الممثل المقيم في بيروت أكد أن السبب انتهاء إنجاز مشاريع منحة الـ 300 مليون دولار

نواف الدبوس لـ «الراي»: لا خلاف مع لبنان وإغلاق مكتب الصندوق الكويتي للتنمية... إجراء إداري

1 يناير 1970 08:21 م
• بعد عدوان 2006 أعدنا إعمار 10 آلاف وحدة سكنية في 25 بلدة في الجنوب و12 مبنى في الضاحية

• خصصنا 195 مليون دولار لبنى تحتية واجتماعية وصحية

• قريباً ينطلق تنفيذ المنحة المقدمة من صاحب السمو لإنشاء متحف بيروت التاريخي بقيمة 30 مليون دولار

• المواطن اللبناني عند الكويت وصندوق التنمية هو مواطن أياً كانت انتماءاته وأينما تبرز حاجة له نكون موجودين لتوفيرها

• نحن عامل جمْع بين مختلف الأطراف اللبنانيين الذين مهما اختلفوا يتفقون على فتح قلوبهم للكويت وتقدير دورها البنّاء

• مشاريع صندوق التنمية تحولت عامل جمع في لبنان لوجودها في مناطقه كافة

• أبواب الكويت مفتوحة دائماً ولبنان الجميل والرائع والتعددي يستحق كل المساعدة والمساندة
أنجز الصندوق الكويتي للتنمية في لبنان المشروعات التي شملتها منحة الـ 300 مليون دولار اميركي لـ «إعادة الإعمار» بعد العدوان الاسرائيلي في العام 2006، وتالياً فان من المقرر قفل مكتب الصندوق في بيروت وعودة إدارته الى الكويت على غرار ما جرى في الـ 2002 عندما أُقفل المكتب بعد إنجاز المنحة الكويتية لدعم القطاع الصحي اللبناني التي كان بدأ العمل فيها العام 1993.

ومع استعداد الممثل المقيم للصندوق الكويتي في بيروت المهندس نواف الدبوس للانتقال الى المكتب الرئيسي في الكويت بعدما شارف عمله في العاصمة اللبنانية على الانتهاء، يصبح لبنان واحداً من نحو 104 دول تجري متابعة مشاريعها من المقرّ الرئيسي للصندوق، خصوصاً ان ثمة مشروعات واتفاقات تحتاج لمواكبة لم تنقطع أساساً في ضوء العناية الكويتية الدائمة لاحتياجات لبنان.

أبواب الكويت ستبقى كما العادة مفتوحة أمام لبنان وخطط النهوض فيه رغم قفل مكتب صندوق التنمية في بيروت المشرّعة القلب للكويت وأهلها في علاقة تاريخية - أخوية وبلا شوائب تستمدّ زخمها وحيويّتها من أوجه الشبَه الكثيرة بين البلدين اللذين يتكاتفان في السرّاء والضرّاء. وليس أدلّ على ذلك من الأيادي البيض للكويت في كل حدب وصوب في لبنان، ومن الحضور اللبناني المتمايز في ميادين مختلفة في الكويت.

...إعادة تأهيل وتجهيز مراكز الصحة والمستشفيات، التعويضات وإعادة الإعمار، مشاريع الطرق والبنى التحتية، المراكز الإنمائية الاجتماعية والرياضية، المباني التعليمية، تحسين الطاقة الكهربائية والاتصالات، مدخل بيروت الشرقي، انها عناوين لمشاريع تولى صندوق التنمية الكويتي تنفيذها في لبنان، في ورشةٍ مفتوحة لإنماء الحجر والبشر وشعارها «الكويت ولبنان...سوا عالحلو والمُر».

والمفارقة الأكثر إثارة في تجربة الصندوق وعمله في لبنان، المنقسم على نفسه ومن رأسه حتى أخمص قدميه، ان الكويت ربما تكون في دورها الإنمائي حاضنة الوحدة الوطنية اللبنانية، وكأنها «الخيمة» التي تجمع جهاته الاربع عبر سياسةٍ تعكس الكثير من الدراية لواقع لبنان وتناقضاته، وتقوم على أداء متوازن في توزيع المشروعات التنموية على جميع المناطق التي غالباً ما تأخذ ألواناً سياسية وطائفية.

ولعلّ ما يقوله المهندس نواف الدبوس عن حصيلة تجربة أربعة أعوام أمضاها في لبنان يشكل شاهداً على «الفرادة» في طبيعة العلاقات اللبنانية - الكويتية وعمقها وتَفاعُلها، ولاسيما في التضامن المتبادل الذي قلّ نظيره بين الدولتين والشعبين، والقائمة أساساً على مركّب يمتزج فيه الودّ والاحترام.

بشغف كبير يتحدث الدبوس عن لبنان الذي عرفه منطقة منطقة وبلدة بلدة...صار خبيراً بـ «التجربة اللبنانية» وتعدُّديتها وطقوسها، بعدما أخذه التنوع في العادات والتقاليد، والديانات واللهجات والثقافات، التي وعلى اختلافها تلتقي على حب متبادل بين لبنان والكويت وكأنهما «توأم روح».

كُلّف الدبوس بعمليات من إدارة الصندوق في منغوليا وباكستان وتوغو وبوركينا فاسو وموريتانيا وأوغندا ورواندا ومصر والأردن والبحرين وغيرها، لكنه لم يشعر في طريق العودة بـ «غَصة» كما الحال الآن بعدما حظي بـ «فرصة ذهبية» مكّنته من اكتشاف لبنان «الجميل والمتمايز والمنارة والانفتاح والثقافة و...الناس».

لم يقتصر جهد المهندس المأخوذ بـ «الكيمياء» اللبنانية على رعاية مشاريع صندوق التنمية في الجنوب والشمال وبيروت والجبل والبقاع، بل هو تَقصّى عن مظاهر الروابط القديمة بين لبنان والكويت ودوّن وقائع كثيرة تعكس طبيعة الأدوار المتبادَلة في تنمية تلك العلاقات والتأسيس لها.

«الراي» التقت الممثل المقيم لصندوق التنمية في لبنان المهندس الدبوس، الذي يستعدّ للعودة الى الكويت وأجرت معه حواراً تطرّق الى الدور الذي اضطلع به الصندوق في «عموم» لبنان والمشاريع التي تولى تنفيذها. وفي ما يأتي نص الحوار:

• ثمة معلومات عن قرب قفل المكتب في بيروت، هل هذا يعني حجب مساعدتكم عن لبنان أم ماذا؟ ـ دولة الكويت على قرب وتواصل دائم مع الحكومة اللبنانية ولبنان الشقيق. والحكومة الكويتية تخصص دائماً مبالغ ومنحاً بحسب الظروف والحاجات التي تمرّ بها الدولة اللبنانية، وذلك بهدف المساعدة في دعم العجلة الاقتصادية في لبنان. فإذا كانت هناك منحة، تكلف الحكومة الكويتية الصندوق الكويتي بإدارتها. في السابق كانت هناك منحة لدعم القطاع الصحي في العام 1993، فتمّ من خلالها إنشاء مستشفيات عدة في مواقع جغرافية مختلفة؛ في تنورين، النبطية، رحبة، عرسال، النبي شيت، شمسطار، سير الضنية، راشيا، وحتى في ميس الجبل. هذه المنحة، تم فتح مكتب لإدارتها في السابق، ثم جرى إغلاقه في العام 2002. لذا فإن هذه المكاتب موقتة. تُفتح لإدارة منحة ما. وبعد حرب يوليو 2006 اي العدوان الصهيوني على لبنان، خصصت الحكومة الكويتية مبلع 300 مليون دولار لإعادة إعمار ما تضرر ولاسيما في البنية التحتية والوحدات السكنية ودعم لبنان الخارج من هذا العدوان. ولذا فتحنا هذا المكتب الموقت بعدما أوكلت الكويت الى الصندوق إدارة هذه المنحة. وبالتوفيق والحمدلله مرّت هذه الأعوام، وقمنا بإعادة إعمار ما تضرر: نحو 10 آلاف وحدة سكنية في 25 بلدة وقرية في الجنوب، و12 مبنى في الضاحية الجنوبية، وخصصنا مبلغ 195 مليون دولار لإعادة بناء مشاريع بنية تحتية واجتماعية وصحية في مناطق مختلفة. انتهت هذه المنحة وشارفت على نهايتها، وباتت مهمات هذا المكتب الموقت منتهية تقريباً، لكن الكويت موجودة في لبنان قلباً وقالباً. وصندوق التنمية على تماس دائم مع احتياجات لبنان، سواء بالمنح أو القروض الميسرة، والمدير العام عبد الوهاب البدر في زيارات دائمة ومتكررة ومتواصلة لبيروت لتوقيع اتفاقات والاستماع إلى أولويات الحكومة اللبنانية ودرس المشاريع المقترحة لإبداء الرأي وتمويلها. ولله الحمد دخلنا في مشاريع، وحتى خلال زيارته الأخيرة وقّعنا اتفاقيْن: الاول لدعم المجتمعات المضيفة ـ المستضيفة للاخوان السوريين اللاجئين، أي البلديات لاسيما وان هذه البلديات لا تملك القدرة على استيعاب هذا العدد الكبير من اللاجئين، والثاني لإقامة مسلخ في طرابلس. والمدير العام قادم إن شاء الله في وقت قريب لتوقيع اتفاق مشروع طريق رياق ـ الكرك. ونحن حالياً نموّل في زحلة مشروع مياه للشرب، وفي مرجعيون وسهل مرجعيون هناك اتفاقية لشبكات صرف صحي. وهذه الأمور تجري على قدم وساق، وحتى في محطتيْ الذوق والجية للطاقة الكهربائية هناك مشروع تمويل كويتي لإعادة تأهيل المحطتين ورفع كفاءتهما. ثمة مشاريع كثيرة نحن مستمرون بها، حتى ان هناك منحة من صاحب السمو حفظه الله لإنشاء متحف بيروت التاريخي بقيمة 30 مليون دولار؛ وهذه المنحة هي بالتعاون مع وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار ومجلس الإنماء والإعمار، ونتابع تنفيذها لتنطلق في القريب العاجل إن شاء الله.

• نفهم إذاً،ان الاتجاه إلى قفل المكتب لا يأتي نتيجة خلاف مع الجانب اللبناني ولا نتيجة مصاعب تواجهها الكويت بل هو إجراء إداري طبيعي، لأن منحة الـ 300 مليون دولار أُنجزت تقريباً؟ ـ هذا هو الموضوع، فليس هناك موضوع مادي ولا أي موضوع آخر. ولكن المهمات التي كُلفنا بها لمنحة 2006 ـ أي 300 مليون دولار - أنجزنا المشاريع المتعلقة بها وعددها 77 في مواقع مختلفة. هذه المشاريع مهمة بالنسبة للجهات المستفيدة ولها مردود على المواطن اللبناني. وهي دائماً تكون باتفاقيات وفي إطار تنسيق مع الحكومة اللبنانية سواء عبر مجلس الإنماء والإعمار أو الهيئة العليا للإغاثة. والحمدلله الجهد الذي بذلناه أعطى نتائجه وانتهت المشاريع التي تشملها منحة الـ 300 مليون دولار، نحن في إشارة المدير العام عبد الوهاب البدر وكذلك الحكومة الكويتية سواء في حال قفل المكتب أو في حال وجود منحة جديدة، فنحن في خدمتهم. ولكن انتهت هذه المنحة، والأمور الإدارية لمتابعة الجوانب المصرفية والحسابية شارفت على الانتهاء، ونحن سنرجع لنتابع وندير من الكويت، فصندوق التنمية يدير مشاريع في نحو 104 دول حول العالم من مكتبه الرئيسي في الكويت.

• هل ستُعتمد آلية البعثات؟ ـ طبعاً تخرج من الكويت بعثات تسمى «following missions» لمتابعة المشاريع والقروض الميسرة.

• كيف ستتم إدارة ما تبقى من المشاريع التي يتم تنفيذها في لبنان بعد إقفال المكتب؟ ـ من المكتب الرئيسي في الكويت. هناك مشاريع صغيرة من ضمن المنحة، وهي تقريباً أُنجزت. ربما هناك واحد أو اثنان يمكن إدارتهما من الكويت. وبات هذا الأمر بحسب تعاملنا مع مجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة أمراً روتينياً طبيعياً، وموظفونا يعرفون موظفيهم والآلية باتت عجلة سريعة تسير ولا مشكلة بالنسبة إلى مشروع أو اثنين. أما بالنسبة إلى القروض الميسّرة، فطبعاً بإمكاننا المجيء من الكويت في مهمات رسمية لمتابعة هذه المشاريع بطريقة سليمة، والكويت ولبنان قريبان جداً والمسافة قريبة.

• هل هناك إحصاء عن الدور الذي لعبه الصندوق في لبنان؟ ـ طبعاً. عندنا بروشورات وصور وتصوير وتوثيق لهذه المشاريع والمواقع التي زرناها وأقمنا فيها المشاريع. كل شيء موجود.

• من المعروف أن الجهد السياسي والإنمائي الذي تبذله الكويت يشكل علامة من علامات الوحدة الوطنية اللبنانية. هل كنتم تتعمدون العدالة في توزيع مشروعاتكم على المستويين الداخليين المناطقي والسياسي؟ ـ نحن نحرص دائماً على أن تكون هناك عملية موازنة في عملية الإنماء والتنمية، التي هي شاملة. والمواطن اللبناني عند الكويت وصندوق التنمية هو مواطن اياً كانت انتماءاته. وأينما تبرز حاجة للمواطن اللبناني نكون موجودين لتوفيرها عبر الحكومة اللبنانية من خلال آلية منسقة لتنفيذ المشاريع المختلفة. ولذا نحرص على أن تكون المساعدة بطريقة سليمة وفنية تخدم المواطنين في جميع المناطق.

• قلّما يرى المراقب أن الدولة نفسها أو الشخص نفسه موجود في الضاحية، معراب، بنشعي، بيت الوسط...ما سرّ هذه التوليفة الكويتية؟ ـ هذه التوليفة هي من حبّ الكويتيين وحب القيادات السياسية والكويت وأهل الكويت للبنان. وعندما تجد ان عمل الصندوق ومشاريعه تمتدّ على مختلف الاراضي اللبنانية، فهذا دليل على تواصل مع الجميع وحب للجميع وفتح حوار مع الجميع، ما يعني ايضاً أن الكويتي محبوب من الجميع ومميز لدى الجميع، لأن ليست لديه رغبات تجاربة ولا سياسية ولا حتى شخصانية، فالكويت عندما تزور هذه المناطق وتمدّ يد المساعدة للبنانيين فهذا مردّه الى ايمانها بالإنسانية وبالوطنية اللبنانية صراحة. وبهذا المعنى يمكن القول اننا عامل جمْع بين مختلف الأطراف اللبنانيين الذين مهما اختلفوا يتفقون على فتح قلوبهم للكويت وتقدير دورها البنّاء. وبصراحة لمستُ هذا الجو لدى جميع الأطراف، والكل يرحب،وعندما يعرف أنك كويتي يفتح لك قلبه قبل بيته.

• وأنتم تعدون العدة لمغادرة بيروت، كيف تصفون تجربتكم في لبنان في ضوء علاقاتكم مع الحكومة والقوى السياسية والمجتمع عموماً؟ ـ هذه التجربة، لا تحدث لأي شخص كان. وهذه التجربة مميزة جداً، كونك تمثّل دولة الكويت والصندوق الكويتي في لبنان ما يجعل القلوب والأبواب والمشاريع تُفتح لك بكل محبة وشفافية. لذا عندما تنزل إلى الجنوب مثلاً تجد أن الناس يهللون ويرحّبون بالكويت وبالصندوق الكويتي، وعندما تذهب إلى الشمال يرحبون بك ككويتي وكذلك في بشري والبقاع وبعلبك وبيروت وكسروان وجميع المناطق. وهذه المشاريع تعزز التقارب الكبير أصلاً بين الشعبين الكويتي واللبناني، وتشكّل فرصة لا يتوانى خلالها اللبنانيون عن إظهار خالص حبهم وتقديرهم للكويت. وكذلك هي تعكس حب الكويت للبنان واهتمامها، وعلى رأسها سيدي صاحب السمو حفظه الله الشيخ صباح الأحمد، بهذا البلد الشقيق بجميع مناطقه. وهذا ما جعل مكتب الصندوق الكويتي والزيارات الفنية التي يقوم بها أشبه بنشاط إنساني وإنمائي عزز روابط الصداقة مع الكويت وبين المناطق المشمولة بمشاريعنا. وأنت تعرف أن في لبنان تعددية، وهذه التعددية تعطي خبرة وإيجابية ومعلومات وثقافة تُستمدّ من مختلف الأطراف والأطياف. والأكيد انني تعرّفتُ الى ثقافات وعادات جديدة وقيم دينية مختلفة لا يمكن اكتشافها في غير لبنان ولا يمكن لغير الكويتي ان يتفاعل معها بما يتيح له التواصل مع مختلف الاطراف اللبنانيين على تنوُّع مشاربهم السياسية والثقافية والدينية. والمفارقة ان هناك دولا لا يتفق كل اللبنانيين حول العلاقة معها، إلا الكويت، فجميع اللبنانيين وجميع القادة السياسيين والحكومات التي مرت خلال المرحلة التي كنت موجوداً خلالها أجمعوا على الكويت والعلاقة معها ودورها في المساعدة الإنسانية وحبها للبنان بطريقة مخلصة.

• هل من خطط ما لمرحلة ما بعد إقفال الصندوق في بيروت؟ ـ بالنسبة للخطط، كنت أعمل في الصندوق الكويتي في إدارة العمليات. كنت مستشاراً هندسياً متخصصاً في المشاريع الكهربائية. وكنت دائماً أخرج في مشاريع إلى دول متعددة: دول أفريقية، دول عربية ودول في شرق آسيا بحسب المشاريع. وحالياً أنا أخدم الصندوق الكويتي في لبنان ومن أيّ موقع كان. ولكن الخطة حالياً هي أن نرجع إلى إدارة العمليات في الصندوق من مقرنا في الكويت على ان نتابع المشاريع كما قلتُ سابقاً عن بُعد ومن دون ان يتأثّر عملنا ولا المشاريع التي نقوم بها. والله سبحانه وتعالى هو الذي يوفق طبعاً.

• مرت 4 أعوام تقريباً على وجودك في لبنان هل كانت هذه أطول فترة عمل لك في دولة ما؟ ـ أطول فترة عمل لي هي في لبنان، وأشكر الله أولاً ثم إدارة الصندوق الكويتي وعلى رأسه عبد الوهاب البدر على ثقته فيّ وإعطائي هذه الفرصة التي وجدتُ فيها لذة العمل في لبنان هذا البلد الجميل والرائع والذي يستحق كل التقدير والاهتمام والرعاية والمتابعة والمساندة. وأن الوقوف مع لبنان ضرورة، هو الذي في يوم من الأيام قام بواجب عظيم بالنسبة للمنطقة كلها. فلبنان كان هو منارة الثقافة، وكان معرض بيروت الدولي هو أول معرض للكتاب في الشرق الأوسط. ولبنان هو الجسر بين الغرب والشرق، وقد أعطانا بثقافاته وتعدديته ميزة كبيرة على صعيد الانفتاح وإدراك لما يجري في المنطقة وحولها.

الذاكرة اللبنانية ـ الكويتية وأوجه شبه



خلال وجوده لاربعة اعوام في لبنان سعى المهندس نواف الدبوس الى البحث عن «سر»اوجه الشبه بين اللبناني والكويتي، وعن سرّ محبة الكويتي للبنان، وسرّ محبة اللبناني للكويت؟ وهو قال لـ«الراي»: هذا السرّ كلما تعمقتُ أكثر اكتشف سرّاً أعمق. صراحة بحكم تواجدي في لبنان، نزلتُ مرة إلى عربصاليم والتقت بشيخ كبير في السن من آل فرحات. قال لي ما صلة القربى التي تربطك بفلان من الناس، وأخبرني انه كان في الأربعينات من القرن الماضي في الكويت.

وحين ذهبتُ إلى «دوما» (شمال لبنان) التقيتُ شخصاً قال لي انه في الخمسينات كان في الكويت حيث عمل وشارك في ورش بناء. وفي زغرتا عند ذهابي من أجل تقديم مساعدة لملعب رياضي وجدت شخصاً من آل سركيس يقول لي انه ساهم في بناء مسجد في الكويت. وهؤلاء رجال كبار في السن.

والتقيت مع رئيس اتحاد بلديات البترون مؤسس أول شركة تأمين في الكويت. واجتمعتُ بحكم عملي مع ناس كثر في هذا الإطار، وبينهم شخص من آل عبد الصمد في الضنية وآخرون من عكار. هؤلاء أشخاص كبار في السن وكان لهم دور في الكويت.

في إحدى المرات، التقيت برئيس بلدية زغرتا وإهدن رحمه الله توفيق معوض، وقلتُ له انني عرفتُ من خلال دردشة مع آل الدويهي أن الشيخ صباح السالم الصباح رحمه الله كان له تواصل مع الرئيس اللبناني الراحل سليمان فرنجية، وقام بزيارة لزغرتا في السبعينات. وبحكم عملي عرفت أنه في زيارة الشيخ صباح السالم رحمه الله ذهب مع الشيخ سليمان فرنجية إلى «سيدة الحصن» التي كانت كنيسة صغيرة، حيث سأل صاحب السمو لمَ لا توجد طريق إلى هذه الكنيسة؟ وبعدها نُفذت الطريق من سيدي صاحب السمو الشيخ صباح السالم الى هذه الكنيسة التي صار يقصدها الناس وتقام فيها أعراس ومناسبات عدة.

وفي جمعية رعاية اليتيم في صيدا، علمت عند زيارتها أن مؤسسها في الستينات شخص كويتي ولا أحد يعلم ذلك. فعرفت بحكم عملي أن الحاج عبدالله العثمان رحمه الله هو مَن أسسها، فزرناهم وساهمنا معهم، علماً ان الناس القيمين عليها من أروع ما يمكن. ووفّقهم الله.

وفي إحدى المرات ذهبتُ إلى شتورة، ورأيتُ قصر الشيخ عبدالله السالم رحمه الله الذي يطلّ على البقاع، وقد تم بناؤه في الستينات ولم يكن من حوله أي بناء. وكان الشيخ عبدالله السالم من أول مَن أدرك روعة هذه المناطق. والأمر نفسه ينطبق على الشيخ صباح السالم الذي يملك قصراً ما شاء الله في عاليه. وسيدي صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد حريص جداً على مصلحة لبنان. ونحن نعمل بحسب توجيهاته وسياسته التي تقوم على المساواة بين الأطراف اللبنانيين، وهو عرّاب إخراج لبنان من الحرب الأهلية، وقد قام بجهد شخصي من دافع قلبه ووطنيته بالعروبة وحبه للبنان بهدف جمع الأطراف اللبنانيين المتحاربين وإعادة لبنان إلى الطريق السليم. ولسموّه قصر في صوفر يعتزّ بزيارته عندما يأتي الى لبنان. وسيدي صاحب السمو زار لبنان في عهد فخامة الرئيس ميشال سليمان وقدم منحة خاصة لإنشاء متحف يُبرِز الحضارات التي تعاقبت على لبنان والآثار الجميلة الموجودة في هذا البلد الرائع. واستمرارية حرص سيدي صاحب السمو على لبنان تعطينا الدافع نحن ككويتيين ان نخدم هذا البلد بحكم سياسات قياداتنا وعلى رأسهم سيدي صاحب السمو الذي هو المنبع في كل عمل فيه خير للبنان وهو الداعم لنا بأن نستمر في هذا الأمر. وثقوا تماماً يا أخواننا اللبنانيين بأننا معكم لآخر يوم إن شاء الله.