مشروبات الطاقة... مُتّهَمة بالتسبب في التهابات الكبد!

1 يناير 1970 08:00 م
الصيدلية الغذائية

منذ فجر التاريخ، وقبل اكتشاف العقاقير الصيدلانية المتعارف عليها حالياً، أدرك الإنسان أن هناك أغذية كثيرة تنطوي على مناجم استشفائية مفيدة جداً سواء للوقاية من الأمراض أو لمعالجتها. وهذه الزاوية تسلط الضوء على بعض «الكنوز» الكامنة في تلك «المناجم».

الالتهاب الكبدي الحاد ينجم عن الإفراط في تناول فيتامين B3 الذي يوجد بنسب مرتفعة في مشروبات الطاقة
تعالت أصوات جرس إنذار جديد، وذلك بعد أن حذرت نتائج دراسات حديثة من أن الإكثار من مشروبات الطاقة يؤدي إلى التسبب في إصابة الكبد بأشكال من التلف والالتهابات الحادة. فما مدى صحة تلك النتائج المثيرة للقلق؟

بداية، تجدر الاشارة إلى أن مشروبات الطاقة ظهرت لأول مرة في الولايات المتحدة في النصف الثاني من السبعينات، وازدهرت صناعتها واتسع انتشارها حتى أصبح هناك مئات من العلامات التجارية المختلفة حول العالم، ويتم تسويقها باعتبارها مشروبات غذائية تسهم في رفع مستويات النشاط الذهني والبدني. وتستهدف تلك المشروبات بشكل خاص فئة الشباب بين عمر 18 و 35 عاما.

ومن ناحية التركيبة، فإن مشروبات الطاقة تتشابه مع المشروبات الغازية، إذ إنها تحوي الكافيين، والغلوكوز، والسكروز، وفيتامينات مجموعة B (B1، B66، B12)، وبعض الأحماض الأمينية. لكن تركيز الكافيين فيها يكون أعلى بكثير مما هو موجود في المشروبات الغازية.

ورغم أن مشروبات الطاقة قد ينظر إليها باعتبارها غير مضرة، فإن تقريرا جديدا حذر بشدة من أنها مسؤولة عن تلف الكبد، وذلك بعد ثبوت إصابة أشخاص بالتهابات في الكبد بسبب استهلاكهم كميات كبيرة نسبيا من مشروبات الطاقة.

ووفقا للتقرير الذي تناقلته دوريات ومجلات صحية عدة حول العالم، فإنه من المرجح جدا أن هنالك شيئا ما في مشروبات الطاقة يسهم في إحداث التهابات وتليفات في الكبد. وسلط التقرير الضوء على حالات عدة من بينها حالة رجل أميركي يبلغ من العمر 50 عاما لجأ إلى مستشفى طالبا العلاج فاتضح أنه مصاب بالتهاب حاد في الكبد. ومن خلال استعراض التاريخ الغذائي للمريض اتضح أنه دأب على شرب 45 من مشروبات الطاقة يوميا على مدار أكثر من 3 أسابيع، وذلك كي يتمكن من مواكبة أعباء عمله الشاق الذي يتطلب جهدا بدنيا وذهنيا كبيرا. و بعد تلك الفترة، بدأ الرجل يشتكي من ظهور أعراض مثل الشعور بالضيق العام، وفقدان الشهية، وآلام حادة في البطن، وغثيان، ورغبة في القيء، إلى جانب اصفرار وشحوب لون الجلد واصطباغ البول لونا داكنا.

ومن خلال مزيد من الفحوصات والتحاليل المختبرية، اتضح وجود ارتفاع حاد في إنزيمات تسمى الترانساميناسيز، وهو الأمر الذي أكد وجود تلف في الكبد، ثم أثبتت عينة أنسجة أخذت من الكبد وجود التهاب حاد ومزمن.

وأجمع الأطباء الذين فحصوا وعالجوا ذلك المريض على أن ذلك الالتهاب الكبدي الحاد ناجم على الأرجح عن الإفراط في تناول فيتامين B3 تحديدا (المعروف أيضا باسم النياسين)، وهو الفيتامين الذي يوجد بنسب مرتفعة في مشروبات الطاقة التي استهلك المريض كميات كبيرة منها في غضون فترة بسيطة نسبيا.

لكن الخبر السار هو أن الأعراض بدأت تتراجع لدى المريض في اليوم الثالث من احتجازه في المستشفى، وظل تحت الملاحظة والعلاج حتى تعافى إلى درجة معقولة قبل أن يسمح له بالخروج مع توصيته بأن يتوقف لمدة سنة على الأقل عن تعاطي مشروبات الطاقة، وبأن يتفادى مستقبلا الإكثار من تعاطي أي مشروبات أو مأكولات تحوي نسباً مفرطة من فيتامين B3 تحديدا.