عرض «الاتصالات السعودية» أدنى من توقعات السوق... فكيف يراه المحللون الماليّون؟
هل الـ «دينار» الواحد قليل على سهم «VIVA»؟
| كتب علاء السمان |
1 يناير 1970
07:34 ص
• السعر يعادل مضاعفاً للربحية بنحو 11.3 مرة للعام 2015 بأكمله... أدنى من متوسط القطاع خليجياً
• سعر العرض يوفر أرضية للسهم عند الدينار... وبعض الصغار يفضلون التخارج من خلال السوق
• حسابات معقدة أمام الجهات الحكومية... هل يكفيها 900 في المئة خلال أقل من 10 سنوات؟
جاء عرض شركة الاتصالات السعودية للاستحواذ على 74 في المئة من أسهم «VIVA» أدنى من توقعات السوق، ففي حين كان كثيرون يتوقعون أن يكون السعر 1.1 دينار أو أكثر، جاء عرض الاستحواذ بسعر دينار كويتي واحد. إلا أن المحللين الماليين يرون الأمر من منظار آخر.
وما يعتقده المحلّلون والمستثمرون المؤسّسيّون ربما يساعد في التنبّؤ بموقف الجهات الحكومية، التي تملك نحو 27 في المئة من الأسهم، فهل ستبيع أم تجد السعر قليلاً فتحتفظ بالسهم؟
رد الفعل الأول من السوق بعد الإعلان عن السعر قبيل التداول أمس، جاء من خلال افتتاح تداول سهم «VIVA» عند مستوى الدينار أي أقل 100 فلس من سعره السوقي حسب الاقفال السابق وهو 1.1 دينار، فيما بلغت الكمية المتداولة 6.02 مليون سهم بقيمة تبلغ 6.02 مليون دينار والتي تمثل 37.5 في المئة من القيمة المتداولة في البورصة خلال جلسة الامس (16 مليوناً).
كثيرون يتحسّرون لأنه كان بالإمكان تسييل كمياتهم عندما كان يتداول السهم فوق الدينار، لكن الجميع أضاعوا الفرصة بسبب توقعهم أن يكون سعر العرض الاستحواذ أعلى من ذلك، إلا أن كل ذلك أصبح من الماضي، فحديث اليوم محصور بسعر الدينار ومدى عدالته. وهنا لا بد أن تؤخذ جملة عناصر في الاعتبار:
1. يعادل سعر الدينار للسهم مضاعف ربحية للعام 2015 (P/E) بنحو 11.36 مرة. (حقق السهم 66 فلساً حتى نهاية الربع الثالث، وربما تصل ربحيته للعام بأكمله إلى 88 فلساً). وهذا المكرّر أدنى من متوسط مضاعف الأسعار لأرباح شركات الاتصالات الخليجية في الأشهر الـ 12 الماضية، البالغ 12.71 مرة، لكنه يبقى أعلى من مضاعف سعر «زين» البالغ 7.13 مرة.
2. الشركة ما زالت في طور النمو، لكنها ربما لن تكون قادرة على تحقيق نمو مزدوج الخانة في الإيرادات أو الربح الصافي، بعد أن وصلت حصتها السوقية إلى نقطة قريبة من التشبع، وليس أدل على ذلك من أن عدد العملاء نما بنسبة 1 في المئة فقط على أساس سنوي بنهاية سبتمبر الماضي، ليصل إلى 2.4 مليون عميل. وإذا كان نمو الإيرادات لا يزال مزدوج الخانة هذا العام، فإن ذلك قد لا يتكرر العام المقبل. وبناء عليه فإن مضاعف السعر إلى الربحية المستقبلي (forward P/E) قد لا يختلف كثيراً عن المستوى المضاعف الراهن.
3. لم توزّع الشركة أرباحاً بعد منذ تأسيسها، وربما يحمل العام المقبل أول توزيعة لها. ويتوقع بعض المحللين الماليين أن يكون معدل التوزيع إلى الربح في 2016 أقل من 50 في المئة، أي ربما 40 فلساً، ما يجعل العائد الجاري على السعر السوقي الحالي نحو 4 في المئة.
بناء على ما سبق ستجرى الحسابات لدى 3 فئات من المساهمين هي :المؤسسات الحكومية، والمستثمرون المؤسسيون (محافظ وصناديق استثمار)، ومضاربون عاديون. ولكل من هؤلاء حساباتهم وطريقته.
بالنسبة للمضاربين الأفراد، قد يتسبب تقديم عرض بأقل من السعر المتداول في البورصة في تفضيل البعض البيع في السوق ولو بسعر أقل بقليل على الانتظار أسابيع عدّة للبيع في عرض الاستحواذ الشامل. لكن في المقابل، لا يمكن للسهم أن يبتعد عن الدينار كثيراً، لأن ذلك يوفر فرصة (arbitrage)، بمعنى أن الفرصة ستسنح للبعض للشراء في السوق والبيع لـ «الاتصالات السعودية» بسعر أعلى. ولذلك فإن سعر العرض (الدينار)، يوفر أرضية (floor) للسعر لا يمكن النزول تحته كثيراً.
أحد أصحاب المحافظ المالية التي كانت تقوم بالتجميع على السهم خلال الأسابيع الماضية قال لـ «الراي»: «كنا نرى سعر الاستحواذ بين 1.1 و1.2 دينار مجدياً للمشاركة في التجميع والبيع وفقاً لمستند العرض الذي يُقدم لهيئة أسواق المال، واليوم وبعد الإعلان الرسمي تغيرت رؤيتنا، الاحتفاظ بالسهم قد يكون أجدى، لاسيما أن الشركة على أبواب البدء بتوزيع أرباح للمرة الأولى، لسنا في عجلة من أمرنا».
أما بالنسبة للحصص المملوكة للمؤسسات الحكومية مثل التأمينات الاجتماعية التي تتملك ما يقارب 10 في المئة وهيئة الاستثمار التي خُصص لها 6 في المئة لدى التأسيس، والاوقاف وهيئة شؤون القصّر وبيت الزكاة (لكل منها 4 في المئة)، فحساباتها أكثر تعقيداً، ما بين التخارج بعائد يصل إلى 900 في المئة خلال 9 سنوات، أو اعتبار أن الاستثمار لم ينضج بعد، ولا بد من الانتظار لجني عائد توزيعات سنوية، والترقب لعل الفرصة تتاح في مقبل الأيام للتخارج بسعر أعلى. وبالطبع، فإن الحسابات في هذا الشأن تأخذ في الاعتبار تكلفة الفرصة البديلة. ففي ظل أسعار الفائدة المنخفضة وسوء حال أسواق الأصول المختلفة، قد لا يكون من السهل تحقيق عائد أفضل مما يوفره السهم إذا ما تم الاحتفاظ به.
وقد يدخل في حسابات الجهات الحكومية سؤال افتراضي: ماذا لو سيطرت «الاتصالات السعودية» على أكثر من 50 في المئة من أسهم «VIVA»؟ هل سيتراجع الوزن المعنوي للمساهمات الحكومية؟ وهل يدفعها ذلك إلى القبول بسعر أدنى من المعروض حالياً في المستقبل؟
أما المحافظ والصناديق، فحساباتها أبسط، إذ ربما يتحكم بقرارها سعر التكلفة، وتوقعاتها لحركة السهم بعد إتمام صفقة الاستحواذ.
في الجانب الآخر، يبدو عرض الدينار منطقياً من جانب «الاتصالات السعودية»، فالشركة السعودية سبق لها أن دفعت علاوة كبيرة للدولة ثمناً لتملّك حصة الشريك الاستراتيجي (أكثر من دينارين للسهم)، ولا بد لها من «التبريد» على حصتها لخفض متوسط التكلفة. وقد يكون من المنصف من وجهة نظرها أن يتخارج شركاؤها الذين اشتروا السهم بـ 100 فلس، بعائد يصل إلى 900 في المئة، فيما تتفرّغ هي لتحقيق عائد أفصل على استثمارها، بعد سنوات من الجد لتحويل الشركة إلى الربحية وبناء حصة سوقية مجزية. وربما يكون في حسابات الشركة السعودية أن تحويل الشركة من زميلة الى تابعة يوفر لها مساحة أكبر من التحكم والسيطرة.
في كل الأحوال، يشير كثيرون إلى أن نجاح «الاتصالات السعودية» في إدارة الشركة الكويتية وإيصالها إلى شط الربحية خلال سنوات قليلة أسدى جائزة كبيرة للمساهمين من الجهات الحكومية والمواطنين، وأقل ما في الأمر أن تستحق شكراً على ذلك.