تضمّن سلاحاً أميركياً وطائرات من دون طيار و... كتيبة دراجات

عرض عسكري لـ «حزب الله» في القصير السورية... إظهار قوّة أو رفْع معنويات في حرب بلا منتصرين؟

1 يناير 1970 09:43 م
الرسالة التي أرادها «حزب الله»... انه باقٍ في سورية

اسرائيل خارج الحسابات في عرْض القصير وأسلحته

خصوم «حزب الله» رأوا في عرْضه «مظاهر احتلال»
لم يكن حدَثاً عادياً إقامة «حزب الله»، وللمرة الأولى في تاريخه، عرْضاً عسكرياً واختياره بلدة القصير السورية المتاخمة للحدود مع لبنان ميْداناً لإطلاق هذه «الرسالة» المدجّجة بالألغاز لتَزامُنها مع أحداثٍ بارزة في لبنان وفي سورية و ... حولها.

وكالعادة، تركتْ رسالة «حزب الله»، الذي لم يتعوّد عرْض «ترسانته» العسكرية على الملأ، أصداء متناقضة، راوحتْ بين اعتبارها «عرْض قوة» على صلة بقتاله في سورية، وبين الاعتقاد بأنها تعويض معنوي عن الخسائر التي يمنى بها.

وإذا كان أكيداً ان اسرائيل خارج «الحسابات» في رسالة «حزب الله» وما انطوتْ عليه من تأويلاتٍ، فان العرض العسكري وما اشتمل عليه من أسلحة و»طقوس» تحرص عليها الجيوش، شكّل تطوراً لافتاً في حدّ ذاته وبمعزل عن الغاية منه.

كان من المقرَّر ان يكون العرض رمزياً لإحياء «يوم الشهيد»، لكن قيادة «حزب الله» التي أرادتْ إظهار «القوة» جعلتْه عرضاً شبيهاً للمظاهر التي تحرص عليها الجيوش ولا سيما في دول العالم الثالث، التي تفاخر بـ «عضلاتها».

فأمام منصةٍ اعتلاها القادة في منطقة يُطلق عليها اسم «محطة قطارات الحجاز» في القصير السورية التي أحكم «حزب الله» قبضته عليها العام 2013، مرّت كتائب تلو كتائب لهذا الجيش «المنظّم غير النظامي» العابر للحدود.

سلاح اميركي في العرض، هو عبارة عن حاملات جند طراز M113 كان استولى عليها «حزب الله» من «جيش لحد» إبان تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000، ومن ثكنة الجيش اللبناني (الشيخ عبدالله) في بعلبك العام 1983.

دباباتٌ من طراز T55 و T72، ومدافع هاوتزر ثابتة ومحمولة على آليات متحركة ومعدَّلة، مضادات للطائرات، وكتائب مدرّعة ووحدات خاصة من قوات الرضوان، ووحدات من الدراجات النارية وصواريخ «بركان» المعدَّلة.

والأكثر إثارة كان مشاركة الطائرات من دون طيار. بعض هذه الطائرات عملت على تصوير العرض العسكري، وبعضها الآخر شاركت في العرض وهي تحمل صواريخ وقد أُخرجت الى العلن للمرة الأولى.

ما أراد «حزب الله» قوله، بحسب الذين يفهمون «عقله» السياسي والعسكري، هو انه باقٍ في سورية ولن يعود منها إلا بعد انتهاء مهمته، وسط ميْل لإظهار قدرته وأنه أصبح «قوة لا يُستهان بها».

وثمة مَن يربط بين «عرض القوة» الذي قدّمه «حزب الله» في سورية وعلى التخوم اللبنانية، وبين التحضيرات الجارية لمحاولة حسْم المعركة في حلب الغربية بالتزامن مع وصول حاملة الطائرات الروسية «اميرال كوزنيتسوف» الى قبالة الشواطئ السورية.

اما خصوم «حزب الله» من السوريين واللبنانيين، فتعاملوا مع عرضه العسكري في القصير، التي دشّن عبرها انخراطه العسكري في الحرب السورية والتي هُجر أهلها ومُنعوا من العودة اليها، على انه إما كواحدٍ من مظاهر «الاحتلال» وإما لرفْع معنويات مقاتليه في حربٍ الانتصار فيها هزيمة.

ورغم ان «حزب الله» باختياره القصير القريبة من الحدود، تجنّب إقامة عرْضه العسكري داخل معسكراته في لبنان، فإن ثمة مَن رأى في استباقه للعرض العسكري الذي سيقيمه الجيش اللبناني في 22 الحالي بمناسبة عيد الاستقلال رسالةً لا يُستهان بها.

ففي تقدير أوساطٍ في بيروت، ان الحزب أراد القول للبنانيين «أنا أحمي لبنان، لا الدولة ولا رئيسها القوي ولا حكومتها العتيدة ولا الحقائب السيادية فيها»، وخصوصاً بعدما أقرّ الجميع بإمرته الاستراتيجية.

وفي اعتقاد هذه الأوساط أن المشهد اول من امس كان معبّراً «الرئيس سعد الحريري الذي يمضي قدماً في ماراثون تشكيل الحكومة يطلق رصاصة بدء الماراثون الرياضي الضخم في بيروت، في الوقت الذي يستعرض «حزب الله» قوّته العابرة للحدود في القصير».

والدلالة السياسية لهذا المشهد المزدوج ان «حزب الله» يترك للقوى اللبنانية تدبير أمر «السلطة المحلية» كتشكيل الحكومة والصراع على حقائبها ويمضي، وبإقرار من الجميع في لبنان، في معاركه الاستراتيجية في المنطقة وعلى امتداد قوْس أزماتها اللاهبة.