3.3 مليار دينار خسارة السوق في 11 جلسة منذ بداية العام!

هل تستحق الأسهم الثقيلة التداول بأسعار 2002؟

1 يناير 1970 04:02 م
انهيار السوق يفرض واقعاً جديداً على توزيعات البنوك والشركات

تراجع الأسعار السوقية للأسهم يحتّم تعزيز المخصصات وتوفير «الكاش» للأيّام الصعبة

«زين» تتداول عند مستويات 2002 و«الوطني» يناير 2010 و«بيتك» 2009

القيمة السوقية للأسهم المُدرجة تراجعت 12.3 في المئة منذ بداية العام لتصل إلى22.9 مليار دينار
وسط موجة الاضطرابات في الأسواق العالمية والخليجية، عصفت تراجعات البورصة الكويتية بالأسهم القيادية، لتتركها عند مستويات كانت تتداول عندها أو قريبة منها في العام 2002، فيما أغلق مؤشر السوق أمس تحت حاجز الخمسة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ 5 مايو 2004.

ومن اللافت أن العديد من أسهم البنوك وصلت إلى المستويات التي بلغتها في ذروة الأزمة العالمية في العام 2009، على الرغم من الاختلاف الكبير الذي طرأ على أساسيات القطاع المصرفي، بعد أن جنبت البنوك ما يقارب 6 مليارات دينار من المخصصات، وبعد ان دعمت قواعدها الرأسمالية، وكونت دعامات سيولة ضخمة، ما يجعلها قادرة على مواجهة الحالات الطارئة، كما تُظهر اختبارات الضغط التي يجريها البنك المركزي وصندوق النقد الدولي.

وقال خبراء صندوق النقد الدولي في التقرير الأخير الصادر العام الماضي إنه «على الرغم من أن البنوك الكويتية مُعرَّضة - بشكلٍ مباشر أو غير مباشر - للانكشاف على مخاطر تحركات أسواق الأسهم وقطاع العقار، إلّا أنها تتمتع بمصدات رأسمالية ومخصصات كبيرة لتحمل الصدمات».

وأظهرت نتائج اختبارات الضغط التي أجرتها بعثة صندوق النقد الدولي استمرار قدرة (مرونة) القطاع المصرفي على تحمّل الصدمات، بيد أن بعض البنوك كانت أكثر حساسية من البنوك الأخرى، وقد تحتاج إلى رفع رؤوس أموالها وذلك وفقاً للسيناريوهات الأكثر شدة. كما أشار التقرير إلى ضرورة تطوير الإطار العام للسياسة التحوطية الكلية، وتطوير نظام الإنذار المُبكّر وأدواته، وبما يُسهم بشكلٍ فعّال في تعزيز القدرة على التقييم المنهجي والحيلولة دون نشوء أزمات نظامية، خاصةً ضرورة التركيز على جمع مؤشرات القطاع العقاري، وذلك لرصد مخاطر سوق العقار.

إلا أن الخبراء أكدوا أنه «نظراً للترابط المُتبادل، فإن التغيرات المفاجِئة في أوضاع السوق قد تُبرِز مخاطرة على النظام المالي وعلى الاقتصاد الكلّي خلال فترات الضغط». وأضافوا: «ان بنك الكويت المركزي يُولي اهتماما كبيرا للإشراف والرقابة على وحدات الجهاز المصرفي، والعمل وبشكلٍ استباقي على تجنّب أي مخاطر من خلال استخدام الأدوات التحوطية الكلية. إضافةً إلى ذلك، فإن الاتجاه التصاعدي للتمويل بالجملة، وإن كان من مستوى متدن، والتنوع الجغرافي للأصول، يدعوان إلى تعزيز المتابعة للحد من مخاطر أثر الانتشار من دول المنطقة».

وفي ضوء تلك التأكيدات، يجزم محللون ماليّون بأن السوق يبالغ في معاقبة أسهم البنوك تحديداً. فكل ما يُقال عن انخفاض قيم الرهونات أو المخاوف من بروز تعثرات جديدة، لا يبرر كل هذه السلبية في النظرة إلى القطاع المصرفي.

وكانت الأسهم القيادية التي يمثل بعضها مكونات المؤشر «كويت 15» الأكثر تأثيراً في فداحة خسارة السوق ومؤشراتها الوزنية أمس، الذي يتداول عند مستويات مارس 2009 بهذا الشكل، إذ بلغت خسائر القيمة السوقية 3.3 مليار دينار في 11 جلسة منذ بداية العام، أي بنسبة 12.3 في المئة لتصل الى 22.9 مليار دينار، ما ادى الى خسارة تبلغ 13.7 في المئة لمؤشر الأسهم الثقيلة (كويت 15).

ووصل المؤشر العام (السعري) الى مستويات مايو 2004 (تحت سقف الخمسة آلاف نقطة)، أي ما قبل 12 عاماً تقريباً، دون احترام لأي حواجز فنية او مستوى دعومات كان يتوقف عندها لبعض الوقت قبل أن يستعيد توازنه او يواصل هبوطه!

وبحسب اقفالات أمس تتداول أسهم لها ثقلها في البورصة عند مستويات لم تشهدها منذ 13 عاماً مثل «زين»، وتحديداً في 15 ديسمبر 2002 و «الوطني» عند مستويات 13 يناير 2010 ولامس ذات الاسعار في 2009، في ذات الوقت الذي أقفل فيه سهم بيت التمويل الكويتي عند مستويات مطلع يناير 2009، وأجيليتي عند أسعار سبتمبر 2012 ما يجعلها الاقل خسارة مقارنة ببقية السلع القيادية.

ويُراعى في تكرار تلك الأسعار ما أقرته الشركات والمؤسسات المصرفية الكبيرة من توزيعات كبيرة خلال السنوات الماضية، إذ لا يخفى ان قدامى المساهمين في تلك السلع القيادية قد استردوا قيمة مساهماتهم أضعافا واضعافا، إلا ان من قرر الاستثمار فيها خلال الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع العائد الجاري قد تكبد خسارة لاسيما في ظل التراجعات المستمرة.

وبات واضحاً أن قطاعات رئيسية اصبحت أمام واقع صعب بسبب الانكشاف المباشر وغير المباشر على سوق الكويت للأوراق المالية ما سيظهر بشكل كبير ضمن البيانات المالية للربع الاول من العام الحالي (2016).

ويأتي قطاع البنوك في مقدمة هذه القطاعات، فهناك تأثر مباشر نتج عن تراجع المحافظ المملوكة لها والتي تمثل مساهمات كبيرة في شركات مُدرجة طالها الهبوط الحاد خلال الآونة الاخيرة، بخلاف انكشاف محفظة الرهونات التي تبلغ بحسب احصائيات بنكية 6 مليارات دينار.

مصادر مصرفية قالت لـ «الراي» ان بعض المحافظ المرهونة مسجلة بقيمة تقل كثيراً عن الأسعار الحالية، مقابل هيكلة مالية لشركات ومجموعات، إذ تنازلت تلك الجهات عن أصول لها مقابل الدين، إلا أن الوضع الحالي للبورصة جعلها تحت سقف نصف أو ما دون نصف القيمة المرهونة!

وذكرت ان تحديات كبيرة تواجه قطاع الشركات الاستثمارية وإدارة الأصول من جديد، فهناك محافظ متاحة للبيع باتت أمام تقييمات جديدة، بعد ان خسرت ما يفوق 50 في المئة من قيمتها، ما يستدعي تجنيب المزيد من المخصصات، سواء لدى البنوك أو الشركات ذات الطابع الاستثماري او المنكشفة مباشرة على الاسهم المُدرجة.

وتحدثت «الراي» إلى عدد من مديري الاستثمار في مجموعات قيادية، وكان التعليق المباشر: «لا نفعل أي شيء سوى التفرج على ما يحدث، لدينا مراكز استراتيجية في سلع مُدرجة القليل منها يحفظ بدفاع محدود». أحدهم قال إن «الامر لا يتعلق بأسعار النفط المهتزة وما تشهده من تراجعات كبيرة، لافتين الى عدم انكشاف السوق بشكل كبير على البترول (هناك عدد قليل جداً من الشركات ذات ارتباط خدماتي قريب من القطاع، وعلى العكس فهناك شركات تستفيد من هبوط أسعار النفط لارتباط أنشطتها بالنقل والخدمات التي تعتمد على الوقود».

واستغرب مديرو الاستثمار من عدم تدخل الحكومة ومحافظها التابعة بشكل أكبر في السوق لاسيما وان الاسعار التي تتداول عليها الاسهم التشغيلية التي تمثل ملاذاً آمناً للسيولة لم تشهدها منذ سنوات طويلة، بل ان بعضها لم يشهد تعاملاً بهذا السعر منذ الإدراج!

وكان السوق انهى تعاملاته أمس على انخفاض كبير ضمن سلسلة التراجعات التي يشهدها منذ بداية العام بسبب حزمة من الاسباب الخارجية والفنية الداخلية ما اثر على الشركات المدرجة التي بلغت أسعارا مغرية، إلا ان العزوف والخوف يتسيّدان الموقف. وانخفض المؤشر السعري ليصل الى مستوى 4985 نقطة مع تكرار وتيرة الضغوطات البيعية المتوالية ما نتج عنه تفاقم خسائر العديد من المستويات السعرية لجميع الاسهم لاسيما القيادية التي تعرضت الى الانزلاق لمستويات سعرية غير مسبوقة رغم محاولات الدعم الشرائي والذي لم يفلح في كبح جماح انزلاق المؤشرات الرئيسية الثلاثة.

وكان لافتا خلال الجلسة تنوع عمليات البيع بين الافراد والمؤسسات بهدف الخروج من الاسهم باقل خسائر ممكنة لحين عودة الامور الى مسارها الطبيعي.

وتعقيبا على أداء جلسة الأمس قال أحد المراقبين إن السوق الكويتي تراجع مع انخفاض الاسواق العالمية بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع اسعار النفط الى مستوى 20 دولارا للبرميل علاوة على التوقعات برفع اسعار الفائدة الاميركية مجددا والتي ستزيد من معاناة الاقتصادات العالمية.

واقفل المؤشر السعري بـ انخفاض قدره 98.5 نقطة ليصل الى مستوى 4985 نقطة في حين بلغت القيمة النقدية نحو 13.5 مليون دينار نفذت من خلال 3140 صفقة نقدية وبكمية أسهم بلغت 93.2 مليون سهم.