فاعلات في المجتمع أثرن غياب النساء عن البرلمان ورصدن المشاركة في العطاء المجتمعي
المرأة تدافع عن وجودها السياسي في عيدها العاشر: لم نفشل ... والوضع السياسي الحالي غير صحي ولا يوفر ظروف النجاح
| كتب ناصر المحيسن |
1 يناير 1970
04:03 م
في حين يستمر نضال المرأة الكويتية في تثبيت قدمها في ظل رمال متحرك في المشهد السياسي، يتزامن حلول الذكرى العاشرة لإقرار الحقوق السياسية للمرأة الكويتية، مع خلو مجلس الأمة من «نون النسوة» في الانتخابات الأخيرة، ما عد خسارة فادحة على مستوى التمكين السياسي للمرأة الكويتية ومثّل تراجعاً عما سبق تحقيقه من تقدم في هذا المجال.
وكان نضال المرأة الكويتية لنيل حقوقها السياسية مشهودا وضاريا حتى تحقق الحلم في يوم 16 مايو 2005 ليعتبر يوما للذكرى والاحتفاء بما تحقق من إنجاز وطني على صعيد إنصاف المرأة لتكون شريكا فاعلا في صنع القرار جنبا إلى جنب مع الرجل في الحراك الوطني والديموقراطي.
«الراي» استطلعت آراء مجموعة من الفاعلات في مختلف مجالات العمل للوقوف حول دور المرأة السياسي بعد 10 أعوام من إقرار حقها السياسي:
في البداية، قالت أمين سر حركة العمل الشعبي، ايمان العيسى، إن من عملت في المجال البرلماني في الفترة السابقة لم تحقق أيا من القضايا التي نادت بها، وإنما اهتمت بالصراعات التي جرت بين التيارات السياسية وتناست قضاياها، مشيرة إلى ان «السبب في تدني مستواها يرجع إلى أنها لم تكن تمثل المرأة بذاتها وإنما كانت تمثل تيارات تخدم مصالحها».
وعن سبب غيابها عن البرلمان مع حلول الذكرى العاشرة لنيل حقها الدستوري، أوضحت العيسى أن تلك «ردة فعل طبيعية من الناخبين والناخبات بعد خيبتهم المتكررة بنماذج وصلت سابقاً للبرلمان ولم تحقق أي إنجاز يذكر»، مضيفة بالقول: «لا اعتقد أن المرأة في هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها الكويت ستكون في مستوى التحديات ويرجع ذلك إلى بعض الممارسات غير النزيهة التي تجعلها غير قادرة على التعاطي مع العمل السياسي».
وأضافت العيسى، انه «من المفترض ألا يكون هناك تدخل بإيصال المرأة بطريقة خاصة للمناصب القيادية في التيارات والقوى السياسية الحزبية بل أن تصل عن طريق جدارتها انتخابياً داخل هذه التيارات»، مبينة أن «الأصل أن تمارس الأمور ديموقراطياً وألا نميزها أو نقلل من شأنها حيث هي في النهاية من ستميز نفسها في العمل الحزبي لتكون مصدر ثقة لأعضاء وعضوات الحزب فتنال المنصب بكفاءتها».
وأشارت إلى أن «التجارب الحالية لا تعطي مؤشرا بأن هناك نماذج قد حصلت على خبرة كافية لتصل كامرأة حزبية إلى البرلمان أو النقابات، ويجب أن تتشرب خبرتها خلال فترة أطول حتى لا نكابد انتكاسة أخرى للمرأة في العمل السياسي والنقابي».
.استخفاف سياسي
بدورها، ترى المحامية فاطمة كمال أن «الواقع العملي غير صالح لتولي المرأة المناصب السياسية»، مشيرة إلى أن «هناك استخفافا بدور المرأة السياسي، ولا تزال تقاليد المجتمع هي المسيطرة».
وعن افتقاد المرأة للقدرات المعرفية والثقافية، أكدت كمال على أن «المرأة لا تفتقد للمعرفة والخطابة، ولكن طبيعة السياسة في الكويت تحتاج إلى أكثر من العلم والمعرفة، مردفة أن هناك مهارات اجتماعية أخرى ليست لدى المرأة، ولافتة إلى أن المرأة كناخبة قد تتبع أهلها في التصويت، إلا أنها فشلت كنائبة في البرلمان».
وبينت كمال أن الوقت كفيل بمساندة المرأة لاعتلاء المكانة السياسية التي تستحقها، مشيرة إلى أنه على «المرأة الانضمام إلى الجمعيات السياسية بمفردها وإلا فلن تستطيع تحقيق الإنجازالذي تريده»، داعية إلى دعم المرأة في تقليدها المناصب الوزارية والمواقع القيادية لإثبات قدراتها.
تجربة رائدة
من جانبها، ترى الاعلامية إسراء جوهر، ان «إقرار الحقوق السياسية للمرأة خطوة مهمة ومستحقة في مسيرة الكويت الديموقراطية وهي تجربة رائدة خليجيا»، مبينة ان «بعد مرور عشر سنوات على ذلك، من غير المقبول ان يتم التشكيك بهذا الحق أو الانتقاص منه تحت ذريعة إخفاق المرأة سياسيا»، مشيرة إلى أنه «في مقابل الإخفاق النسائي السياسي - ان وجد - هناك بلا شك إخفاقات مماثلة بل وربما أشد لدى السياسي الرجل صاحب التجربة الأطول والأكثر خبرة».
وأضافت جوهر ان «من غير الإنصاف إلقاء كل التخبط السياسي الحاصل خلال السنوات الماضية على المرأة متجاهلين سنوات التخبط السياسي التي سبقت وصول المرأة للبرلمان، مردفة بالقول إنه عند الحديث عن التجربة النسائية السياسية فإنه بلا شك هناك الكثير من المثالب والتحفظات التي تطولها شأنها في ذلك شأن الرجل»، لافتة إلى أنه «لتقييم تجربتها السياسية لابد من النظر إلى كونها ناخبة من جهة و كونها نائبة أو وزيرة من جهة أخرى».
لا للتعميم
وبدورها رفضت شيخة البهاويد القول بفشل المرأة برلمانيا، مبينة أن «علينا أن ندرك أن النساء لسن كياناً واحداً، وفشل عدد منهن» إذا اعتبرته فشلاً «لا يعني أبداً فشل البقية»، مشيرة إلى أن «هناك عشرات من الرجال الذين شاركوا في العمل البرلماني فشلوا فشلاً ذريعاً وبعضهم قاد المجتمع إلى فتن وآخرون طالتهم فضائح تشريعية أو سياسية، متساءلة: فهل يمكن القول إن الرجل فشل برلمانياً بسبب هؤلاء؟ ومردفة بالإجابة أن هذا غير منطقي».
وأوضحت أن «المرأة كالرجل يجب النظر إلى كفاءتها وعملها ومقدرتها على القيام بالعمل السياسي ومخاطره ومثلما أن بعض النساء يصلحن لهذا العمل فإن أخريات لا يصلحن تماما كما ينطبق الأمر في ذلك على الرجل».
إنجاز يذكر
من جانبها، اعتبرت سهى العودة أن «حصول المرأة على حقوقها السياسية من تصويت و انتخاب في المجالس النياية يعد بحد ذاته إنجازا»، مشيرة إلى أن «الحديث عن فشل المرأة برلمانيا يتعلق بنوعية المرشحات إذ ربما لم تحز إحداهن على ثقة الناخبين لسبب ما»، مبينة أنه «أصبح الناخبون و الناخبات واعين وينظرون إلى مسائل أخرى حينما يتعلق الأمر باختيار مرشحين عوضا عن الفئة التي ينتمي إليها وعما إذا كان ذكرا أم أنثى، وأردفت بالقول إن من الناخبين من ينظر إلى البرنامج الانتخابي لكل مرشح و يرى ما إذا كان يحقق مطالبه كإيجاد حل لقضية الإسكان على سبيل المثال أو قضية البدون أو قضايا أخرى و منهم من يختار المرشح الذي يتفق معه أيديولوجيا و فكريا أو حزبيا كالمرشح الليبرالي أو الاشتراكي أو المحافظ و إلى ما ذلك.
وعن افتقاد المرأة للدعم من اسرتها، أوضحت العودة، أنه «يعتمد على انتماءات المرشحات الأيديولوجية و الاجتماعية فالمرشحات من عائلات محافظة قد لا يحظين بالدعم من ذويهن بعكس المرشحات من عائلات ليبرالية مثلا، والأمر سيان بالنسبة للمرشحات من الطبقة العاملة و الطبقة التجارية فمرشحات الطبقة العاملة قد يفتقرن إلى الدعم المادي بينما المرشحات من الطبقة التجارية قد لا يجدن ذلك حاجزا أمام الوصول إلى قبة الرلمان»، مشيرة إلى أن «تغيير نظرة المجتمع لدور المرأة يأتي من خلال نشر الوعي الحقوقي والثقافي وهو دور كل من الناشطين المستقلين ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية ويكون ذلك من خلال إقامة حملات توعوية تهدف إلى نشر الثقافة الحقوقية وندوات وورش عمل و دورات تدريبية و طباعة منشورات وكتب ومقالات واستخدام وسائل إعلام كافة وتقديم المؤسسات الحكومية الدعم المادي لمؤسسات المجتمع المدني وحماية الناشطين».
البيئة السياسية
بدورها قالت جنان العنزي إنه «قبل تقييم تجربة المرأه السياسية كان يجب تقييم البيئة السياسية الكويتية وظروفها، فالفشل والنجاح في هذه البيئة يعتمد على أمور أخرى غير الكفاءة»، مبينة أن «دخول المرأة للبرلمان والعمل السياسي جاء في وقت وظروف لا يمكن للإنسان رجلا كان أو امرأة النجاح والاستمرار بسبب تحول الوضع من عمل برلماني إلى صراع ويصعب التقييم حينها».
وتؤكد العنزي على أن «وجود المرأة ليس على مستوى التحديات، فلدينا كفاءات نسائية استغرب عزوفها عن العمل السياسي خارج وداخل البرلمان»، موضحة أن «دعم الأسرة ضروري ولكنه ليس سبباً للعزوف».
الاحتقان السياسي
بدورها تبين بشاير العتيبي أن «فشل المرأة برلمانيا يعود كونها تجربة تعتبر حديثة للمرأة الكويتية مقارنة بنظرائها في الدول الأخرى»، مضيفة أن «سبب غيابها سياسيا يرجع إلى عدم ثقة المواطن بها خصوصا مع الاحتقان السياسي الذي مررنا به في السنوات الأخيرة».
وتضيف العتيبي، انه «مع التطور والتقدم الذي تعيشه الدول الأخرى نجد أن المرأة الكويتية إلى يومنا هذا تواجه هجوم المجتمع»، مضيفة «أننا إذ نتحدث اليوم عن ثقافة مجتمعية راسخة في الأذهان مفادها أن العمل السياسي حكر على الرجل، ونسبة كبيرة لا تلاقى الدعم والتشجيع»، مبينة أنه «لابد من نشر الوعي والثقافة بين أفراد المجتمع، ولا شك أن المثقفين اليوم يواجهون تحديات كبيرة في هذا الجانب».
شاركت واقترحت
من جانبها، ترى عضو برلمان الطالب، حفصة الزيداني، أنه «بعد مرور 10 أعوام على إقرار حق المرأة السياسي، لم تفشل المرأة الكويتية سياسيًا ولا برلمانيًا، بل شاركت وأبدت رأيها وقدمت العديد من المقترحات لصالح الدولة»، مضيفة انه «ربما تعاني المرأة في بعض الأحيان من عدم مساندة الأسرة لها وتمسكها بالرجعية، ولكن لا ننكر في المقابل أن هناك من يدعم ويشجع المرأة في ممارسة حقوقها السياسية».
وأضافت الزيداني، «يجب العمل على تغيير نظرة هذه الفئة التي تنظر للمرأة بنظرة سوداء ويائسة واعتبارها هامشًا للمجتمع، ويتم ذلك عن طريق الدولة وبرامجها التوعوية وإبراز دور المرأة باعتبارها عنصرًا فعالًا ومهمًا في الدولة والمجتمع»، مؤكدة على أن «المرأة الكفؤة ليست ضعيفة وقادرة على إدارة مناصب قيادية وكبيرة، وعليه يجب على المرأة أن تنظر بايجابية تجاه قدراتها في العمل وتستمر بالمطالبة بحقوقها حتى تصل إلى مبتغاها»، موضحة أن «المرأة الكويتية بارعة ومثقفة وتتمتع بقدرات ومهارات عديدة، وخير مثال للمرأة السياسية الكويتية: السفيرة نبيلة الملا وهي أول سفيرة كويتيه وخليجية وأول سفيرة عربية مسلمة في الأمم المتحدة، وغيرها الكثيرات».
بدورها اعتبرت عضو برلمان الطالب شوق العنزي أن «سبب غياب المرأة عن البرلمان يعود لتقديس المجتمع لمفردات القوامة و المرأة ناقصة عقل ودين من دون النظر لأبعاد هذه المفردات والاكتفاء بلمس منظورها السطحي الرقيق، مردفة بالقول: أعتقد أنه إذا لم يكن هناك إنصاف بحضور المرأة البرلماني و أخذها نصيب نصف المجلس فهو من رأيي باطل»،متسائلة «لم لا يكون هناك قانون يلزم بأن يكون نصف المجلس نساء والنصف الآخر رجال؟، أليس من السؤال أن يكون ذلك من أبسط بنود المساواة إذ فكيف للرجل أن يوصل رأي الجنس الآخر؟، وقالت: يبقى السؤال إن كانت المرأة تصوت بكامل إرادتها في الانتخابات أم إنها تتعرض لضغط نفسي في ذلك ؟».