زعيم «المستقبل» فاجأ الجميع بالمشاركة شخصياً بذكرى اغتيال والده
رسائل أرادها الحريري من عودته إلى بيروت: المضيّ في مقاومة «الفراغ» وضخّ روح معنوية في «14 آذار»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
03:32 م
شد عصب «تيار المستقبل» في ملاقاة الانتخابات البلدية
استفاق اللبنانيون امس على خبر عودة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري فجراً الى بيروت من أجل المشاركة بنفسه في إحياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال والده، الرئيس السابق للحكومة، رفيق الحريري التي أقيمت في الرابعة والنصف بعد الظهر في «مجمع البيال» وسط العاصمة اللبنانية.
ومع ان غالبية المحيطين بالحريري كانوا قبل عودته يستبعدون هذا الاحتمال، فان خطوته المفاجئة أشاعت أجواء ارتياح وترحيب واسعة في صفوف تيار «المستقبل» خصوصاً وقوى «14 آذار» عموماً، نظراً الى عوامل عدة ليس أقلها ان هذه الخطوة شكلت رداً على الكثير مما ألحق بصورة «تيار المستقبل» من محاولات تشويه وافتئات طوال الفترة الأخيرة، الأمر الذي واجهه الحريري بهذه العودة ولو للمشاركة حصراً في ذكرى استشهاد والده.
ورغم تريث كثيرين في تقويم المشهد السياسي الناشئ عن هذه العودة (الاولى له منذ عام) انتظاراً لردود الفعل على كلمة الحريري في احتفال الذكرى الـ 11 لجريمة 14 فبراير الذي أقيم تحت عنوان «الحق معك... واليوم أكثر»، فان ذلك لم يحجب مناخاً متفائلاً سرى في اوساط العديد من قوى «14 آذار» حيال ما شكّلته عودة الحريري من زخم ايجابي لإعادة ترميم الصورة المهتزة والمتصدّعة لتحالف هذه القوى. علماً انه كان من الصعوبة توقع ما اذا كان الحريري سيمكث الفترة اللازمة في بيروت لإجراء لقاءات او مشاورات تتصل بالوضع العام نظراً الى تكتم المحيطين به عن اي خطوة يعتزم القيام بها.
اما ما توافر من معطيات فورية عقب عودة الحريري، حسب مصادر وثيقة الصلة به، فتشير الى انه أراد منها في الدرجة الاولى رسالة حاسمة وحازمة حيال مضيّه من دون تراجع في حمل أمانة رفيق الحريري بعدما ذهب كثيرون في التشكيك والشكوك سواء منها المقصودة على أيدي الخصوم او الملتبسة على أيدي حلفاء في عزم الحريري الابن على هذا الصعيد، فجاءت العودة لتقول للجميع ان «تيار المستقبل» وزعيمه لا يزالان يشكلان الرقم الصعب في مسار اختطه الرئيس الشهيد.
كما ان المصادر نفسها تلفت الى ان الحريري أراد ان تكون إطلالته مباشرة بين مناصريه وحلفائه وأصدقائه وحتى خصومه، كي يؤكد ان كل مواقفه ومبادراته والتي كان آخرها المبادرة المتعلقة بتأييد ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة إنما تهدف الى إنقاذ الدولة والنظام من استمرار الشغور الرئاسي مهما تطلب الأمر من تضحيات وان كل ما وجه من سهام اليه لن يردعه عن المضي في العمل من اجل تحقيق هذا الهدف.
ولا تخفي المصادر نفسها الهدف الثالث الأساسي من عودة الحريري وهي ان يعيد الى صفوف تياره الروح المعنوية العالية بعدما أمعنت جهات كثيرة في توظيف غيابه الطويل عن لبنان وما يحكى عن بعض متاعبه المالية من اجل محاولة اضعاف «المستقبل».
وتشير المصادر الى ان عودة الحريري قد تكون جاءت في التوقيت الأفضل وسط الاستعدادات الجارية لإجراء الانتخابات البلدية التي بدأ «تيار المستقبل» يعدّ لها بكل جدية خلافاً لكل المعطيات الخاطئة المعاكسة.
وتلفت المصادر في هذا السياق الى ان عودة الحريري امس وحدها لا تعني ان انقلاباً في المشهد السياسي سيقوم على أثرها باعتبار ان الوضع الداخلي بالغ التعقيد والصعوبات ولا شيء يوحي بانفراج قريب خصوصا في مسار الأزمة الرئاسية التي تبدو الى مزيد من التعقيد. ولكن على رغم ذلك فان عودة الحريري وخطابه في ذكرى 14 فبراير سيضخان حيوية سياسية جديدة في المشهد السياسي العام لا بد من انتظار ردود الفعل المختلفة عليها فضلاً عن الأثر الإيجابي المتوقّع في شأن اعادة شد عَصّب انصار «المستقبل» خصوصاً بعد معالجات منتظرة للكثير من أمور داخلية خلال فترة وجود الحريري في بيروت.
وفيما كانت الأنظار شاخصة قبل احتفال «البيال» على ما اذا كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سيحضر شخصياً باعتبار ان ذلك سيكون مؤشراً الى واقع الحال بينه وبين الحريري في ضوء الخلاف الحاد الذي فجّره تأييد الأخير لفرنجية ثم ردّ جعجع بتبني ترشيح العماد ميشال عون، استقطب «بيت الوسط» منذ عودة زعيم «المستقبل» الى بيروت الأضواء في ضوء الاستقبالات واللقاءات التي شهدها، وكان أوّلها مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، الذي حضر يرافقه نجله تيمور، ليلتقي الحريري بعدها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ووزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة وشخصيات أخرى، قبل ان يتوجّه الى ضريح الرئيس رفيق الحريري في باحة مسجد محمد الامين في وسط بيروت ويقرأ الفاتحة عن روحه وينتقل الى «البيال» ويلقي كلمته امام الحضور الرسمي وامام جمهوره (من المدعوّين) الذي لاقاه بحماسة كبيرة.