| د. حسن عبدالله عباس |
منظر الكويتيين وهم يهرعون إلى مكان التفجير الآثم في مسجد الإمام الصادق، أو اصطفافهم في طابور التبرع بالدم، أو وقوفهم مع بعض في عموم مساجد الكويت سنة وشيعة يوم الجمعة الماضي يعني أن الطائفية ليست متفشية ولا راسخة. فما السبب في كثرة تداولها قبل جمعة التفجير؟
بصراحة هذا المنظر الوطني بعد أزمة التفجير جعل الإنسان الكويتي يتساءل إن كانت الطائفية حقاً مرضاً مزمناً تعاني منه الكويت، أم هي حالة مفتعلة ويُراد لها أن تكون كذلك؟
على المستوى الديني والمذهبي، لا يوجد لدى الفريقين (السنة والشيعة) أي مشكلة في الصلاة والتزاوج والتجارة وأي شكل من أشكال التعامل، فلدى الشيعة الصلاة خلف العالم السنى جائزة ومجزية، وسأختار لكم رمزين من رموز المدرسة الشيعية: أولا السيد السيستاني زعيم الحوزة الشيعية في النجف سُئل عن جواز صلاة الشيعي خلف العالم السني، «تجوز الصلاة خلفهم». بل أكثر من ذلك، في موقع آخر سئل المرجع الكبير التالي: «يلاحظ أحياناً خروج بعض أبناء الطائفة من المسجدين الشريفين حين إقامة الجماعة فيهما فما هو رأيكم؟» جوابه كان: «هذا العمل غير مناسب، بل ربما لا يجوز لبعض العناوين الثانوية كالإساءة إلى سمعة المذهب ونحو ذلك».
ثانيا: قائد الثورة في الجمهورية الإسلامية في إيران السيد الخامنئي أيضا له الرأي نفسه بقوله: «تجوز الصلاة جماعة خلفهم إذا كانت لحفظ الوحدة الإسلامية»، ويضيف «لا إشكال في المشاركة في الصلاة معهم في جُمُعتهم وجماعاتهم»، ويزيد على ذلك «إذا كان حفظ الوحدة الإسلامية يقتضي ذلك كلّه فالصلاة معهم صحيحة ومجزية، حتى وإن كان بالسجود على السجاد وأمثال ذلك».
وهذا الرأي متفق عليه بين العلماء الشيعة ولديهم روايات معتبرة في كتاب «وسائل الشيعة» توجز ما معناه بأن الصلاة خلف الامام السني مجزية كمن صلى خلف الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
الأمر نفسه تجده لدى علماء السنة والجماعة، والجميع يذكر فتوى شيخ الأزهر الراحل فضيلة الاستاذ الشيخ محمود شلتوت «إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الإثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة». واللافت والغريب أن رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين يوسف القرضاوي حاول أن ينفي هذه الفتوى ويشكك بصدورها، لكن الباحث المصري عصام تليمة فند مزاعمه وأثبت أن الفتوى بالفعل قد صدرت من شيخ الأزهر في مقالة بعنوان «نعم أفتى شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الجعفري» ونشرها على موقع إسلام أونلاين.
ما أريد قوله هنا إن الطائفية لعبة يراد بها السيطرة والتحكم بمواقع القوة. هذه اللعبة جزء منها دولي، وجزء منها إقليمي ومحلي، وجزء ثالث منها جهلنا نحن بديننا. فلو أردتم الحماية والحصانة عما يدور من حولنا في العراق وسورية من حروب وفتن، فلا تتوسلوا بالأمن والسلاح بل احتموا بالوحدة والتكاتف ونبذ الطائفية والطائفيين.
هذه دعوة للجميع ليقتل الطائفية بالصلاة في أقرب مسجد، ولنحترم اختلافاتنا المذهبية ولنتمسك بمشتركاتنا فهي كفيلة لتحمينا من أي أزمة.
[email protected]