ديوان القراءة في المكتب الثقافي المصري ناقش كتاب «تعلم الحياة»
الزواوي بغورة: الفلسفة ليست تفكيرا نقديا فقط ولكنها إجابة عن تساؤلات الإنسان
1 يناير 1970
07:13 ص
أقام ديوان القراءة بالمكتب الثقافي المصري أمسية لمناقشة كتاب «تعلم الحياة» للفيلسوف الفرنسي لوك فيري، حيث شارك الدكتور الزواوي بغورة، أستاذ الفلسفة في جامعة الكويت في مناقشة وعرض الأفكار الرئيسة للكتاب.
رحب الدكتور نبيل بهجت الملحق الثقافي المصري في بداية الأمسية، باسم السفير المصري ياسر عاطف، بالدكتور بغورة، وأثنى على أن تكون الفلسفة بإحالاتها على الفكر العقلاني موضوعا للنقاش، وأكد على اهتمام الملحقية بهذا النشاط الثقافي.
ثم أعرب الكاتب إبراهيم فرغلي عن سعادته باحتضان الملحقية لأمسية تهتم بالفلسفة التي يتهيب الكثير من القراء الشباب التعاطي معها، موضحا أن كتاب لوك فيري من الكتب المهمة لأنها مبسطة ومهتمة بإقبال الشباب على قراءة الفلسفة، ثم عرف فرغلي بالدكتور زواوي بغورة موضحا أنه أستاذ الفلسفة المعاصرة بقسم الفلسفة بجامعة الكويت وله عدد من المؤلفات والترجمات، أغلبها حول أفكار الفيلسوف الفرنسي المعاصر ميشيل فوكو.
من جهته شكر الدكتور الزواوي بغورة الملحق الثقافي على الدعوة وعبر عن امتنانه قائلا أن أي جزائري يشعر بأنه مدين لمصر ولا يمكن إلا أن يلبي الدعوة خصوصا لنشاط جاد كهذا.
بدأ بغورة بالتعريف بصاحب كتاب «تعلم الحياة»، لوك فيري موضحا أنه أستاذ وكاتب وسياسي وفيلسوف فرنسي معاصر، اشتهر بمقالاته في عدد من الصحف الفرنسية وسياسي ينتمي إلى الحزب الديغولي، وعمل وزيرا للشباب والرياضة والتعليم.
أوضح بغورة أن كتاب «تعلم الحياة... سوف أروي لك تاريخ الفلسفة» في مجمله عبارة عن تعريف الفلسفة وعرض تاريخي وتقديم بديل باسم الإنسانية الجديدة. وأشارإلى عدد من النقاط التي ركز عليها الكتاب والتي تتمثل في أن مهمة الفلسفة أن تساعدنا على العيش بشكل أفضل، والاستفادة من تاريخ الفلسفة، وأن الفلسفة ليست فقط تفكيرا نقديا وفق لوك، بل إجابة عن تساؤلات الإنسان. كما أشار إلى أن الموت وفق لوك هو قضية أساسية للفلسفة. بالإضافة إلى أن معنى الفلسفة أو من بين معانيها بالنسبة لما اقترحه لوك في الكتاب الاهتمام بالحاضر بدلا من الماضي والمستقبل، لأنهما ينغصان حياتنا سواء من خلال الحنين للماضي أو الانشغال بآمال المستقبل، وأن الهم الأساسي ينبغي أن يكون هو الحاضر أو اللحظة الحاضرة.
واستعرض بغورة المراحل التاريخية للفلسفة التي عرضها لوك في كتابه بداية من عصر الإغريق وصولا للفلسفة الحديثة. وتوقف عند عدد من المفاهيم التي شملها الكتاب في دعوته لما عرف بالإنسانية الجديدة مثل الحاجة للآخرين، وتوسيع الأفق، والحب،على اعتبار أنه لا بد من الإكثار من الحب لأن ثقل الماضي والمستقبل يفسد طعم الحاضر.
وقدم الدكتور بغورة عددا من الملاحظات النقدية منها انتقائية الكتاب، واختيار لوك لعدد محدد من المراحل التاريخية للفلسفة من دون غيرها، موضحا أنه اختار المراحل التي ترتبط بقناعته هو عن المدارس الفلسفية التي تأثر بها، ولذلك مثلا ركز في المرحلة الإغريقية على المدرسة الرواقية وليس على أفكار ارسطو وسقراط مثلا.
كما عبر بغورة عن عدم قناعته بما ذهب إليه لوك بالقول بأنه لم توجد فلسفة قبل المرحلة الإغريقية وأن ما سبقها كان مجرد أديان. كما انتقد غياب الإشارة للفلسفة الإسلامية رغم أن من قد يهتم بالكتاب في فرنسا سيكون أغلبهم من الفئات التي تعود لأصول المهاجرين أصحاب المرجعية الإسلامية.
وفي النهاية عبر بغورة عن بعض ملاحظاته على الترجمة، مثل استخدامات بعض مرادفات غير متعارف عليها، أو إرجاء المقابل اللاتيني للمصطلحات لنهاية الكتاب.
لكنه أثنى على مترجم الكتاب وعلى أهمية أن تحظى المكتبة العربية بكتب تهتم بتبسيط الفلسفة.
وتداخل الحضور مع الدكتور بغورة حيث أوضحت الكاتبة الكويتية فوزية شويش السالم أهمية التناول والكتاب وقالت إن الفلسفة مهمة لكي يبدأ نوع من إعادة النظر في الخطاب المتطرف في العالم العربي، وتنقيح الأفكار الخاطئة التي يتم تداولها اليوم وتؤدي للتطرف والمزيد منه. وأكد الدكتور مجدي عبد الحافظ أستاذ الفلسفة أيضا، على اختلافه مع نقطة مما ذكره الدكتور بغورة عن أن الإغريق هم بالفعل أصل الفلسفة ولا يمكن لأي فيلسوف أن يتعرف على الفلسفة إذا لم يتطرق ويدرس فلسفات الإغريق.
وأكد بغورة من جهته أن هذا لا خلاف عليه والخلاف فقط على أن لوك فيري ينفي أي علاقة للحضارات ما قبل الإغريق بالفلسفة.
وشارك الحضور في النقاشات الموسعة التي سادت عقب الندوة لفترة طويلة بسبب الأفكار العديدة التي طرحت في الكتاب أو في شروح ونقاشات الدكتور بغورة حولها، خصوصا فيما يتعلق بكيفية أن تتماس الفلسفة مع كل شؤون الحياة وأنها ليست مجرد أفكار مجردة، وهو ما يشدد على أهميته الدكتور بغورة.