مغامرة غير تقليدية تنتمي إلى أدب الرحلات

كتاب / «مسافر الكنبة في إيران» لعمرو بدوي... رحلة مزدانة بالجمال

1 يناير 1970 08:39 م
ربما تجد كتاب «مسافر الكنبة... في إيران»، لمؤلف عمرو بدوي، هو الأكثر قربا إلى نفسك، وأنت تتصفح أوراقه التي تتعدى حاجز الـ 500 من القطع المتوسط، بفضل ما يتمتع به من موضوعية وفي الوقت نفسه غرابة في الطرح، وتجديد في وسائل التنقل التقليدية، تلك التي يستخدم فيها الطائرة أو السيارة أو حتى الدابة، حيث أن المؤلف استخدم وسيلة «الكنبة» في تنقلاته، وهو وسيلة - رغم أنها تظهر للبعض على أنها سهلة - إلا أنها صعبة للغاية، لأنك - وأنت جالس على «الكنبة» تتصفح مواقع التواصل الالكتروني، ستجد أنك أمام معلومات متداخلة تحتاج إلى تحري الدقة من أجل استلهام الأصدق والأصح منها، وهذه المعوقات ربما لا تعترض من يقوم فعليا برحلة تقليدية إلى بلد ما لأنه أمام الحدث نفسه، وبالتالي فهو مضطلع فعليا على المشاهد، ولا يحتاج إلى مفاضلة واختيار للمعلومات.

وخاض المؤلف تجربة السفر عبر كتابه من خلال الاعتماد كليا على موقع للتواصل الاجتماعي خاص بالسفر والإقامة، ومن ثم مقابلة أهل إيران المحليين وعدم الإقامة في فنادق أو بيوت الشباب، واجراء حوارات مع المواطنين الإيرانيين المحليين، والتعرف على سلوكياتهم وأحوالهم وأحلامهم، واكتساب صداقات جديد قد تدوم طويلا أو للأبد، وزيارة المعالم الاثرية والتراثية، والتعرف عن كثف على ثقافاتهم المتنوعة.

هكذا احتوى الكتاب على مذكرات السفر اليومية التي قام بها المؤلف راصدا بأسلوب أدب الرحلات ملامح إيران من الداخل عبر مزاراتها ودور العبادة ومنازلها وشوارعها ومتاحفها وطبائع أهلها وشخصياتها التاريخية وغيرها، ولزيادة الفائدة قام بدوي بإعطاء فكرة مبسطة وسهلة لكل مكان زاره.

وعلى الجانب الإنساني، ركز بدوي على كرم الإيرانيين وجوانبهم الإنسانية المتميزة، وحفاوتهم بضيوفهم، واعتزازهم بحضارتهم، مما كان له الأثر الفعال في كسر حاجز الخوف الذي قد يجده أي مسافر لإيران خصوصا في بعض البلدان العربية مثل مصر وغيرها، ليؤكد عبر صفحات كتابه أن إيران بلد لديه من التنوع الثقافي ما يجعله مصدرا للإلهام خصوصا في المجالات الإبداعية.

والكتاب صدر في طبعته الأولى عن دار مقام للنشر والتوزيع وهو ينتمي لأدب الرحلات، حيث استخدم المؤلف في كتابته الأسلوب الأدبي السهل الذي يبدأ معك إلى أن ينتهي من دون أن تشعر بالملل، فها هو يتحاور مع موظف شركة الطيران أمام «الكاونتر» حول الأسباب التي دفعته لحجز تذكرة ذهاب فقط، ليقول له الموظف: «هو حضرتك رايح إيران ومش راجع»؟، إلا أن المؤلف يشرح له أنه جعل حجز رحلته في اتجاه واحد، القاهرة - شيراز، ولكنه لا يعرف من أي مدينة ستكون عودته.

ويستعرض المؤلف الأحداث التي مرّ بها منذ اقلاع الطائرة من مطار القاهرة وصولا إلى مدينة شيراز الإيرانية، ومن ثم يستعرض مغامراته التي رصد من خلالها الجمال الذي شاهده في ربوع إيران، عبر سرد قصصي مشوق، للعادات والتقاليد الإيرانية والتطور الذي لحق بها في ظل الحكومة الحالية، خصوصا في مسألة ارتداء الحجاب، الذي لم يعد فيه تشددا كما كان في السابق، بالإضافة إلى تطرقه للفنون الجميلة التي يمتاز بها مبدعو إيران. كما زار معالم حضارة فارس القديمة، وتوجهه منفردا إلى المسجد الوردي في شيراز، ومسجد سيد علاء الدين الكاظمي، الذي أدى فيه صلاته كاملة كسني، ولم يتوجه إليه أي أحد بأي استفسار أو حتى كلمة، فيما رصد بعض تناقضات المجتمع، وهي تناقضات يراها المؤلف في مختلف بلدان العالم.

وانتقل المؤلف في رحلته إلى مدن أخرى، مثل اصفهان وقم وطهران وغيرها من المدن الإيرانية، التي اعطى فيها للقارئ انطباعاته ورأيه الموضوعي من خلال مشاهداته التي بدت متنوعة وكثيرة.

وفيما انهى بدوي رحلته إلى إيران، يستعد لرحلة أخرى سيقوم بها لاحقا إلى أفغانستان.

وتضمن الكتاب صوراً تشير إلى الكثير من المعالم والأماكن التي تتمتع بها إيران قام بالتقاطها المؤلف من خلال كاميرته الافتراضية.