الاستمرار والانسجام... تحدي المجلس المقبل
| كتب وليد الهولان |
1 يناير 1970
04:47 م
ثمة ملامح برلمانية جديدة تشكلت مع المشاركة بفاعلية ضمن قانون نظام الصوت الواحد في هذا الموسم، نتيجة استيعاب المجاميع له في مختلف الدوائر بعد تجربتين، إحداهما شهدت إبطال المجلس في ظل عزوف عن المشاركة، والاخرى تم حله في ظل مشاركة اخترقت ما عرف بعقدة الصوت الواحد، فيما تدور الان رحى النتائج السياسية للتجربة الثالثة بعد بمشاركة لافتة «ترشحاً واقتراعاً» لاعتبارات عدة.
طريق التجربة الثالثة للصوت الواحد لم تكن آمنة، خصوصا وأن المشهد السياسي مر في سنوات المجلس الماضي «المنحل» بمنعطفات فاصلة، استطاع الاخير خلالها أن يكون طرفاً فاعلاً في حسم حالة الصراع والاستقطاب الدائر منذ زمن، وفرض الاستقرار السياسي، فيما تبدو الأطراف «المتضررة» من هذا الحسم ساعيةً بعزم للعودة الى المشهد بأفق زمني مفتوح، وحتى يتاح لها موقع أفضل للتفاوض أو فتح قنوات حوار بعد أن كانت «تجارب التصعيد والمقاطعة والانسحاب أيضاً» كمن يطلق النار على قدميه.
ملامح تحالفات الساحة ارتسمت مبكراً عبر مجموعة من القضايا والمواقف «المشتركة»، التي سطرتها تجارب السنوات الماضية، هذه التحالفات المتعددة، تقاطعت مصالح وخصومات وطموحات وقناعات أطرافها في مرحلة ما قبل حل مجلس 2009، بعضها اكتفى بما تحقق في حينه وبعضها ازداد تماسكاً وبعضها الاخر أصابه الفتور، فيما من يتقن «فن الممكن» ويفهم لغة التفاهمات والبراغماتية أدرك بعد التجربة الثانية للصوت الواحد والظرف القائم، أنه أمام مشهد جديد مختلف تماما، فأعاد صياغة تحالفاته عبر خطوات تكاد تكون واضحة ومعلنة، فيما الطرف المتضرر لا يملك إلا الرهان على إعادة المشهد السابق من داخل المجلس ذاته في تكرار لتجربة تاريخية لم يأخذ العبرة من نتائجها.
«رافعات» الانتخابات البرلمانية لم تعد كما كانت قبل القانون الانتخابي الجديد، وتوقيت حل المجلس وأجواء الساحة الهادئة وضعا الأطراف المتضررة أمام لحظة الحقيقة، خاصة بعد ابتعادها عن مواقع التأثير في العملية الانتخابية، لذلك لم يشهد هذا الموسم «المفاجئ» اختيارات «مفتعلة» وكانت نتائجه ترجمة حقيقية لعبارة العودة للإرادة الشعبية التي لم ترد بمرسوم الحل من قبيل الصدفة، حتى وان حققت هذه الأطراف خروقات محدودة هنا وهناك.
فرض الامر الواقع تلو الاخر في المجلس المقبل ومقدرته على الاستمرار، سيكون رهانه، وإعادة العمل السياسي وتجاذباته الى قاعة عبدالله السالم والانسجام في الداخل، هو التحدي الرئيسي الذي سيكون أمامه، لا سيما وأن مواقف الأطراف الفاعلة فيه ستكون متشعبة، منها من لا يريد هز المركب في هذه المرحلة وسيلعب أوراقه بحذر ليستفيد من آفاق المساومة، ومنها من لا يريد التضحية بكامل علاقاته التنسيقية وتفاهماته الضمنية في هذا التوقيت، ومنها من ستجمعهم محاور عابرة أو دائمة للتنسيق أو التفاهم، ومنها من ستكون خياراته محدودة وأداوته حادة.