في العمق
رصيدك بعد الرحيل
| عائشة عبدالمجيد العوضي |
1 يناير 1970
08:44 م
لو فكر الواحد منا بفكرةٍ صغيرة، ماذا أريد من الناس بعد موتي؟، أو فلنقل بعد الفراق تحت أي سبب ماذا أتمنى منهم؟، عندما يذهب كل فردٍ في حال سبيله لا شك أن الذاكرة ستحتفظ بتفاصيل معينة من تلك العلاقات أقلها تفاصيل النهاية وطبيعتها، هل سيذكرني ذلك الشخص بالخير فيقول رحم الله فلاناً ابن فلان فقد كان راقياً في تعامله؟، أم سيُقال لا ذُكِر بالخير، طال شرّه كل من عرفه؟، أعتقد بداهةً أن هذه الفكرة لو طرقت باب التفكير قبل إنهاء أي علاقة لكانت النهاية راقية مُرضية سامية على الأقل من أحد طرفيها، كون أن العلاقة منتهية ولا مجال لغير ذلك، فأي النهاية أفضل؟، نهاية أنتصر فيها للموقف والاعتبار فأخطئ وأتجاوز وأخسر نظرة التقدير في عين الآخر؟، أم نهاية أظفر فيها للرقي بوضع نقطة النهاية مع تفحصٍ للقلوب وجبرٍ للخواطر؟ كلاهما نهاية لكن أيهما أعز شأناً وأعظم أثراً وأطيب ذكراً؟
أخصص مقالي أكثر بتوجيهه للرؤساء المسؤولين والمديرين وأصحاب المناصب، إن الطغيان على الطرف الأضعف ضعف في حد ذاته، وخسارةٌ فادحة لا تُعوض، لا يخفى علينا أنكم تحت ضغط القيادة والرئاسة ومحاولة المقاربة والتسديد تسعون قدر الإمكان لتحقيق شيءٍ ما، كما لا يخفى علينا استحالة حصولكم على الرضا من الجميع، فلو كان أحداً من الخلق سيرضى عنه كل الناس لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى بذلك، لكن ذلك أيضاً لا يبرر التمادي في الظلم أو القهر للآخر الأضعف من حيث المنصب والمكانة الوظيفية.
إنه موضوع حساس جداً لكنه جدير بالإشارة، يؤلمني كثيراً أن يترك موظف مكان عمله وفي قلبه ما الله به أعلم على مسؤوله!، في قلبه غصة تركه لمكان استقر فيه لسنوات أحبه وأحب زملاءه، مضافة إلى ألم شعوره بلا مبالاة مسؤوله الذي تقصّد مضايقته واستعجال إنهاء إجراءات تركه العمل وتلميحات تنم عن الطرد كأن مكان العمل بيته أو بيت والده، لا يصح لا يصح لا يصح أقولها ثلاثاً، لا يصح أن توغر الصدور بمثل تلك التصرفات التي على إثرها يدير الشخص ظهره للآخر متمنياً عدم رؤيته مرةً أخرى، وقد تصل إلى مرحلة الدعاء عليه لشعوره بالظلم ومرارته، فهل يستحق الموضوع كل ذلك؟
إنه لمن الحكمة خاصة في علاقات العمل المحصورة في إطار المهنة والوظيفة تلك العلاقات ذات السمة السطحية، من الحكمة ألا تنتهي إلا بكل خير فما جمعنا عمل لا أكثر فلننتهِ بابتسامةٍ وذكرٍ طيب، ولنتساءل دائماً لماذا نزيد رصيد عداواتنا في هذه الحياة؟ ماذا سأخسر واقعياً إذا تجاوزت جبراً لخاطر إنسان قد لا ألتقيه مرةً أخرى وماذا سأكسب؟ أترك لك المقارنة ونتائجها، وكم هو رائع أن يذهب وفي ذهنه صورةّ رائعة عني كلما تذكرني ابتسم خلاف أن يذكرني ويتجهم!
وفي الختام أقول، إنك بطريقة تعاملك تكسب كثيراً أو ربما تخسر كثيراً، فقط اجلس مع نفسك واقنعها أن التكبر لا يسمن ولا يغني من جوع، وأن السمعة الطيبة والأسلوب اللين هو رصيدك في حياتك وبعد مماتك، فاختر لنفسك.
a.a.h.alawadhi85@gmail.com Twitter: @3ysha_85