على وقع دخول «الأرض» على خط المأزق السياسي المتعاظم
«حزب الله» لم يعد متمسّكاً ببقاء الحكومة اللبنانية
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |
1 يناير 1970
08:58 م
ينزلق لبنان سريعاً الى سيناريوات غامضة في حمأة مرحلة انتقالية بالغة الحساسية في المنطقة، فمع تعاظم المأزق السياسي - الدستوري في البلاد، انفجرت تظاهرت احتجاج في الشارع يختلط فيها المطلبي بالسياسي وسط «انعدام جاذبية» يجعل بيروت اشبه بـ«ورقة في مهب الريح».
والاكثر اثارة للانتباه ان اللاعبين المحليين اصبحوا في معظمهم، اسرى التطورات اليومية المتسارعة من دون القدرة على استشراف ما سيؤول اليه الواقع الملغوم بـ«قنابل» سياسية وشارعية تتضافر لتغيير «قواعد اللعبة» التي نجحت في تحييد لبنان عن حرائق المنطقة.
ورغم اقتحام الحركات الاحتجاجية على النفايات والفساد المشهد منذ نحو اسبوع، فان الاهم هو الاعتراض الذي يقوده زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، حليف «حزب الله»، ومقاطعتهما الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء بالتكافل والتضامن، ومن ثم اعلان العماد عون عزمه النزول الى الشارع يوم الجمعة المقبل.
ويخضع موقف «حزب الله»، والمدى الذي سيبلغه في المسار التصعيدي في السياسة وعلى الارض، لمعاينة دقيقة نظراً لموقع الحزب في المعادلة الداخلية كلاعب يبني حركته في ضوء اعتبارات اقليمية تتصل بصراع المحاور في المنطقة.
وعلمت «الراي» من مصادر على دراية بخيارات «حزب الله» انه لن يترك العماد عون وحيداً حتى في الشارع، فاذا استمر تجاهل عون و«حزب الله»، واتخاذ قرارات بمعزل عنهما، سيكون للحزب الدور الاساسي في الشارع.
ولفتت هذه المصادر الى انه مع نزول «حزب الله» الى الشارع ستختلف الصورة، لانه لن يكون في وسع بضع عشرات من عناصر القوى الامنية اخلاء الشارع بسهولة او التصدي للتحرك على غرار ما يحصل مع الاخرين.
وكشفت اوساط بارزة في قوى «8 آذار» لـ«الراي» عن مساع حثيثة تجري لتقريب وجهات النظر بين رئيس البرلمان نبيه بري والعماد عون، رغم الخلافات العميقة بين الرجلين، والتي خرجت الى الضوء وبقوة أخيراً.
وعلمت «الراي» في هذا السياق، ان اجتماعات يومية عقدت بين مساعد الرئيس بري الوزير علي حسن خليل وصهر العماد عون الوزير جبران باسيل والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الحاج حسين خليل. وقالت مصادر على بينة من مجريات هذه اللقاءات لـ«الراي» انه جرت مناقشة الملفات الخلافية بين بري وعون انطلاقاً من الحاجة الى تنفيس الاحتقان بين الجانبين، لا سيما موقف عون المشكك في شرعية البرلمان.
وعلمت «الراي» ان الامر لم يقتصر على الملفات السياسية، بل تطرق الى اجراءات كان اتخذها باسيل بحق المحسوبين على الرئيس بري في وزارة الخارجية، وفُسرت على انها في اطار تصفية حسابات مع رئيس البرلمان.
وفُهم من المداولات التي جرت في اللقاءات الثلاثية ان بري الغاضب من اعتبار عون البرلمان غير شرعي، يعتقد ان ليس في الامكان دعوة هذا البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية لانه سيكون تالياً غير شرعي، اضافة الى اي شيء آخر يصدر عن مجلس النواب.
وقالت مصادر في «8 آذار» لـ«الراي» انه لو كان لـ«حزب الله» وزارات مهمة في الحكومة ومواقع مؤثرة في الدولة لكان اصطدم مع عون «الجاف والجارح»، وتالياً فان صدامه مع الرئيس بري امر طبيعي؟
غير ان التطور الاهم في موقف «حزب الله» هو من الحكومة ورئيسها (تمام سلام)، اذ علمت «الراي» ان الحزب، وعلى عكس الاعتقاد السائد، فهو لم يعد متمسكاً لا برئيس الحكومة ولا بالحكومة، «فليفعل الرئيس سلام ما يراه مناسباً».
وهذا التطور الاكثر اثارة مرده الى ان «حزب الله» وحتى الامس القريب كان يعتبر استقالة الحكومة ورئيسها «مؤامرة اقليمية» لكشفه في اطار خطة لإشغاله في الداخل والهائه عن معركته الاستراتيجية في سورية.
وفي اشارة بالغة الدلالة الى اطمئنان «حزب الله» بان الخارج، لا سيما الولايات المتحدة، لن تسمح للحكومة بان تستقيل، تقول اوساط واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان الجميع يدركون ان استقالة الحكومة تعني انكشاف الداخل على توترات امنية.
واذ ذكرت هذه الاوساط بطلب سابق كان اطلقه وزير الخارجية الاميركي جون كيري ومن بيروت، دعا فيه روسيا وايران و«حزب الله» الى المساعدة للتخلص من «داعش» الذي احتل ثلث العراق واجزاء واسعة من سورية، لفتت الى ان المواجهات المتوالية في مخيم عين الحلوة كشفت عن وجود «دواعش» فيه، اضافة الى تمددهم على الحدود اللبنانية - السورية، ومشيرة الى انه عندما تسوء الاوضاع في لبنان سيكون على الحكومة اتخاذ قرارات لمواجهة «داعش».