على غرار بساطة أشرطة اختبار الحمل
«المِجَسات الاستشعارية»... أول شرائح «منزلية» لتشخيص السرطان فورياً!
إعداد: عبدالعليم الحجار
1 يناير 1970
11:03 ص
الشريحة الاستشعارية ستنقل تقنية تشخيص الإصابات السرطانية والفيروسية من تعقيدات المختبرات إلى بساطة الاستخدام المنزلي
في خطوة تكنولوجية جديدة تمثل تطوراً غير مسبوق على صعيد الرصد والتشخيص المبكر لمرض السرطان، نجح باحثون بولنديون وأميركيون في ابتكار وتطوير أول شرائح استشعارية يمكن استخدامها منزلياً في أي وقت (على غرار أشرطة اختبار الحمل) ليتمكن أي شخص من أن يرصد بنفسه ما إذا كان مصاباً بذلك المرض الخبيث الذي ظل لسنوات طويلة سبباً رئيسياً في وفاة كثيرين حول العالم، إما بسبب اكتشافه متأخرا جداً أو حتى عدم اكتشافه أساساً لعدم ظهور أعراض واضحة.
فصحيح أن أمراضاً سرطانية كثيرة يمكن معالجتها بنجاح إذا استشار المريض طبيبه مبكراً، لكن المشكلة ظلت كامنة في أن معظم تلك الأمراض لا تُبدي أي أعراض منذرة إلا بعد بلوغها نقطة اللاعودة.
هذه الإشكالية باتت في طريقها إلى أن تصبح جزءاً من الماضي، وذلك بفضل تطوير أول شرائح استشعارية كيماوية رخيصة الثمن وبسيطة وسهلة الاستعمال نجح باحثون في ابتكارها في مختبرات معهد الكيمياء الفيزيائية التابع لأكاديمية العلوم البولندية في العاصمة وارسو، وذلك بالتعاون مع باحثين من جامعة نورث تكساس الأميركية.
البروفيسور البولندي فولدزيميرز كوتنر هو الذي ترأس فريق الباحثين البولنديين بينما ترأس البروفيسور فرانسيس دسوزا الفريق الأميركي، وهما الفريقان اللذان أثمرت جهودهما المشتركة ابتكار الشرائح الاستشعارية التي تمثل خطوة عملاقة في اتجاه التشخيص الذاتي للسرطان على أساس منتظم في المنزل.
العنصر الأهم الذي يقف وراء فكرة الشرائح الاستشعارية يتمثل في كونها مكسوة بطبقة رقيقة جداً من مادة بوليمرية خاصة تستطيع أن ترصد وتكشف عن وجود جزيئات مركّب الـ«نيوبترين» الكيماوي الذي يفرزه جهاز المناعة طبيعياً بكميات معينة في الأحوال الطبيعية، لكن تلك الافرازات تزداد بإفراط وتظهر بمعدلات عالية نسبياً في سوائل الجسم – بما في ذلك البول والدم – فور نشوء اي اصابة خبيثة خبيثة بما في ذلك السرطان.
وتكمن خصوصية مركّب الـ«نيوبترين» في أنه يعتبر مؤشراً بيولوجيا دليلياً مهماً في مجال الفحوصات التشخيصية، إذ لوحظ أن تركيزه في سوائل الجسم يرتفع بشكل كبير فور الإصابة بأي أمراض ورمية خبيثة وعلى رأسها اللمفوما السرطانية إلى جانب بعض الإصابات بالعدوى الفيروسية والبكتيرية والطفيلية.
لكن الأمر الذي ارتكزت عليه فكرة شرائح «المجسات الاستشعارية» المنزلية الجديدة هو أنه مهما كان سبب ارتفاع مستوى مركب الـ«نيوبترين» في الدم أو البول، فإنه يمثل جرس إنذار مهم يجعل الشخص يسارع إلى طبيبه كي يستكشف السبب الكامن وراء قرع ذلك الجرس التحذيري.
ورداً على سؤال عن الكيفية التي تعمل الشرائح المنزلية الجديدة من خلالها لترصد وجود مركب الـ«نيوبترين»، قال الباحث الدكتور بيوش سيندهو شارما التابع لأكاديمية العلوم البولندية في وارسو إن الطريقة المنطقية هي «استخدام مادة خاصة قادرة على التعرف على وجود ذلك المركب، وهي المادة التي يتم تصميمها تحضيرها بأسلوب البصمة الجزيئية»، موضحا أن المادة التي استخدموها لهذا الغرض هي البوليمر.
وإذ شرح أن الطريقة تعتمد على طلاء شريحة «المجس الاستشعاري» بطبقة رقيقة جداً من ذلك البوليمر مع مكونات كيماوية كاشفة أخرى، أشار الدكتور شارما إلى أن تلك الطبقة تشهد تفاعلات تسلسلية في حال وجود مستوى معين من مركب الـ«نيوبترين» في عينة البول أو الدم التي يضعها الشخص على الشريحة، وهي التفاعلات التي تتجلى في صورة تغيّر معين في لون الشريحة فتنذر المريض بوجود ما يستدعي أن يسارع إلى طبيبه لاستكشاف السبب الذي قد يتضح أنه ورم سرطاني خبيث في بداياته الأولى أو حتى فيروس كبدي أو فيروس مسبب للإيدز.
وأيا يكن ما يكتشفه الطبيب، فإن تلك الشريحة الاستشعارية الثورية تمثل خطوة غير مسبوقة إذ أنها ستؤدي لأول مرة إلى نقل تقنية رصد وتشخيص بدء الإصابات السرطانية والفيروسية الخبيثة من تعقيدات المختبرات الطبية إلى بساطة الاستخدام المنزلي.