يعتمد على إنتاج «بنكرياس مصغّر» من خلايا جذعية ثم زرعه تحت جلد المريض

علاج «ثوري» سينهي «السُكّري»

1 يناير 1970 02:57 م
«انقلاب ثوري»... هذا هو أنسب توصيف لتطور بحثي جديد أعلن علماء وباحثون تابعون لجامعة هارفرد الأميركية أخيراً أنهم قد نجحوا في التوصل إليه، وهو التطور الذي يبشّر بفتح أفق شفاء نهائي وغير مسبوق لمرضى النمط الأول من السكري تحديداً.

فمن ناحية، يستحق هذا التطور وصف «ثوريّ» لأنه من المتوقع له أن يغيّر معطيات ساحة مرض السكري بشكل جذري. ومن ناحية ثانية، فإنه يستحق وصف انقلاب» لأنه سوف «يقلب» اتجاه المعالجة بالمعنى الحرفي للكلمة، إذ سيؤدي للمرة الأولى إلى جعل جسم المريض يستعيد قدرته على إفراز الإنسولين داخلياً ليستغني بالتالي عن الحاجة إلى استقباله من الخارج عن طريق الحقن.

وهكذا، يمكن القول إن العالم قد بات قاب قوسين أو أدنى من أن يشهد اطاحة - إلى غير رجعة - للنمط الأول تحديداً من مرض السكري، إذ أكد العلماء أنهم قد نجحوا فعلياً في حض خلايا جذعية بشرية على أن تتحول إلى خلايا «بيتا» ناضجة، وهي الخلايا التي تنتج الإنسولين طبيعياً في البنكرياس.

ومعنى هذا ببساطة هو أنه سيكون ممكناً بفضل هذه الطريقة الثورية غير المسبوقة تحويل مريض السكري إلى شخص «شبه طبيعي»، وذلك عن طريق استخلاص خلايا جذعية من جسمه (أو من جسم متبرع مناسب) ثم معالجتها وتحفيزها مختبرياً إلى أن تتحول خلايا «بيتا» بنكرياسية طبيعية كاملة النضوج وقادرة على إنتاج الانسولين، ثم زرع تلك الخلايا جراحياً تحت جلد المريض لتكون بمثابة بنكرياس مصغر بديل وتتولى مهمة ضبط مستوى السكر في مجرى الدم تلقائياً لسنوات والاستغناء عن العلاجات الخارجية.

ووفقاً لما تناقلته معظم كبريات وسائل الإعلام الغربية تقريبا أمس، أكد العلماء الذين شاركوا في اجراء دراسة بحثية مختبرية رائدة ومتعمقة أنهم قد نجحوا فعليا – وللمرة الاولى - في انتاج مئات الملايين من الخلايا البنكرياسية البشرية واستخدموها بنجاح في معالجة فئران مختبرات مصابة بالنمط الأول من مرض السكري، وهو النمط الذي ينشأ بسبب خلل يجعل جهاز المناعة يدمر خلايا «بيتا» المنتجة للانسولين في البنكرياس.

وفي ضوء تلك النتائج المبشرة، أجمع الباحثون على أنهم باتوا قريبين جداً من الحصول على موافقة رسمية من السلطات المعنية الأميركية على إجراء تجارب اكلينيكية على البشر، موضحين أن العلاج الذي يتوقعون ابتكاره من خلال ذلك التطور غير المسبوق سيتمثل في انتاج كمية من خلايا «بيتا» ووضعها في داخل «حشوات» خاصة صغيرة ثم زرعها جراحياً تحت جلد مريض النمط الأول من السكري لتقوم بعمل البنكرياس على المدى الطويل، وهو الأمر الذي يأملون أنه سيريح مريض السكري من معاناة أخذ حقن الإنسولين يومياً.

ورداً على تساؤل عن الكيفية التي ستتم بها حماية خلايا «بيتا» من جهاز مناعة مريض السكري الذي من المعروف أنه يدمرها لأنه يتوهم أنها خلايا معادية، أوضح العلماء أنهم راعوا تلك الجزئية من خلال وضع تلك الخلايا في داخل حشوة خاصة قبل زراعتها تحت جلد المريض، وهي حشوة مصنوعة من مادة تشوّش على جهاز المناعة بحيث لا يتعرف على الخلايا فلا يدمرها.