تأثير المضادات الحيوية على الرضيع... فوائد عاجلة قد تجلب أضراراً آجلة!

1 يناير 1970 04:51 م
إعطاء الرضيع الكثير من المضادات الحيوية يسهم بزيادة احتمالات اصابته بمشاكل صحية في مراحل لاحقة
عندما يصاب طفلكم الرضيع بالتهاب أو عدوى فيروسية، فكروا جيدا قبل أن يجعلكم قلقكم وخوفكم عليه تسارعون إلى إعطائه مضاد حيوي. فالأمر ينطوي على أضرار آجلة قد تفوق الفوائد العاجلة.

يكمن جوهر المشكلة في أن الالتهابات الداخلية التي تصيب معظم الأطفال في السنة الأولى من أعمارهم يمكن أن تهدد حياتهم أو على الأقل قد تسبب لهم متاعب صحية مزمنة، وغالبا أيضا يميل الوالدان إلى المسارعة في كل مرة إلى المضادات الحيوية كخط دفاع أول بل وربما أوحد. ورغم أن المضادات الحيوية تعطي نتيجة آنية سريعة، فإن الأمر ينطوي على مخاطر وتأثيرات سلبية مرجحة على المديين المتوسط والبعيد.

وهذا الأمر أكدته وحذرت منه نتائج دراسة بحثية موسعة جديدة أجرتها ونشرتها كلية الطب في جامعة ساوث كارولاينا الأميركية، وهي النتائج التي خلصت إلى أن كثرة تعاطي الطفل الرضيع للمضادات الحيوية تسهم بشكل كبير في زيادة احتمالات تعرضه مستقبلا للاصابة بمشاكل صحية من أبرزها الحساسية الغذائية علاوة على ضعف جهاز المناعة.

ورغم أن تلك الدراسة لم تستكشف الأسباب الكامنة وراء ذلك الارتباط، يرى الباحثون الذين أجروها أنه من المحتمل أن يكون السر كامنا في أن المضادات الحيوية تتسبب بطرق مختلفة في إحداث تغييرات سلبية في طبيعة وتركيبة وتنوع البكتيريا النافعة التي تستوطن.

وقد أجريت الدراسة البحثية وفقا للخطوات البحثية التالية:

• قام الباحثون بدراسة ووضع الاحتمالات النظرية لفرضية ما إذا كان تعاطي الطفل الرضيع مضادات حيوية خلال السنة الأولى من عمره قد يزيد من خطر الإصابة بحساسية الطعام.

• اختار الباحثون 1504 أطفال كانوا قد ولدوا بين العامين 2007 و 2009 ويعانون حاليا من حساسية غذائية ضد نوع مشترك واحد على الأقل من الأطعمة، وتمت مقابلتهم بـنحو 6 آلاف طفل من الأطفال المتعافين المناظرين لهم في العمر والجنس والعنصر.

• بدأ الفريق البحث في الرجوع إلى السجلات الطبية وقاموا برصد وإحصاء جميع وصفات المضادات الحيوية التي تم صرفها لجميع أطفال المجموعتين خلال السنة الأولى من أعمارهم.

• رصد الباحثون ما مجموعه 9,324 وصفة من المضادات الحيوية، ولاحظوا أن المضادات الحيوية الأكثر شيوعا هي البنسلين، والسيفالوسبورين، والماكرولايد، والسلفوناميد.

تحليل النتائج:

• كشفت مقارنات الوصفات أن الأطفال الذين تم صرف المضادات الحيوية لهم بكثرة نسبيا خلال السنة الأولى من أعمارهم أصبحوا أكثر عرضة بنسة 55 في المئة للاصابة بالحساسية ضد واحد أو أكثر من أنواع الطعام، وذلك مقارنة مع الأطفال الذين لم يتلقوا مضادات حيوية أو تلقوها بجرعات بسيطة خلال السنة الأولى من أعمارهم.

• واتضح أن احتمالات اصابة الطفل بحساسية الطعام تزداد طرديا مع زيادة عدد وصفات المضادات الحيوية خلال عامه الأول تحديدا. فالطفل الذي تلقى 3 وصفات مضادات حيوية كان أكثر عرضة بمعدل 1.31 مرة لحساسية الطعام، وتم ربط 4 وصفات بمعدل 1.43 مرة، و 5 وصفات أو أكثر بمعدل 1.64 مرة.

• لاحظ الباحثون أنّ مضادات الحيوية سيفالوسبورين وسلفوناميد هي الأكثر والأقوى ارتباطا بالاصابة بحساسية الطعام.

• تم استخلاص هذه النتائج بعد أخذ عوامل مربكة محتملة بعين الاعتبار، بما في ذلك الرضاعة الطبيعية، والربو، والأكزيما، وعمر الأم، ومكان الإقامة.

وخلصت نتائج الدراسة إلى أن نسبة كبيرة من وصفات المضادات الحيوية للأطفال الرضع قد تكون غير مبررة لأنه من الممكن الاستغناء عنها واستخدام أدوية أخرى لعلاج الالتهابات والعدوى الفيروسية.

وكانت أبحاث سابقة قد رصدت أن التغييرات التي تطرأ على تشكيلة بكتيريا الأمعاء في السنة الأولى من عمر الطفل بسبب المضادات الحيوية يمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية على صحته مدى الحياة، بما في ذلك احتمالات اصابته بالسمنة والربو ومشاكل الجهاز التنفسي وضعف المناعة في طفولته المتأخرة.