حوار«المستقبل - حزب الله» الاضطراري دخل في «تصريف الأعمال»
احتراب سياسي في لبنان تلجمه «الخطوط الحمر»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
03:34 ص
يراوح لبنان وحتى اشعار آخر، فوق فوهة حرب باردة، فأطراف الصراع فيه يمضون قدماً في اللعب على حافة الهاوية، وسط انقسام تزداد موجباته الإقليمية يوماً بعد يوم، ويأخذ شكل صدام سياسي إعلامي لا هوادة فيه، رغم استمرار الجميع في الانصياع الى الخط الاحمر المرسوم حول الاستقرار الامني، لاعتبارات تتصل بحاجات ومصالح متبادلة على صلة بالواقع الداخلي ووقائع الصراع الإقليمي المتعاظم.
ويُلقي اشتداد الصراع الإقليمي بظلال قاسية على لبنان، الذي بدا استقراره امام اختبارات يومية، من المرجح ان تزداد صعوبة مع الوهج المتصاعد للاحداث في اليمن وتموضع «حزب الله» كرأس حربة في الحملات المتصاعدة على المملكة العربية السعودية ودول الخليج، اضافة الى تحضيراته المرتفعة الوتيرة لمعركة الربيع الطويلة على المقلب السوري من الحدود اللبنانية في القلمون والسلسلة الشرقية.
المواجهة المستعرة وبـ«مكبرات الصوت» بين الحزب و«المستقبل» جعلت الحوار الدائر بينهما اشبه باطار «تصريف اعمال» وسط جهود لحماية استمراره بحد ذاته، بعدما كان الهدف منه حماية الاستقرار في البلاد عبر نافذتيْن: تنفيس الاحتقان السني - الشيعي تجنّباً لانتقال الحريق الى لبنان، وإطلاق خطة امنية عابرة للمناطق تحصيناً للواقع في اطار جهود مكافحة الارهاب، اضافة الى مقاربة الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من الحاجة الى تعزيز دور المؤسسات.
هذه الحال، عكستها الجولة العاشرة من الحوار التي عقدت ليل اول من امس، في مقر «الإطفائي» رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يسعى الى حضّ الطرفيْن على الحدّ من الحدة في مواقفهما اذا تعذّر الوصول الى «هدنة إعلامية».
واللافت في هذا السياق، ان وزير الداخلية نهاد المشنوق، احد اعضاء الفريق المحاور عن «المستقبل» انتقل من الاجتماع مع موفدين من الحزب الى المنبر، لإطلاق خطاب ناري ضد ايران، ومن خلفها الحزب، ودفاعاً عن «عاصفة الحزم».
ورغم ان الطرفيْن توافقا على العودة الى جلسة جديدة من الحوار في 14 الشهر المقبل، فإن الانظار تتجه الى الخطاب الذي سيلقيه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في الحشد الشعبي الذي دعا اليه الحزب غداً، في الضاحية الجنوبية، تضامناً مع الشعب اليمني، اذْ من المتوقع ان يمضي نصرالله في حملته العنيفة على السعودية، الامر الذي سيستولد ردوداً مماثلة عليه من «المستقبل».
وثمة معطيات بدأت تتبلور، تؤشر الى عدم حماسة الحزب للحوار الذي سيمضي به قدماً على طريقة «رفع العتب» وتجنّباً لتحميله تبعات انهياره، وسْط تقديرات بأنه لن يكون مجدياً بعد اليوم، نتيجة التأزّم المضطرد في العلاقة بين «المستقبل» والحزب الذي، وعلى سبيل المثال، يرفض اي مناقشة لملف سرايا المقاومة التابعة له، بعدما كان ابدى مرونة شكلية في امكان مقاربة هذا الامر.
وعكس البيان المقتضب الذي صدر عن الجلسة العاشرة، فتوراً في الاجواء التي سادتها، رغم معلومات عن مواصلة الاستعدادات لإطلاق الخطة الامنية في بيروت والضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) اواخر الشهر الجاري، وهو التطور الذي لا ينطوي بالضرورة على اي معطى سياسي يُعتدّ به، خصوصاً ان الحزب لا يمانع في تولي الاجهزة الامنية «الأمن الاجتماعي» في مناطق نفوذه.
وسط هذه الاجواء، رفع رئيس الحكومة السابق، رئيس «المستقبل» سعد الحريري من وتيرة حركته الخارجية، فهو ينوي زيارة الولايات المتحدة الاميركية في العشرين من هذا الشهر، بعدما كان زار تركيا وقطر، في اطار مسعى لتحصين لبنان وأبعاده عن اخطار المنطقة وازماتها اللاهبة، وهي المهمة، التي اشارت المعلومات، الى إمكان ان تقوده الى زيارة عواصم عربية اخرى.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، الذي يلتقي اليوم سفراء الدول الكبرى المعتمدين في لبنان لحضّهم على المساعدة في الافراج عن عملية انتخاب رئيس جديد للبلاد، يعتزم زيارة باريس للقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لنفس الغاية، رغم تضاؤل احتمالات كسر المأزق الرئاسي، خصوصاً بعد المواجهة الايرانية - السعودية المكشوفة في اليمن.
ومع اصرار زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على دفع الحكومة الى البت في ملف تعيينات عسكرية وامنية، لاعتبارات تتصل برغبته في تعيين صهره العميد شامل روكز، المعروف بكفاءته، قائداً للجيش، فإن اوساطاً سياسية تستبعد امكان زجّ الحكومة بتعيينات عسكرية في هذه المرحلة، وبتفجير العماد عون ازمة حكومية في نفس الوقت، لسببيْن اثنيْن، اولهما ان حجّة العماد عون ضعيفة، لأن مطلبه ينطوي على مسألة شخصية اكثر مما هي وطنية، وثانيهما ان الحكومة التي ارتكزت الى تفاهم بين «حزب الله - المستقبل»، كحامليْن لـ«الوهج» الاقليمي، قادرة على احتواء اية ازمة من النوع الذي يهدد به زعيم «الوطني الحر».