اعتبر في ندوة التيار التقدمي أن القوانين في الكويت تستغل سياسياً وتطوّع لصالح السلطة التنفيذية

الملا: قوى سياسية شجّعت الحكومة لاستخدام «التجنيس» سلاحاً

1 يناير 1970 03:13 م
• الفيلي: قانون الجنسية «مرقع» وبه تعديلات متناقضة والقوى السياسية لديها مراهقة تصفق إن ضرب خصومها ولا تفكر متى يأتيها الدور
فيما اعتبر الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي أن قانون الجنسية «مرقع» وفيه تعديلات متناقضة ومبني على انفراد السلطة التنفيذية، واصفا القوى السياسية «بأن لديها مراهقة سياسية وتصفق متى ما ضرب خصومها ولا تفكر متى يأتيها الدور»، اتهم النائب السابق صالح الملا بعض القوى السياسية من قصيري النظر بأنهم شجعوا الحكومة على استخدام قانون التجنيس كسلاح ضد خصومهم، عبر تحريضها على بعض المختلفين معهم للانتقام منهم، مردفا أن هذا القانون لم يشهد تطبيقا صحيحا له منذ صدوره إذ نفذ بحسب أهواء الحكومة التي استخدمته إما لتجنيس فئات معينة وتجنيدها سياسيا أو ضرب فئات أخرى لتشكل الخارطة السياسية وفق أهوائها.

وقال الملا خلال الندوة التي أقامها التيار التقدمي الكويتي تحت عنوان «قانون الجنسية أزمة تشريع او ولاية قضائية» مساء أول من أمس إن «القوانين في الكويت تستخدم استخداما سياسيا»، موضحا أنه «مخطئ من يظن أننا دولة قانون بل تطوع القوانين حسب أهواء السلطة»، داعيا إلى مراجعة القوانين خصوصا ما يتعلق بمستقبل الناس وأرزاقها.

وأضاف الملا أن الحكومة بدأت تعترف بذلك الاستخدام للقانون بعدما كانت تنكره وتضع اللوم على مواده، معتبرا أن الكل وهو منهم، يتحملون مسؤولية عدم إعارة أي انتباه لخلل القانون الذي مكن الحكومة من استخدامه بشكل غير مبرر، مضيفا أن الاعتراف الحكومي بذلك الاستخدام «المزاجي» أعلن عنه مسؤول أمني من أبناء الأسرة الحاكمة الذي قال: «لدينا كل المعلومات عن المزدوجين، ولنا اتصالات مع دول ونملك كل الملفات، ومن يثير المشاكل هو من يطبق عليه القانون، أما المزدوج اللي خوش ولد فلا يطبق عليه»، مبينا أن هذا يؤكد أن السلطة التنفيذية استخدمت «المزاجية» مع النائب السابق عبدالله البرغش وغيره،لافتا إلى أنه «لا نحتاج جهدا لنثبت أن السلطة التنفيذية تستخدم القانون كسلاح لتصفية الحسابات السياسية مع الخصوم».

وذكر الملا القوى السياسية بحادثة ياسر الحبيب وسليمان بوغيث حيث كان الرأي الذي تبناه حينها ينحو باتجاه: عدم إعطاء السلطة التنفيذية سلاحا لم تكن تستخدمه، إلا أن أحدا لم يسمع تحذيرنا إلى أن اكتوى هؤلاء بنار التصرفات الحكومية بعدما كانوا هم من دعوها إلى استخدام قانون الجنسية كسلاح في وجه خصومها.

وأضاف: «كان المفترض أن نصر على أن يكون الكلام للقضاء بغض النظر عن تصرفات أبو غيث أو ياسر الحبيب»، مبينا أن «هناك من أسقطت جنسيته وتشرد في أوروبا، فيما كان المفترض ألا تتعامل دولة المؤسسات مع هذا القانون بهذه الطريقة».

واعتبر الملا أن هذه الفترة قد تكون بحراكها السياسي وآلامها ومصائبها خيرا، حيث أدرك السياسيون «أنهم كانوا مخطئين بحق الشعب لإهمالهم قوانين لو كرس الجهود لتعديلها لما وصل بنا الحال إلى هذه المرحلة»، مشيرا إلى أنه «لدينا بنية تشريعية مهترئة».

من جانبه، قال الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي إننا أمام قانون جنسية «مرقع وفيه تعديلات متناقضة، ومبني على انفراد السلطة التنفيذية»، واصفا «القوى السياسية بأن لديها مراهقة سياسية وتصفق متى ما ضرب خصومها ولا تفكر متى سيأتيها الدور».

وأضاف الفيلي أن «هناك ثلاثة مفاتيح تساعدنا في فهم قانون الجنسية»، مبينا أن «هذا القانون كان ضروريا لإعلان الدولة، حيث أتى في إطار حزمة منها، وكونه أتى بهذا الهاجس اضطررنا أن نبتدع فيه حيث ان المشرع أخذ فيه بصلة الدم وتحديدا الدم الأبوي»، لافتا إلى أن واضع القانون «واجهته مشكلة، واكتشف أنه لا يعرف الكويتي الذي سيلد كويتيين، وبناء عليه اختار الكويتي الافتراضي، الذي جاء في 1920».

وأضاف الفيلي ان «المفتاح الثاني أنه قانون أتى بفكر أنه بيد السلطة التنفيذية وتديره بالكامل، وحتى هذه الجنسية الافتراضية هي قرارعند السلطة التنفيذية لأن تحديد الكويتيين الافتراضيين بناء على لجان تحقيق لكنها لا تقرر من هو الكويتي الافتراضي وإنما لجنة عليا هي من تقرر»، مبينا أن هذا المفتاح يرتبط بعنصر استبعاد القضاء منذ البداية وبأكثر من شكل.

وذكر الفيلي، أن «المشرع مسكون بمسائل محجوبة عن القضاء، فاستبعاد القضاء أمر مرتبط باحتجاز القانون للسلطة التنفيذية»، موضحا أن «السلطة التنفيذية ومنذ البداية طبقت القانون باعتبارها تجتهد كما تشاء ولا تراجع فيه، وهذا ما قاد إلى حجب الاختصاص عن القضاء»

واشار الفيلي إلى أن تعديلات عدة أدخلت على القانون جعلت «حكمه غير منطقي»، معتبرا أن هناك تضاربا بين مواده والدستور، ومضيفا أن «الكثير من القوانين القديمة أدخلت عليها تعديلات فأصبحت كالثوب فيه الكثير من الرقع ما أفقد القانون شكله ولم يعد واضحا».

وعن حل الإشكالية في قانون الجنسية، أوضح الفيلي أن «الحل في خطين الأول تعديل تشريعي ينطلق من ورشة متكاملة وليس ترقيعيا، والاتجاه الثاني أننا أمام نص يخالف الدستور، ما يقتضي التعامل معه عبر جهة مختصة إما بدعوى منظورة أو بدعوى مباشرة»، مضيفا أن الإمكانية لذلك موجودة الآن، ومشيرا إلى أن هناك شبهة واضحة في مخالفة الدستور حيث تقرر المادة 166 من الدستور بأن «حق التقاضي مكفول للناس».

واعتبر الفيلي أن «هناك قوانين استراتيجية من الخطر أن ندخل فيها التسويات السياسية»، مدللا على ذلك بربط الجنسية بالدين ثم القول بسحبها عمن يرتد متسائلا في ذلك: «عمن سيقطع بهذا الارتداد»، ومجيبا بالقول: «إما حكومة آيات الله، أو حكومة الشيوخ»، ومبينا أن «قانون الجنسية مليء بالخلايا النائمة التي يمكن أن تستيقظ في أي لحظة».

بدوره، ذكر المحامي الحميدي السبيعي أن مسؤولا أمنيا أبلغه «بعد حادثة اعتداء قوات الأمن على عبيد الوسمي في ديوانية الحربش أن المرحلة المقبلة بعد استخدام القوات الأمنية للضرب سيكون استخدام الجنسية»، مبينا ان السلطة التنفيذية جادة في استخدامه كسلاح ضد خصومها.

وبين السبيعي أن العمل السياسي فسر على أن العمل الذي تمارسه السلطة أو جهة الادارة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة وحينما تمارس عملها كسلطة حكم نقول هذا عمل سياسي، موضحا أن القول بسحب الجنسية من شخص ما لأنه مزدوج ليس سلطة حكم بل سلطة إدارة ويفترض خضوعها إلى رقابة القضاء.