رسالتي
الظالم... وقرون الخروف
| عبدالعزيز الفضلي |
1 يناير 1970
11:49 م
في صلاة القيام تلا الإمام قول الله تعالى من سورة طه عن أحد مشاهد يوم القيامة: «وعَنَتِ الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب مَن حَمَل ظُلما».
فالخسارة والخيبة ستكون يوم القيامة من نصيب كل مَنْ وقع في الظلم بشتى أنواعه.
ظلم الحاكم لشعبه بعدم العدالة بين أفراده في إعطاء الحقوق، أو تولية المناصب للأدنى وهناك من هو خير منه وأفضل، أو حكمهم بالحديد والنار، أو تعمد إنقاص حقوقهم أو التعدي على حرماتهم.
وظلم القاضي للمتخاصمين، بعدم الحكم بينهم بالعدالة، وإنما يحكم بالهوى أو لمصلحة، أو ضد أحد الطرفين لخصومة سابقة.
وظلم المدير لموظفيه بتكريم المقصّر وترقيته، وتحبيط المُحسن بإقصائه وإبعاده.
وظلم الزوج لأهل بيته، بالتعدي على زوجته بالضرب من دون مبرر، أو عدم إعطائها الحقوق الشرعية التي أوجبها الله تعالى من نفقة وغيرها.
وظلم الأب لأولاده بالتمييز بينهم بالمعاملة أو التهاون والتقصير في تربيتهم ورعايتهم، وعدم الحرص على توجيههم لما فيه صلاح دنياهم وآخرتهم.
وظلم العمال سواء في البيوت أو المؤسسات والشركات، بتكليفهم فوق طاقتهم أو عدم إعطائهم أجورهم بعد انتهاء أعمالهم، وقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بأن نعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
وظلم عموم الناس بالتعدي على أعراضهم أو أرواحهم أو أكل أموالهم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك كله حين قال: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».
ومن الظلم عقوق الوالدين والتقصير في أداء حقوقها، والأدهى أن يتعدى عليهما بالقول أو الفعل، ومن الطوام الكبرى ما أقدم عليه شقيقان خليجيان بقتل والدتهما، تأثرا ببعض الأفكار المنحرفة والمتطرفة.
ومن أعجب صور الظلم، ظلم الإنسان لنفسه، بأن يوردها المهالك بتركه ما أوجبه الله تعالى من فرائض، أو بوقوعه في ما حرم الله تعالى عليه من المناهي.
يتساهل الكثير من الأشخاص بظلم الناس، ويغتر بما يملكه من سلطة أو نفوذ، وربما تباهى بين أقرانه بالظلم الذي يرتكبه.
ومثل هذا مسكين لأن مآله إلى الخيبة والخسران، لأن للمظلوم دعوة يرفعها الله فوق الغمام ويقول: «وعزّتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين».
لقد أوصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بضرورة التحلل من المظالم قبل يوم القيامة حيث لا ينفع مال ولا منصب ولا نسب.
وساعتها سيأخذ المظلوم حقه من الظالم وسيكون وفاء الحقوق من حسنات الظالم، إن كانت له حسنات، وإلا أُخذ من سيئات المظلوم وطُرِحت عليه.
لقد ورد في الحديث الصحيح أن الحقوق تؤدى بين الخلائق يوم القيامة حتى بين البهائم، فيُقتص للشاة التي لا قرن لها من الشاة القرناء.
فتأمل إلى مقام العدالة الإلهية التي تقتص للبهائم من بعضها، فكيف بمظالم بني آدم.
أيها المظلوم صبراً فحقك لن يضيع عند الواحد الديان، وأما الظالم فنبشره - إن لم يتب ويرجع عن مظالمه - بالخيبة والخسران.
Twitter: @abdulaziz2002