«في ضيافتهم» أطلق الطفل المخبأ في داخله
محمد العبدالله: «غشمرتي» في «تويتر» لم تجد قبولاً لدى «المغردين»
| كتب فيصل التركي |
1 يناير 1970
07:12 م
• من والدي تعلّمت الإنجاز... ولا أحفظ بيتاً من قصائد والدتي
• أعصابي «ثلاجة»... ولا أغضب من الانتقادات أو ألتفت إلى الشتائم
• الصيد الجائر أدى إلى شح الثروة السمكية... و«ضباع الضباعية» انقرضت
• لا أمتلك سوى ساعات قليلة في الأسبوع أدّخرها لالتقاط الصور النادرة
• «تشيلسي» فريقي المفضّل... وبعض أبنائي يشجّعون «مان يونايتد» نكاية «فيني»
• الكلاب تمتلك صفة الوفاء... ولا أرى ضيراً في رعايتها
لا يبكي الرجال إلا لأمر عظيم، لكن في ذكر طيّبي الأثر، يحق للعيون أن تذرف عوضاً عن الدمع دماً...
هذا ما حدث في أولى حلقات برنامج «في ضيافتهم»، الذي قدمه الإعلامي بركات الوقيان، وأخرجه فواز العيدروسي عبر شاشة تلفزيون الكويت، عندما استضاف وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح، في قصر والده المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله المبارك الصباح، طيّب الله ثراه، الذي شيَّد القصر في العام 1952، ليبقى صرحاً شاهداً على أمجاد «أسد الجزيرة» وسيرته العطرة.
بخبرته الإعلامية، استطاع الإعلامي بركات الوقيان أن يبرز الطفل المخبأ بين أضلع الرجل المسؤول، الذي أطل على سجيته بعدما خلع «بشت الوزير»، وترك خلفه عباءة الديبلوماسية، ليعبّر في فضفضة استثنائية عما يختلج في صدره، بشفافية ووضوح، ومن دون «فلترة» الكلمات أو الركون إلى اللغة الرسمية المنمقة.
استهل الوقيان الحلقة، بسطور أضاءت على سيرة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح، مشيراً إلى أنه من مواليد الثاني من أكتوبر في العام 1971، وهو الابن الثاني للشيخ عبدالله المبارك الصباح بعد أخيه الأكبر الشيخ مبارك الذي توفي صغيراً، ووالدته الشيخة الدكتورة سعاد محمد الصباح، وهو يعتبر الحفيد المباشر للشيخ مبارك الصباح.
ولفت إلى أنه في العام 1997 بدأ الشيخ محمد العبدالله رحلته العملية باحثاً في أمانة اللجان الوزارية بمجلس الوزراء، وفي العام 2000 أصبح وكيلاً مساعداً في مركز شؤون المعلومات والبحث التابع لوزارة شؤون مجلس الوزراء، وفي العام 2002 عين رئيساً لجهاز خدمة المواطن، وفي العام 2007 عين رئيساً لجهاز متابعة وتقييم الأداء الحكومي، وفي العام 2012 عين وزيراً للإعلام، ليعيّن في منتصف العام نفسه وزيراً للإعلام ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، واستمر في المنصب حتى أواخر العام ذاته، عندما عيّن وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير دولة لشؤون البلدية، ثم تولى حقيبة وزارة الصحة، ثم وزيراً لشؤون مجلس الوزراء.
وتناولت الحلقة جوانب عدة من حياة الشيخ محمد العبدالله، ولاسيما الدروس التي تعلمها من والديه، فلم يتمالك العبدالله مشاعره الجياشة، التي فاضت مع مرور النسمة العطرة لوالده المرحوم الشيخ عبدالله المبارك الصباح، طيب الله ثراه، متسائلاً بنبرة اختلط فيها الدمع بالفخر: «كيف أختصر مسيرة طويلة وحافلة بالأمجاد في بضع دقائق؟!»، مردفاً: «كل شيء جميل في حياتي هو من صنع والدي رحمه الله، فهو من علمني دروس الحياة وغرس فيَّ الأفكار النيرة لكي تضيء لي الطريق، فأسير وفق رؤى واضحة، ولطالما كان يردد على مسامعي عبارة لا تزال عالقة في ذهني، حينما يقول (لا تضع رأسك على الوسادة، إلا إذا أنجزت جميع أعمالك من دون تقصير)»، وموضحاً: «في بادئ الأمر لم أفهم المعنى العميق لتلك العبارة حتى كبرت وأصبحت ناضجاً، فأدركت الآن أنه كان يقصد العمل في إطار الضمير الوطني، والتفاني والإنجاز في العمل».
فيما دار الحديث حول دور والدته الأديبة والدكتورة الشيخة سعاد الصباح، التي حملت على عاتقها تحمل مسؤولية رعايته بمعية أشقائه الثلاثة، وهما بنتان وشاب بعد وفاة والده، لتذرف الدموع مرة أخرى في مشهد مؤثر جداً، قائلاً بصوت متقطع: «والدتي هي كل ما أملك في هذه الحياة، فهي التي تشجعني باستمرار في كل خطوة أخطوها، بل إنها تساعدني حتى في اختيار الملابس، كما لا تتوانى عن تقديم النصح إليّ باستمرار». لكنه اعترف في المقابل أنه مقصّر معها، لدرجة أنه لا يحفظ بيتاً من قصائدها، كونه لا يهوى الشعر والأدب.
وكشف العبدالله عن أنه يتعامل مع أولاده كما يتعامل الصديق المحب مع أصدقائه المقربين، ممازحاً بقوله: «لكن فارق العمر بيننا كبير جداً، خصوصاً بعدما أحاط الشيب ذقني من كل جانب».
وبسؤاله عن التواصل مع الجمهور في مواقع التواصل، وطريقة تعامله مع آراء البعض المتباينة بين المدح والقدح، أجاب العبدالله بالقول: «منذ الصغر كان الجميع يطلقون عليّ (الثلاجة)، في إشارة منهم إلى أن أعصابي باردة جداً، فأنا لا أنزعج من الانتقادات التي توجه إليّ، حتى و إن وصلت إلى حد الشتائم أحياناً، كما أنني لا ألتفت إلى كل شاردة أو واردة، في ما عدا الأمور التي تستوجب الرد عليها، بغية توضيحها إلى المواطنين، خصوصاً إذا كانت تتعلق بالمشاريع الحكومية أو الخطط التنموية وغيرها، حتى يكون المواطن في (الصورة)، وعلى اطلاع شامل ودراية تامة عنها».
وعما إذا كان يقوم بعمل «فلترة» في حساباته الشخصية على مواقع التواصل، لبعض الأشخاص ذوي التعليقات الساخرة أو غير المقبولة، قال: «بالفعل، إن لم تكن التعليقات أو الاستفسارات في حدود الأدب والاحترام، فأنا على الفور أقوم بإلغاء المتابعة لهؤلاء الأشخاص».
وأضاف: «أتمنى من المتابعين لحسابي في (انستغرام) أن يدركوا أنني إنسان في نهاية الأمر، ويحق لي أن أعبّر عن هواياتي المحببة على غرار فن التصوير الفوتوغرافي، أو عشقي نادي (تشيلسي) الإنكليزي من دون تحفظ أو ديبلوماسية، فأنا لا أحب (الرسميات) كثيراً، بل أسعى دائماً إلى إضفاء أجواء البهجة والمرح أينما كنت، وأفضّل أن أظهر على طبيعتي مع الناس، كإنسان عادي وليس كمسؤول».
ومضى العبدالله قائلاً: «في السنة الأخيرة توقفت عن (الغشمرة) في (تويتر)، بعدما شعرت بأنها لا تجد قبولاً لدى المغردين»، مشيراً إلى أن بعض «التغريدات الفكاهية» سببت له الإحراج مع الكثيرين، وفي مقدمهم سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك، «الذي كان ينتقدني بين حين وآخر، لكنها انتقادات ساهمت في صقل شخصيتي وتعلمت منها الكثير، خصوصاً أنها جاءت من ابن عمي، الذي أدرك تماماً مدى حبه لي وحرصه على مصلحتي».
وتطرق العبدالله في سياق حديثه إلى هوايته المحببة لفن التصوير الفوتوغرافي، مبيناً أنه يهوى التقاط الصور الجميلة في الشاليه الذي يمتلكه في منطقة الضباعية، ولاسيما تلك التي ترصد الطيور النادرة أو الزهور ذات الألوان الزاهية، كاشفاً عن أن 90 في المئة من الصور التي قام بالتقاطها كانت داخل أسوار الشاليه، موضحاً في الوقت نفسه أنه لا يمتلك سوى بضع ساعات في يوم الجمعة من كل أسبوع، يقضيها في الاستمتاع بممارسة التصوير، للتنفيس عن نفسه بعد العمل الوزاري الشاق، وقال: «أحاول جاهداً أن أظهر ما لدي من لمسات فنية، علماً أنني لا أمتلك موهبة التصوير الاحترافي».
ولم يفت الوقيان أن يتناول الصورة التي أثارت جدلاً واسعاً في«انستغرام»، والتي أظهرت قيام العبدالله بتربية مجموعة من الكلاب في مزرعته، فقال العبدالله: «هذه المخلوقات الأليفة تحمل صفات جميلة أهمها الوفاء لصاحبها، لذلك فإنني أحرص على رعايتها بنفسي كلما سنحت لي الفرصة».
وأوضح أنه تعلم فن التصوير من خلال الموقع الإلكتروني للمصور الفوتوغرافي الشهير سكوت كيلبي، عن طريق الاشتراك في دورات تدريبية لتعلم التصوير مقابل 200 دولار في السنة، لافتاً إلى أنه الوزير الوحيد الذي يهوى هذا المجال.
وأماط الشيخ محمد العبدالله اللثام عن عشقه الكبير لنادي «تشيلسي» الإنكليزي، مؤكداً أنه دأب على حضور المباريات المهمة لـ «البلوز» في كل عام، غير أنه اكتفى هذا العام بحضور مباراة واحدة فقط لانشغاله، ممازحاً بقوله: إن اثنين من أبنائه يتبعونه في تشجيع النادي ذاته، فيما أن «البقية يدعمون الغريم الأزلي نادي مانشستر يونايتد نكاية فيني».
وتحدث العبدالله عن هواياته الأخرى، خصوصاً صيد الأسماك، مؤكداً أنه لم يذهب إلى «الحداق» منذ ما يقرب من 8 سنوات بسبب شح الأسماك في البحر والذي يعود إلى الصيد الجائر، ولا يقتصر الأمر على تراجع الثروة السمكية فحسب، بل إن منطقة «الضباعية» التي كانت تشتهر بكثرة «الضباع» فيها خلال منتصف القرن الماضي، لم يتبق من «ضباعها» سوى الاسم فقط، بعد الجريمة البيئية التي أدت إلى انقراض هذا النوع من الحيوانات.