلة العاصرة التي تمنع ارتجاع محتويات المعدة.

أما على صعيد التعديلات الغذائية، فينبغي التحذير من أن تناول وجبة كبيرة يؤدي إلى زيادة إفراز أحماض وعصارات المعدة فتكون النتيجة تفاقم أعراض الارتجاع. ولتخفيف تلك الأعراض، يوصى بتناول وجبات صغيرة متفرقة على مدار اليوم بدلا من الوجبات الكبيرة، وبخاصة وجبة العشاء التي يجب أن تكون خفيفة وقبل النوم بثلاثة ساعات على الأقل.

كما ينصح بتجنب الأطعمة التي تحفز زيادة إفراز الحامض مثل الفواكة الحمضية وعصائرها، والأطعمة الدهنية، والمعجنات والقهوة والشاي والبصل والنعناع والشوكولاتة والأطعمة التي تحوي كمية كبيرة من التوابل.

وعند الشعور بأعراض الارتجاع المريئي، سارع فورا إلى شرب كمية من الماء، وذلك لإعادة ما تسرب من المعدة إليها، وبذلك تحمي بطانة المريء من الأضرار والآلام.

وفي حال الاصابة بارتجاع مريئي شديد نسبيا، فيمكن اراحة المعدة وتخفيف نوبة الألم بتناول بطاطس مسلوقة أو موز أو جبن قليل الدسم أو أي نوع من الخضراوات المسلوقة قليلة الدهون مثل الباذنجان والكوسة (القرع) من دون صلصة طماطم لمدة يومين أو ثلاثة.

• العلاج بالعقاقير

هناك عدد من العقاقير الدوائية التي أثبت نجاحا على مستوى العالم في معالجة مشكلة ارتجاع المريء، ومن أكثر تلك العقاقير شيوعا مثبطات مضخة البروتون والتي تنتهي أسماؤها عادة بمقطع «...ـزول»، وهي تشمل على سبيل المثال: أوميبرازول، وإسومبيرازول، ورابيبرازول، وجميعها تتميز بفعاليتها العالية في كبح إفرازات أحماض المعدة في منطقة إنتاج الحمض، أي مضخة البروتون.

وهناك عقاقير اخرى تعتمد في مفعولها على مواد مضادة للهيستامين، إذ تقوم بإغلاق مستقبلات الـهيستامين 2 في المعدة ، ومن أمثلة تلك العقاقير: رانيتيدين، وفاموتيدين وسيميتيدين، وهي تسهم عن طريق آخر في تقليل إفرازات أحماض المعدة.

وبشكل عام، تؤتي عقاقير مضادات الحموضة نتائج ايجابية وسريعة إذا تم تعاطيها وفقا لتعليمات الطبيب قبل مواعيد تناول الطعام أو عند ظهور الأعراض.

• العلاج الجراحي

العلاج الجراحي الأساسي للارتجاع المريئي هو من خلال إجراء يعرف طبيا باسم « عملية نيسن». ومن خلال هذا الإجراء يتم لف الجزء العلوي من المعدة حول الصمام السفلي في المريء لتقوية العضلة العاصرة المكونة للصمام، وذلك بهدف منع ارتداد الحمض وإصلاح فتق الحجاب الحاجز. في حالات كثيرة يتم إجراء هذه العملية عن طريق المنظار الجراحي.

ومقارنة مع العلاجات الدوائية، تحقق عملية نيسن نتائج أفضل في غضون سنة. وإلى جانب ذلك، فإن عملية نيسن من الممكن أن تؤدي إلى تحسين راحة وجودة حياة المرضى بالمقارنة مع نظرائهم الذين يتلقون علاجات عقاقيرية فقط.

• الارتجاع خلال الحمل

يشيع حدوث مشلكة الارتجاع المريئي الموقت بين النساء الحوامل، وترجع أسباب ذلك إلى أمور عدة من بينها التغيرات الهورمونية التي تطرأ على الحامل إلى جانب أن الجنين يضغط على المعدة كلما كبر حجمه فتكون نتيجة ذلك ارتجاع جزء من سوائلها وعصاراتها إلى المريء.

وفي مثل هذه الحالات، توصى المرأة الحامل باتباع تعديلات وتغييرات معينة في نظامها الغذائي ونمط حياتها في محاولة لتتخفيف أعراض الارتجاع. وإذا لم تؤت هذه التعديلات النتيجة المرجوة، يلجأ الأطباء عادة إلى محاولة التخفيف عن الأم الحامل من خلال وصف مضادات الحموضة التي تحتوي على عناصر الكالسيوم أو الألمنيوم أو المغنيسيوم أو غير ذلك من مخففات حموضة المعدة.