في كتاب أعدّته ابنته الشيخة أنيسة لتذكير الأجيال المتعاقبة بمنجزاته الوطنية
الشيخ سالم الجابر المبارك الصباح... إضاءة في ذاكرة الكويت
| كتب مدحت علام |
1 يناير 1970
06:39 م
•أكد أن المرأة في الكويت متطورة ومتقدمة في أفكارها... ويجب أن تأخذ حقوقها السياسية منذ إقرار الدستور عام 1961
•كان يرى أن «البدون والبطالة والإسكان»... قنابل موقوتة تهدد سلامة المجتمع
تحتفظ ذاكرة الكويت التاريخية... بأسماء لعبت دورا بارزا ومهما في نهضتها، وساهمت- بشكل فعال- في بناء مؤسساتها، والدفاع عن حقوقها ومكتسباتها، بالإضافة إلى الذود عن الوطن بالكلمة الصادقة، تلك التي تتدفق حبا وحلما وسلاما.
والمرحوم الشيخ سالم الحمود الجابر المبارك الصباح... من هذه النخبة التي شرّفت الكويت، وكان لها الدور الكبير في تأكيد المواطنة والتلاحم الشعبي، والانتماء الحقيق للوطن، من خلال سيرة عطرة سيظل التاريخ محتفظا بها في ذاكرته، أو من خلال مقالات نشرت بقلمه، وكانت مفعمة بالحب والسلام والوطنية.
وعلى هذا الأساس فقد رأت ابنته الشيخة أنيسة سالم الحمود الجابر الصباح، ضرورة توثيق هذه السيرة الوطنية في كتاب تحت عنوان «في ذاكرة التاريخ... الشيخ سالم الحمود الجابر المبارك الصباح»، وهو كتاب احتوى على الكثير من المواضيع والوثائق والصور، التي تهم القارئ الباحث عن رجالات الكويت البارزين، ورغم أن «الراي» نشرت منذ فترة قراءة لهذا الكتاب إلا أن أهميته تستوجب علينا إلقاء الضوء عليه مرة أخرى نظرا لأهميته التاريخية والوطنية، ولأن المقصود بالكتاب كان من الكتّاب البارزين، الذين دافعوا عن الوطن بالكلمة، بالإضافة إلى منصبه المهم كرئيس للحرس الأميري.
وأهدت الشيخة أنيسة سالم الحمود الجابر المبارك الصباح كتابها إلى روح والدها ولكل من أحبه ورافقه، من قريب أو بعيد في حياته الزاخرة بالتجارب المفيدة لأهل الكويت والأجيال المقبلة.
والسيرة الذاتية للمحتفى به تقول إنه من مواليد 1938 في قصر بيان، وتلقى تعليمه في مدارس الكويت، والتحق في عام 1961 بالخدمة العسكرية، وتخرج برتبة ضابط في الجيش الكويتي، واثناء عمله انتسب إلى جامعة بيبلهس في كاليفورنيا في أميركا وحصل فيها على الشهادة الجامعية، وكان مرافقا لسمو أمير البلاد الراحل الشيخ عبد الله السالم المبارك الصباح- رحمه الله- ومع سمو أمير البلاد الراحل الشيخ صباح السالم الصباح رحمه الله، وأخيرا مع سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، كما شغل منصب رئيس الحرس الأميري.
وقالت الشيخة أنيسة سالم الحمود الجابر المبارك الصباح في تصديرها للكتاب: «تنقل لنا الكلمات ما يحتويه العقل من أفكار مضيئة، تنير لنا دربنا وترشدنا إلى الطريق الصحيح، فكيف إذا كان هذا الفكر قد عاصر القديم والحديث معا، وامتزجت عنه الثقافات العربية والغربية، أحب البحث عن العلم، أحب الناس، أحب الكويت... أقدم لكم هذا الكتاب الصغير في حجمه، الكبير في محتواه، من معلومات وأفكار، إحياءً لذكرى إنسان غال علينا كلنا، وفائدة أكبر لوطننا الكويت».
ومؤلفة الكتاب الشيخة أنيسة سالم الحمود الجابر المبارك الصباح حاصلة على الإجازة الجامعية في اللغة الانكليزية وآدابها، وحصلت على الكثير من الدورات والشهادات العلمية، التي أهلتها لتكون مثقفة كويتية، لها رؤيتها الخاصة للعالم من حولها.
ورصد الكتاب مقالات المحتفى به الشيخ سالم الحمود الجابر المبارك الصباح- رحمه الله- كتبها بقلمه وكانت له فيها صولات وجولات حول المواطنة والسلام، واستعرض فيها أحلامه وتطلعاته، من خلال ما يحمله في وجدانه وذهنه من ثقافات إنسانية متعددة، وبعد إنساني يتطلع- في ما يتطلع- إلى الإنسان بكل أحلامه وأفكاره.
ونقرأ مقال «مئة سنة وألف حسنة»... كي يتضح لنا الحس الأدبي لدى كاتبه الشيخ سالم حمود الجابر الصباح- رحمه الله- والذي تحدث فيه عن ذكرى مؤسس الكويت الحديثة وباني نهضتها ومثبت كيانها الشيخ مبارك بن صباح بن جابر الصباح- رحمه الله- مطالبا بتخليد ذكرى «مبارك الكبير»، كي تتعرف على انجازاته الأجيال المتلاحقة، ومن ثم احتوى المقال على أبيات شعرية، وأسلوب أدبي مفعم بالمشاعر الإنسانية المحبة للوطن.
في ما جاء مقال آخر تحت عنوان جامع لصنوف الخير والسلام «الأمن والأمان والحمد لله رب العالمين»، وبالتالي تطلع المقال إلى سرد كل ما يسعد الإنسان ويدخله في مجالات إنسانية شتى، ساردا بأسلوب نقدي بناء ما يتطلع إلى معالجته، وذلك وفق كلمات خفيفة على القلب مليئة بالمشاعر الخلاقة.
وتحت عنوان «منكم وإليكم والسلام عليكم»... نقرأ موضوعا يتحدث عن آفة التعصب، طارحا برؤيته البصيرة سؤالا جوهريا: هل هناك علاقة بين عَصْب العين لعدم تمكنها من الرؤية والتعصب؟، وبالتالي جاء هذا الربط موفقا وفي الوقت نفسه جديدا، لأن التعصب يجعلنا لا نرى الأشياء على حقيقتها، وربما يجعلنا لا نرى الأشياء إطلاقا.
ثم مقال حمل عنوان «الذكرى المئوية لرمز الوطنية»، وفيه الكثير من الوفاء للشيخ مبارك الصباح- رحمه الله- وهو مقال يشير إلى تعمق الشيخ سالم حمود الجابر الصباح- رحمه الله- في الثقافة العربية خصوصا في مجال الشعر الذي اتخذه رؤية واتجاها وطريقا، من خلال سرد أبيات شعرية، تعزز فكرته وتبرزها، بالإضافة إلى حديثه عن يوم 17 مايو، والذي يرى فيه يوما عزيزا على نفسه وهو يوم تولي «أبو الكويت» الشيخ مبارك بن صباح بن جابر «مبارك الكبير»، مقاليد حكم البلاد، في 17 مايو 1896، وأعقبه بمقال عنوانه «رجالات ومواقف مختلفة عبر التاريخ».
هكذا جاءت رؤية الشيخ سالم الحمود الجابر المبارك الصباح «رحمه الله»- عبر مقالاته- معبرة عن روح الإنسان الذي يبحث عن السلام، ويسعى إلى تحقيقه، والفخر برجالات الكويت، الذين أسسوا نهضتها وبنوا أحلامها.
في ما جاءت تعقيبات الكُتاب على مقالات الشيخ سالم المبارك- رحمه الله- منسجمة تماما مع الروح الوطنية، ومنها مقال للكاتب أحمد الديين، تحدث فيه عن الإصلاح والمبادرة المنتظرة، وتحدث الكاتب المحامي عماد السيف عن «الأمانة»، في ما أكد الكاتب الدكتور ناجي سعود الزايد على «نعمة الديموقراطية»، وجاء مقال الكاتب عبد المحسن يوسف جمال تحت عنوان «مازالت الكويت عزيزة برجالها»، وكتب الكاتب سامي عبد اللطيف النصف عن «سالم الحمود وحكمة الصامتين».
وأفرد الكتاب بابا لمقابلات أجريت مع الشيخ سالم حمود الجابر الصباح- رحمه الله- والتي تكشف عن رؤيته للوطن ومبادئه الإنسانية الخلاقة، فقد كان يرى أن «البدون والبطالة والإسكان قنابل موقوتة تهدد سلامة المجتمع، مطالبا بضرورة حل مثل هذه المشكلات، خصوصا البدون الذين ولدوا في الكويت، وشدد على أن المرأة نصف المجتمع... وهي مؤهلة لدخول البرلمان»، كما قال «ليس من مصلحة الوطن أن يكون لدينا مجلس من البصامين والمدعومين»، وقال عن المرأة: «كان يجب أن تأخذ المرأة حقوقها السياسية منذ اقرار الدستور عام 1962، فالمرأة متطورة في الكويت ومتقدمة في أفكارها».
ثم تضمن الكتاب في متنه الأخبار المتعلقة بوفاة الشيخ سالم حمود المبارك الصباح رحمه الله، من خلال النعي الرسمي، والمقالات وقصائد الشعراء.
وقالت الشيخة أنيسة سالم المبارك الصباح في رثاء والدها: «ارفع يدي لله، ومن غير الله أطلب منه/ يا رب ارحمه، فهو الصديق قبل القريب وهو لي الأب»، كما تضمن الكتاب متفرقات وأرشيف صور من تاريخ الكويت.