يوم واحد يفصلنا جميعا عن لحظة اختيار وطنية جامعة.
يوم واحد ويقرر الناخب شكل المستقبل السياسي للكويت من خلال الإجابة عن أسئلة: أي مجلس للأمة نريد؟ وأي علاقة بين المجلس والحكومة نريد؟ وأي إنجاز نريد؟
بل لا نبالغ إذا قلنا إن يوم الاقتراع غدا سيجيب أيضا عن سؤال: أي كويت نريد؟
أخي الناخب، غدا هو امتحان نريد للكويت أن تكرم فيه لا أن تهان، نريدك أن تعرف أن صوتك سلاح للكويت، عليك تقديمه بقوة في معركة التغيير السلمي الديموقراطي وعلى جبهات التقدم والتنمية والتطوير والحداثة. نعم، هذه هي حدود الحراك السياسي الذي ارتضينا الخوض فيه تحت سقف الحريات المسؤولة والقانون والدستور، وهذه نعمة تستحق أن نشكر الله عليها ليل نهار، خصوصا إذا نظرنا سريعا إلى دول قريبة وبعيدة ورصدنا الطريقة الدموية والغوغائية التي يجري فيها الحوار وحل المشاكل السياسية.
من هنا نبدأ، أخي الناخب، لنقول إن صوتك يجب أن يكون سلاحا للوحدة الوطنية. أن يكون فعل إيمان بدولة الأمن والأمان والاستقرار والمؤسسات والمجتمع المدني. صوتك يجب أن يذهب للوحدويين لا للطائفيين، للمؤمنين الجامعين لا للمذهبيين المفرقين، للمتمسكين بالسلم الأهلي لا للعاملين على تهديد السلم بكل المظاهر التي شهدنا بعضها للأسف الشديد في الأيام الماضية.
صوتك يجب أن يذهب إلى المرشح الذي يغلّب فورا مصلحة البلد على مصلحة الطائفة أو القبيلة أو المذهب أو المنطقة، فالنائب يمثل الأمة جمعاء ومطلوب منه أن يرعى مصالح الكويت، لا أن يصبح مراسلا في هذه الوزارة أو تلك أو لدى هذا الشيخ أو ذاك من أجل معاملة تتعلق حصرياً بابن منطقته أو عائلته او طائفته، والنائب يجب ألاّ يمارس فعل الممانعة للتعاون والانجاز لمجرد أن معاملة «عدم الممانعة» لم تمر، فالتطوير العام للنظام السياسي يخدم الجميع ويقلل الحاجة الى الواسطات والمحسوبيات والصفقات.
أخي الناخب، طاوع ضميرك لدى الإدلاء بأمانتك ولا تستسلم لغرائز «فزعات» الانتماء الضيق، فالكويت هي الوطن والأسرة والقبيلة والطائفة والمذهب. هي الانتماء الأكبر القادر، إذا أحسنَّا صيانته، على تذويب كل الانتماءات الأخرى وتوجيهها في خدمة معارك التنمية والتطوير، أما العكس فخطير ومخيف، لأن ارتفاع صوت الانتماءات الضيقة على صوت الدولة سيقلص مفهوم الدولة ويعرض الاستقرار للخطر.
انتخب الأمين الصادق القادر على ترجمة آمال مئات آلاف الكويتيين في مستقبل واعد من خلال اعادته الاعتبار إلى الدور التشريعي الرقابي لمجلس الأمة، انتخب القادر على إعادة الكويت الى عصرها الذهبي من خلال تأسيس منظومة عمل متكاملة تتعاون مع سلطة تنفيذية عادلة لوضع خطط فورية تنعش الاقتصاد الكويتي وتطلق عجلة تنمية ضخمة تستفيد من الوفر المالي الحالي، فلا يجوز أن تتجمد المشاريع في ثلاجة الخلافات بين المجلس والحكومة فيما الجوار تجاوزنا الى الأمام بمسافات طويلة. نعم يا أخي الناخب، اعط صوتك لمن يستطيع فعلا ترجمة مطالبك في تطوير شامل لكل قطاعات الدولة والمجتمع، وتأمين آلاف فرص العمل وقرار المشاريع الحيوية المؤسسة لعصر جديد من الازدهار، واحجب صوتك عمن تقتصر قدراته التمثيلية والتشريعية على فتح معارك من أجل تعيين موظف أو نقل موظف أو تجميد عقوبة على موظف.
جدد شباب الكويت باختيار أصحاب الرؤى الذين يجمعون الحماسة والنشاط إلى الحكمة والمسؤولية، أصحاب الفكر التغييري التطويري المتمسك في الوقت نفسه بثوابت الدين وقيم المجتمع، القادرين على الحوار لا الخصام فحسب، والساهرين على مصالح الناخبين، جميع الناخبين، والكويتيين، جميع الكويتيين، والحريصين على عدم تمييع مطالب الناس من خلال صفقات خاصة مع الحكومة أو بعض وزرائها، والمؤتمنين على المال العام الرافضين لأي تسوية تتعلق بحقوق أجيالنا القادمة.
أخي الناخب، وأنت تضع غدا ورقة فيها أسماء من تختارهم لتمثيلك في المجلس تذكر أنك مؤتمن على دولة ومجتمع، وأن لوطنك ولأولادك ولأهلك حقاً عليك، وأنك ستختار صورتك بصوتك، فانت شريك أساسي في العمل السياسي وصاحب المصلحة الأكبر في الخيار الأسلم.
أخي الناخب، صوتك جسر للعابرين إلى مستقبل أفضل... فلا تجعله جسرا لعابرين!
جاسم بودي