الكويت ودّعت شهداءها والوصول إلى حقيقة الإرهابي مسألة وقت... قصير
«ناسف» السُّجَّد... صُنع في الخارج !
| كتب محمد الهزيم وفرحان الفحيمان ووليد الهولان |
1 يناير 1970
12:19 م
• رئيس مجلس الأمة تقدم أهل الكويت في التشييع
• الزيد: متعاطي الميثامفيتامين يسعى للهروب من واقعه وقد ينتحر بكبسة زر
• اجتماع السلطتين أكد تطويق الفكر المتطرف
• التحقيق مع عدد من الموقوفين سيقود إلى مداهمات
شيّعت الكويت أمس شهداء مسجد الإمام الصادق, وتقدم رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم اهل الكويت في التشييع.
الموكب المهيب من الجثامين والمشيعين، وموكب الدمع في لحظات الوداع الأخيرة من المغيسل الى اللحد لم يحجب التصميم على الوصول الى حقيقة الإرهابي القاتل. المؤشرات الأولية إيجابية، لكن يبقى الوصول من خلال أشلاء الجاني الى أصابعه لتحديد هويته، بعد أن حددت تحليلات بعض هذه الأشلاء أنه متعاط لمادة الميثامفيتامين، فيما أعلنت وزارة الداخلية العثور على المركبة التي استقلها للوصول الى موقع الحادث، وإلقاء القبض على مالكها، وتكشّف من خلال اجتماع السلطتين في مجلس الأمة أمس أن العبوة الناسفة مستوردة من الخارج وليست من صنع محلي، فيما «اللغز الكبير» الذي يبحث عن حل سريع هو أين صنع الحزام الناسف ومن أين دخل وكيف جُهّز، بينما بات مترقباً الوصول الى حقيقة الجاني بين لحظة وأخرى.
وكشفت مصادر أمنية لـ«الراي» أنه تم العثور في العينة المأخوذة من أشلاء الارهابي على مادة مخدرة «ميثامفيتامين» و«انفيتامين» وهي مادة منشطة، ما يشي بأن القاتل قد يكون تعاطى مادة «الشبو» أو عقاقير أخرى تصرف من قبل الطب النفسي.
وأفاد مدير مستشفى الصحة النفسية الدكتور عادل الزيد لـ«الراي» عن نتيجة ما توصل إليه تحليل أشلاء الإرهابي، بأن خلوص التحليل إلى وجود مواد الأنفيتامينات في الدم يدل على أن من أجري له التحليل إما أن يكون متعاطياً لمادة «الشبو» أو بعض العقاقير والأدوية التي تعطي المفعول نفسه، ولا تصرف إلا من قبل الطب النفسي.
ولماذا قد يلجأ شخص ما إلى مادة الميثامفيتامين أو الأنفيتامين؟ قال الدكتور الزيد «إن من يلجأ إلى مثل هذه العقاقير فإنما يكون قاصداً الخروج من آدميته الطبيعية وللهروب من الواقع الذي يعيشه، لأن مثل هذه المواد تؤدي الى تشاطر عقلي وجسدي، وفي بعض الأحيان يكون المتعاطي قد جافاه النوم لأيام ثلاثة متواصلة، ولا يستبعد أن يتعاطى هذه المواد شخص مقدم على الانتحار بكبسة زر، وقد يفعل ذلك لأنه مغيب عن واقعه».
وقالت المصادر ان الادارة التي تولت مسرح الجريمة بالاضافة لرجال أمن الدولة والمباحث الجنائية هي الادارة العامة للادلة الجنائية، من خلال ادارات مسرح الجريمة وادارة الطب الشرعي وادارة المختبرات والحمض النووي وادارة تحقيق الشخصية، وتركز عملها في رفع الاشلاء واجراء عمليات التعرف عليها من خلال الحمض النووي، لا سيما المشوهة منها، وكذلك ادارة مسرح الجريمة، والتي جمعت العينات والقطع التفجيرية من الموقع لمعرفة نوع المواد المتفجرة والحزام الناسف الذي كان يرتديه الانتحاري ونوع الدائرة الكهربية المكونة له.
وعن مسار التحقيقات قالت المصادر «ان الحزام كان يحوي مادة (سي فور) شديدة الانفجار محشوة بأعداد هائلة من (الصجم) متصلة بدائرة كهربائية يتم التحكم بها يدوياً لإحداث أكبر عدد من الاصابات، وان عناية الله تدخلت بسبب أن المصلين كانوا في وضع السجود وإلا لكان عدد الوفيات أكبر».
وعن إدارة الطب الشرعي قالت المصادر إنها انتهت في الواحدة من فجر أمس من تحديد بيانات الجثث وتحديد أسباب الوفيات وهي جميعها اصابات بشظايا قاتلة من «صجم» قاتل اخترق القلب والوجه للمتوفين، وأدى الى نزيف سريع ومريع لهذا العدد الكبير من الوفيات.
ونفت المصادر الاشتباه بعسكري الدورية الذي تبين من خلال شريط الفيديو هروبه عند الانفجار، مؤكدة بالقول إن عسكري الدورية الذي كان قريباً من الجاني ولم يشتبه به لاعتقاده انه مصل جاء متأخراً، انطلق بالدورية حال الانفجار بهدف حمايتها، الا انه اغلق الطريق وابلغ العمليات وهو الاجراء المتبع، وهو الأمر الذي وضح في فيديو التصوير، وانه ليس مشتبهاً به ولكن تم الوقوف على روايته في الحادثة.
ولفتت المصادر الى أن رجال أمن الدولة واصلوا الليل بالنهار، وان هناك خيوطاً سوف يكون لها اثر كبير في كشف الجناة المشاركين، تم التوصل اليهم وهي كاميرات المراقبة على الطرق السريعة المؤدية للمنطقة، والتي من الممكن ان يكون قد سلكها الجاني مع الشخص الذي نقله، وكذلك خطوط الهاتف التي قد تفيد التحقيقات مع الاطراف التي لها صلة أو اتصال مع الجاني.
وزادت المصادر ان «اللغز الكبير الذي يعمل عليه رجال أمن الدولة حالياً هو اداة الجريمة ( الحزام الناسف) وأين تم تصنيعه ومكان دخوله والمشرفين على تجهيزه وهل جهز داخل البلاد أم في خارجها، لا سيما انه يحتاج في صنعه الى خبراء وفنيين، وبالتالي فان الهاجس الأكبر هو وجود أحزمة أخرى وأشخاص آخرين، مهيئين لفعل ما قام به سابقهم، وهو الأمر الذي يعمل عليه جهاز أمن الدولة، ليكون التحقيق على خطين متوازيين في قضية أمن دولة واحدة».
وخلصت المصادر الى القول «ستسمعون اخباراً جيدة خلال يومين على أبعد تقدير بعد اكتمال التحقيقات».
وكانت وزارة الداخلية أقامت غرفة عمليات قادها نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ووكيل وزارة الداخلية الفريق سليمان الفهد، للاطلاع على سير التحقيقات أولاً باول.
وأعلنت وزارة الداخلية عن تمكن أجهزة الأمن المعنية من العثور على المركبة التي استغلها الارهابي، وهي سيارة صالون يابانية الصنع.
وأشارت الوزارة الى أنه ألقي القبض على مالك المركبة التي استغلها الارهابي للوصول الى مكان الحادث، وفر بها سائقها عقب وقوع التفجير مباشرة، مؤكدة أن أجهزة الأمن تواصل جهودها لكشف ملابسات هذه القضية.
وأبقى اجتماع السلطتين التشريعية والتنفيذية في مجلس الأمة أمس برئاسة الرئيس مرزوق الغانم وحضور سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الأصابع على زناد الحذر واليقظة والتأهب.
وشهد الاجتماع الذي حضره 31 نائباً و7 وزراء مطالبات نيابية بمعالجة أمنية وفكرية وتربوية واجتماعية تساهم في تطويق الفكر المتطرف وتحصن المجتمع من أخطاره، كما طالب نواب بتشديد القبضة الأمنية وزيادة الدوريات في الأماكن العامة التي تشهد تجمعات، مع ضرورة محاسبة مثيري الفتنة الطائفية، سواء كانوا خطباء مساجد أو دكاترة في الجامعات أو مغردين، وإعادة تقييم المناهج التربوية.
ويبقى لافتاً ما كشفه النائب حمود الحمدان لـ «الراي» من أن «المعلومات التي وردت إلينا من الحكومة في اجتماع (الأمس) أكدت لنا أن العبوة الناسفة التي استخدمت في تفجير مسجد الإمام الصادق ليست محلية الصنع وإنما مستوردة من الخارج».
وأضاف «أبلغنا من قبل الحكومة أن هناك أشخاصاً باتوا رهن التحقيق ومن المرجح أن تشهد الأيام المقبلة مداهمات بناء على التحقيق»
وذكر الحمدان أن الحكومة كشفت عن رغبتها في موافقة المجلس على إصدار تشريعات جديدة تعطي الحكومة مرونة في التحرك وتطويق الفكر التكفيري.
في موازاة ذلك علمت «الراي» أن وزارتي الأوقاف والداخلية والوقف الجعفري قامت بإجراءات احترازية منذ فترة ليست بالقصيرة، ووضعت كاميرات في غالبية المساجد، وأن الكاميرا التي التقطت صوراً للإرهابي المجرم الذي قام بتفجير مسجد الإمام الصادق كانت تابعة للوقف الجعفري التابع للأمانة العامة للأوقاف.
وقال وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع لـ «الراي» إن وزارة الأوقاف لن تسمح لأي خطيب بإثارة النعرات الطائفية، ومن يقدم على ذلك فلن تتردد الوزارة في إيقافه، سواء قال ذلك في خطبة في أحد المساجد أو حتى كتب تغريدة في وسائل التواصل الاجتماعي، فنحن ضد مثيري الفتن.
وأكد الصانع أن وزارة الأوقاف ستقوم بالتنسيق مع وزارة الداخلية بضبط الأمن وحماية المصلين، ولاسيما في أوقات صلاة الجمعة والتراويح.
وأعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله أن الحكومة أطلعت النواب على ما تقوم به وما تنوي القيام به مستقبلاً من إجراءات على جميع الأصعدة في شأن حادث التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام الصادق (أول من أمس).
وقال الشيخ محمد «أطلعنا النواب على إجراءات الحكومة على أكثر من صعيد، سواء خططنا التشريعية أو خطتنا على الصعيد الصحي أو الخطة الخاصة بتجهيز واستقبال التعازي ونقل جثامين الشهداء الأبرياء، ونقل البعض منهم إلى مدينة النجف في العراق».
وأضاف انه «تم الاتفاق على ان نلتزم جميعاً بما يصدر من الجهات الرسمية والمعنية من البيانات والمعلومات حرصاً على سير العملية بشكل متقن، ولكي لا نعطي العدو ما يحتاجه من بيانات ومعلومات يستطيع أن يستفيد منها».
ونقلت مصادر الاجتماع لـ «الراي» ان رئيس مجلس الوزراء أكد للمجتمعين ان الهدف من هذا العمل الارهابي هو النيل من وحدة المجتمع الكويتي وتقسيمه «ولكننا ولله الحمد فإن المحبة تؤطر كل علاقاتنا والتواصل ايضاً، ونحن اليوم كحكومة ومجلس متوافقان ومتعاونان لمواجهة أي خلل».
وأضافت المصادر ان رئيس مجلس الامة وغير نائب قالوا لاعضاء الحكومة «اذا كنتم تعتقدون بوجود أي نقص تشريعي يحول دون الوصول للحقيقة، فنحن على استعداد لسد هذا النقص وازالة هذا العائق من اجل القبض على الجناة والوصول للحقيقة».
وطالب غير نائب بتركيب أجهزة لكشف المعادن والمتفجرات في المساجد.
وعُلم أيضا أن هناك تشريعات أمنية ستقدم في الجلسة المقبلة لمجلس الأمة لبسط الأمن.