مثقفون بلا حدود / أسماء الإشارة بين اللغة واللهجة (1 من 2)
| د. فهد سالم الراشد* |
1 يناير 1970
12:34 م
لعل كثيرا من العامة لا يعرفون أن «الهاء» في اسم الإشارة، هي حرف للتنبيه وليست من اسم الإشارة، وأن اسم الإشارة هو «ذا» للمفرد المذكر، و»ذي» للمفردة المؤنثة، و»ذان - ذين» للمثنى المذكر، و«تان- تين» للمثنى المؤنث، و«أولاء» لجمع الذكور والإناث معا.
واسم الإشارة من المعارف، وهو- دائما- مبني عدا المثنى منه الذي يعرب إعراب المثنى، وإعراب المثنى بالحروف وليس بالحركات، بمعنى أنه يرفع بالألف بدلا من الضم، وينصب بالياء بدلا من الفتح، ويجر أيضا بالياء بدلا من الكسر.
واسم الإشارة يأخذ محلا من الإعراب، مكان أي اسم حسب موقعه إذا كان فاعلا أو مفعولا أو مبتدأ أو خبرا أو اسما مجرورا... وهكذا.
تطبيق على بعض أمثلة المرحلة المتوسطة بدولة الكويت.
«أعيش في هذا الوطن العزيز، وعلى هذه الأرض الطيبة: الكويت، وبهاتين الصفتين أعتز».
- أعيش: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة فوق الحرف الأخير «الشين»، ويلاحظ هنا أنه بدأ بحرف من حروف المضارعة «أ، ت، ن، ي»، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «أنا»، أي: أنا الذي أعيش، ومعنى «مستتر وجوبا» أي لا يجوز إظهاره؛ فإذا كان اسمك فهدا -على سبيل المثال- لا يجوز أن تقول: «أعيش فهدٌ في هذا الوطن العزيز».
- في: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب. والحروف كلها مبنية ولا محل لها من الإعراب، وهذه قاعدة ثابتة في اللغة العربية، لعلها تخفف عليك بعضا من القواعد. وبنيناه على السكون لأنه مد؛ كالليل الساكن.
- هذا: هـ: للتنبيه: حرف مبني على الفتحة الظاهرة لا محل له من الإعراب،ـ ذا: اسم إشارة للمفرد المذكر مبني على السكون في محل جر بحرف الجر«في»، واسم الإشارة «هذا» أخذ محلا من «الاسم»، فلو قلنا: أعيش في الوطن العزيز، يكون «الوطن» اسما مجرورا بحرف الجر «في»، ولكن اسم الإشارة أخذ مكان «الوطن».
- الوطن: بدل من اسم الإشارة «هذا»، بمعنى أنه يجوز أن تقول: أعيش في الوطن العزيز. إذن إعراب الوطن سوف يكون مجرورا مثل اسم الإشارة «هذا» لأنه بدل منه وعلامة جره الكسرة الظاهرة تحت الحرف الأخير «النون»، والبدل من التوابع يتبع في إعرابه المبدل منه، مثال: «جاء الأستاذُ جاسمٌ»، فلا يجوز أن تقول «جاء الأستاذُ جاسما» بالنصب، أو جاسمٍ بالكسر، لأن «جاء» فعل ماض، و«الأستاذ» فاعل مرفوع بالضمة.
- العزيز: صفة لـ «الوطن»، مجرورة وعلامة جرها الكسرة الظاهرة تحت الحرف الأخير «الزاي»، والصفة تتبع الموصوف؛ فالموصوف «الوطن» جاء مفردا ومذكرا ومعرفا بـ «أل»، والصفة «العزيز» جاء مفردا ومذكرا ومعرفا بـ «أل».
- و: حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
- على: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
- هذه: هـ: للتنبيه: حرف مبني على الفتحة الظاهرة لا محل له من الإعراب، ـ ذه: اسم إشارة للمفردة المؤنثة، مبني على الكسرة في محل جر بحرف الجر «على»، فلو قلنا: وعلى الأرض الطيبة. تكون الأرض اسما مجرورا بحرف الجر «على»، ولكن اسم الإشارة أخذ مكان الأرض.
- الأرض: بدل من اسم الإشارة، والبدل من التوابع أي يتبع المبدل منه اسم الإشارة في الإعراب؛ لذلك جاءت «الأرض» مجرورة مثل اسم الإشارة وعلامة جرها الكسرة الظاهرة تحت الحرف الأخير «الضاد».
- الطيبة: صفة لـ «الأرض» مجرورة وعلامة جرها الكسرة الظاهرة تحت الحرف الأخير «التاء المربوطة»، والصفة تتبع الموصوف؛ فالموصوف «الأرض» جاءت مفردة ومؤنثة ومعرفة بـ «أل»، والصفة «الطيبة» جاءت مفردة ومؤنثة ومعرفة بـ «أل».
- الكويت: أيضا بدل من اسم الإشارة، وهي مجرورة مثله وعلامة جرها الكسرة الظاهرة تحت الحرف الأخير «التاء». ومعنى الجملة من غير أسماء الإشارة «أعيش في الوطن العزيز وعلى الكويت الأرض الطيبة».
- و: حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
- بهاتين: بـ: حرف جر مبني على الكسرة الظاهرة لا محل له من الإعراب، ـ هـا: للتنبيه: حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، تين: اسم إشارة للمثنى المؤنث مجرور بحرف الجر «الباء» وعلامة جره الياء لأنه ملحق بالمثنى. وهنا يجب أن نوضح للطالب الكريم بأن اسم الإشارة- دائما- مبني، عدا المثنى منه فهو يعرب إعراب المثنى، وإعراب المثنى بالحروف وليس بالحركات، بمعنى أنه يرفع بالألف بدلا من الضمة «هاتان» وينصب بالياء بدلا من الفتحة «هاتين» ويجر أيضا بالياء بدلا من الكسرة «هاتين».
- الصفتين: بدل من اسم الإشارة تابع له بالإعراب فهو مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه مثنى.
- أعتز: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة فوق الحرف الأخير «الزاي». ويلاحظ أنه بدأ بحرف من حروف المضارعة «أ، ت، ن، ي»، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «أنا»، أي أنا الذي أعتز.
أسماء الإشارة في لهجتنا الكويتية، نقول: «هذا» عند الإشارة إلى المفرد المذكر، مثال حينما تقول الأم لولدها: «منهو كسر لعبتك؟»؛ فيرد الابن مشيرا إلى أحد أصدقائه قائلا «هذا»، وإذا قالت الأم لابنتها: «منهي إللي كسرت لعبتج؟»؛ ترد البنت مشيرة إلى إحدى صديقاتها قائلة «هذي». وهنا نلحظ التغيير الذي طرأ على اسم الإشارة «هذه» من اللغة إلى اللهجة بإشباع الكسرة حتى تولدت لدينا ياء فأصبحت «هذي» وهو على الأصل. وعند إشارة الكويتي بلهجته المحلية إلى الاثنين، حينما تسأل الأم ابنها قائلة: «منهو إللي كسر لعبتك؟»؛ يرد مشيرا إلى اثنين من زملائه قائلا: «هذيلي». وهذا ينطبق على البنت أيضا، أما ما ينطبق على الجمع فحينما تسأل الأم ابنها: «منهو إللي كسر لعبتك؟» يرد مشيرا إلى أصدقائه قائلا: «هذولي». وهذا ينطبق على البنت أيضا.
ملحوظة: من أراد الاستزادة والإفادة؛ فليرجع إلى بحثنا المحكم بعنوان «اللغة العربية حاضنة اللهجات المحلية واللغات الأجنبية» دول شمال أفريقيا أنموذجا. «دراسة ميدانية مقارنة».
* كاتب وباحث لغوي كويتي
fahd61rashed@hotmail.com