الملتقى الثقافي كرمه في احتفالية حضرها تلاميذه ورفقاء دربه

ضوء / خليفة الوقيان: سليمان الشطي ... صناعته التفوّق وطبيعته التميّز

1 يناير 1970 09:32 م
عبد العزيز السريع: من أعز الأصدقاء وأكثرهم حكمة

صالح المسباح: لا أحد يمكنه الاستغناء عن مشورته

طلال الرميضي: من أكثر المشجعين للشباب

نبيل بهجت: مشروع الشطي الأدبي ... تجاوز حيزه

علي العنزي: الأستاذ الذي يتصدى لحل أي مشكلة بحكمة

فهد الهندال: قدم قراءة مغايرة لملحمة «الحرافيش»

نجمة إدريس: أسلوبه ... متفرد ومختلف
الدكتور سليمان الشطي... ذلك الضوء الذي مر على المحطات الإبداعية والإنسانية كافة، فجمعها كلها في محصلة مشتركة واحدة... تشير إلى إنسان عرف طريقه جيدا للحياة التي تبتهج بالطيبة وتهلل للسماحة في ارقى صورها، وتندفع بقوة الحب والسلام إلى احتواء الحياة بأكبر قدر من الصدق والإخلاص، إنه الاسم الذي إن لهجت به الألسن سيكون مرادفا للطيبة والمحبة والتفاهم والحوار، وتقبل الرأي برأي قد يسانده أو يدفع عنه الوقوع في الخطأ.

إنه الاسم الذي استلهم من صاحبه عناوين الحياة بأجوائها الإنسانية الواسعة، واتجاهاتها التي لا تخيب أبدا أمل قاصدها، ولا تحيّر من يريد الالتجاء إلى صدق محتواها.

وفي سياق هذه السيرة الإنسانية المتبقية على سطح الأرض... جاء التكريم من الملتقى الثقافي، معبرا عن مكانة الناقد والكاتب والإنسان الدكتور سليمان الشطي، كي يحشد الروائي طالب الرفاعي - صاحب الملتقى - نخبة من الأدباء والمثقفين، معظمهم من رفقاء درب الشطي وتلاميذه، من أجل إلقاء الأوراق البحثية وتقديم الشهادات، وطرح الأسئلة.

وتناولت الشاعرة الدكتورة نجمة إدريس في ورقتها البحثية إبداعات الدكتور سليمان الشطي القصصية، وما قدمه للساحة من انتاج راق ومتميز، مؤكدة أن أسلوبه متفرد ومختلف، في ما طرحت سؤالا مفاده: أين تجد نفسك في البحث العلمي أم الكتابة الإبداعية ؟...

وقدم الزميل الناقد والكاتب فهد الهندال ورقته البحثية التي تحدث فيها عن سليمان الشطي الناقد، مشيرا في استهلال ورقته إلى تأثره بالشطي إبداعا وإنسانية، ثم تناول بالبحث كتابات الشطي النقدية ومنها «رسالة إلى من يهمه أمر هذه الأمة»، و«ثلاث قراءات نقدية»، وموضوعه الذي حصل الشطي بموجبها على الدكتوراه والذي طرح فيه تلازم الفلسفة مع الأدب في كتابات نجيب محفوظ، وتقديمه قراءة مغايرة لملحمة الحرافيش في كتابه «طريق الحرافيش»، ومشروعه المهم عن الشعر في الكويت، الذي لم يغفل فيه أي جيل شعري.

وتناول الشاعر الدكتور خليفة الوقيان... في حديثه سيرة سليمان الشطي الذي صناعته التفوق... مسترجعا ذكرياته مع رفيق دربه في الإبداع الأدبي، منذ انضمامه إلى رابطة الأدباء في الستينات من القرن الماضي، إلى وقتنا الحالي، وقدراته النقدية التي ظهرت قبل دخوله إلى الجامعة، من خلال كتاباته في مجلة «البيان» الصادرة عن رابطة الأدباء، وقال: «سليمان الشطي مبدع طبيعته التميز»، واستعرض الوقيان دور الشطي في كتابة القصة القصيرة والرواية ودوره في الحركة المسرحية والشعر، كاشفا أن الشطي ناشط ثقافي منذ وقت مبكر فهو عضو في عدد كبير من المؤسسات التي تمنح الجوائز... وهو محكم أمين، ولا يزال يعطي بسخاء وتميز... وقال: «الشطي قادر على أن يجمع بين أمرين قلما يجتمعان في شخص واحد، وهما التعمق في التراث ومواكبة المدارس الحديثة، موضحا أنه يلجأ دائما إلى سليمان الشطي الإنسان في كل الأزمات... فهو رجل حكيم لا يمكن الاستغناء عن الاستعانة بحنكته وحصافته».

في ما استرجع الكاتب عبد العزيز السريع بعضا من ذكرياته مع الدكتور سليمان الشطي، وتحديدا في عام 1946 الذي شهد اجتماعا في الإذاعة من خلال التباحث والتشاور في اطلاق مشروع الإذاعة الشعبية - البرنامج الثاني - مع مجموعة من الكتاب والمبدعين والرواد، وكيف ان حديث الشطي المتزن الرصين المنطقي لفت انتباهه، ما دعاه لأن يتواصل معه، وأكد السريع أن للشطي دورا كبيرا في مسرح الخليج العربي، وأنه بعد ذلك تطورت الصداقة وانضم للفرقة وعملا معا في رابطة الأدباء، وأكد أن الشطي على المستوى الإنساني من أعز أصدقائه، وأكثرهم حكمة.

وأشار الباحث رئيس رابطة الأدباء سابقا صالح المسباح، الى أنه لم يحالفه الحظ في أخذ مقرر عند الشطي في الجامعة، وأنه التقاه في رابطة الأدباء بعد انضمامه إلى عضويتها، مؤكدا أن لا احد يمكنه الاستغناء عن مشورة الشطي والوقيان.

وتحدث الدكتور علي العنزي في شهادته عن الشطي الذي عمل معه في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من خلال سلسلة إبداعات عالمية، مؤكدا أن هذه التجربة كانت ثرية بالنسبة له، وقال: الشطي على المستوى العلمي مكتبة نتيجة لرؤيته الثاقبة للأمور، متحدثا عن تواضعه مع زملاء العمل رغم خبراته وتجاربه ومكانته الأدبية الكبيرة، وقال: الشطي... هو الأستاذ الذي يتصدى لحل أي مشكلة بحكمة... ودائما لدي حيوية واستمتاع بالعمل مع انصرافه عن كل ما هو شعبوي.

وأوضح الشاعر سالم الرميضي أنه كان من أصغر تلاميذه وكان آخر مقرر له أشرف عليه الشطي، ومن ثم استفاد منه كثيرا في حياته العملية.

والأمين العام لرابطة الأدباء طلال الرميضي... كشف أنه حاول إقناع الشطي بالمشاركة في أنشطة الرابطة إلا أنه كان يعتذر، وقال: «كثيرا ما نلجأ إليه في أمور تهم الثقافة والإبداع، لأنه يقبل الرأي والرأي الآخر، كما أنه من أكثر المشجعين للشباب من خلال دفعهم للإبداع».

في ما قدم رئيس المكتب الثقافي المصري لدى الكويت الأديب الدكتور نبيل بهجت شهادته، التي كشف فيها أنه كان يعرف الشطي حتى قبل حضوره إلى الكويت، من خلال استاذه الدكتور أحمد الهواري، وقال: مشروع الشطي الأدبي يتجاوز حيزه... وانتاجه واضح في مصر من خلال دراساته المتميز عن نجيب محفوظ، وهو نموذج للمثقف الكبير.

وقدم الكاتب الدكتور نزار العاني شهادته من خلال استرجاعه لمجموعة الشطي القصصية «أمل آخر»، والتي لا تزال احداث قصصها في ذاكرته رغم مرور وقت على قرأتها.

وجاء دور المحتفى به الدكتور سليمان الشطي كي يوجز في الحديث... تواضعا ليقول: «فعلا... لا أرى في نفسي إلا إنسانا عمل مع الآخرين»، وبالتالي أجاب على سؤال يتعلق بمن تأثر موضحا أنه دخل الثقافة ففتن بكل صنوفها الرواية والقصة والشعر والنقد والمسرح... وأن كل ما قرأه أثر فيه، وأنه كان يقرأ كتبا كثيرة في آن واحد.

وفي ما يخص الجمع بين البحث العلمي والإبداع... كشف الشطي أنها كانت مشكلة تواجهه، لذا تأكد أن الفن لا يحب وجود شريك آخر معه، لذا كتب القصة حينما كان طالبا، وتوقف عن الكتابة وقت تسجيله للماجستير، والدكتوراه، ثم هجر البحث العلمي وأخرج مخزونه الأدبي، وحينما اتجه للعمل الأكاديمي ترك الإبداع، وهكذا.

رافضا أن يصفه أحد بالناقد، وقال: «أنا مدرس باحث والنقد له مواصفاته الشخصية ودخلت مع جيلي ساحة النقد لسد الفجوة التاريخية التي تحمّلها جيلنا، لملء الفراغ».

وأوضح الشطي - في إجابته عن سؤال يتعلق بتقاعد الكاتب - أنه يعتبر الكتابة نوعا من العلاج وهروبا من أمراض الشيخوخة.

وتساءل الشطي في الختام: «أتذكر الجيل الذي سبقنا وتتلمذنا على يديه... لم نجد ثغرة إلا وسدها، ونقل لنا كيف نعمل من دون أن نطلب شيئا، وعرفنا منه كيف نتشبث بالجيد، ونفرق بين ما هو متميز وما هو غير متميز، وما يشغلني الآن أننا لم ننجح في نقل ذلك للجيل الذي أتى بعدنا».

وفي الختام... فاجأ الكاتب يوسف خليفة الحضور بإهداء الشطي لوحة انيقة تضم صورة فوتوغرافية التقطها له بكاميرته منذ فترة.