في العمق

هكذا تُظلم الصداقة!

1 يناير 1970 08:28 م
ليس من الضروري لتكوين علاقة قوية مع شخص أن يكون توافق الأفكار والقناعات والمبادئ تاماً بين الطرفين، مهم أن تكون هناك مساحة مشتركة أو نقطة اتفاق ترتكز عليها العلاقة ومنها تنطلق نحو الاستمرار، لكن ليس من المنطق أن يتم توحيد كل الأشياء فتذوب الشخصيات في بعضها تماماً ناهيك عن أن يكون ذلك مطلباً مُلحاً عند أحد طرفي العلاقة! إننا بذلك نحمّل النفس والعلاقة فوق قدرة استحمالهما.

تأتيني إحداهن مبهورة مقهورة لأن صديقتها المقربة خالفتها الرأي علناً أمام الجميع، تتحدث بحرقةٍ تشبه حرقة المغدور به!.. أستغرب كثيراً من درجة التطلبات التي وصلت إليها العلاقات، تطلبات سطحية تُميت أواصر الصداقة وتسيء استخدام هذا المفهوم، من قال إن الصديق يجب أن يوافق صديقه بكل الأمور؟ ومن أعطاك الحق لتتضايق من صديقك وتنتظر منه اعتذاراً تصريحاً أو تلميحاً لأنه عبر عن رأيه الشخصي المخالف لرأيك تجاه قضية ما؟

أعتقد أننا بذلك نُشوّه مفهوم الصداقة الحقة، وننسلخ في صداقاتنا عن مفهوم الصداقة الأصيل الذي يرتكز على التقدير، الصبر، الاحتواء، التقبل، الاحترام والمساندة، تلك المعاني التي تزيد الرابطة متانة وقوة، ننصرف عن ذلك مركّزين الاهتمام حول توافه الأمور تلك التي لا تعود بالنفع على العلاقة بل تضعفها وتمزقها.

أختم بهمسةٍ لكل الأصدقاء، لأنك صديقي أتوقع منك أن تتفهم تقلبات مزاجي أحياناً، تارة أستطيع إخفاء همومي حتى عنك وتارة أخفق في ذلك فتجاوز عني، لأنك صديقي سآتي وأصارحك بتغيير بعض أفكاري وأتوقع منك مناقشتي وتقبلي كما أنا دون أن تهاجمني، لأنك صديقي أتمنى منك ألا تجاريني بأخطائي وألا تهجرني بسببها كذلك، وتذكر أنك تمتلك حقاً بالنصح لا يمتلكه غيرك فصديقك من صدَقك لا من صدَّقك، لأنك صديقي يسرني منك أن تستوعب ذلك الاختلاف الجزئي بين عقلينا ولنتخذه سبيلاً لتبادل الفائدة والمنفعة فللاختلاف فوائد لا يحصدها المتفقون دائماً، ولأنك صديقي أنتظر منك حفظاً لأسراري ولا تنتظر مني غفراناً لإفشائها!

يا صديقي... كن لي ذلك الملاذ الآمن ولك سأكون كذلك!

a.a.h.alawadhi85@gmail.com

Twitter: @3ysha_85