افتتحت أول عروض «المهرجان الأكاديمي 5»
«اضحك أنت عربي»... كوميديا سوداء لواقع عربي مرير
| كتب علاء محمود |
1 يناير 1970
09:19 ص
افتتاحية سياسية شهدها «المهرجان الأكاديمي 5» مساء أول من أمس، مع أول العروض المسرحية «اضحك أنت عربي» للكاتب السوري باسل الطه، والذي قدمته فرقة «المعهد العالي للفنون المسرحية» بقيادة المخرج مشاري المجيبل.
المسرحية التي تصنّف على أنها سياسية بفكرها ومضمونها، أبرزت هموم وقضايا المواطن العربي بأسلوب كوميدي تراجيدي، فكانت كوميديا سوداء نقلت الواقع المرير الذي يعيشه الوطن العربي وشعوبه باختلاف الأمكنة والأزمنة والأحداث.
لكن التساؤلات بدأت تطرح مع عنوان المسرحية قبل بدايتها، هل الضحك هو من أجل الضحك واللهو، أم تطبيقاً لمقولة «شرّ البلية ما يضحك» بمعنى القهر والهموم التي يمرّ بها الوطن العربي دفعت المواطن العربي إلى الضحك!
مع بداية العرض وتوالي أحداثه، زالت كل تلك التساؤلات، ليكون الجواب النهائي هو الحال المزري الذي يعاني منه (المواطن العربي) والذي دفعه ليضحك على نفسه. وقد شدد مخرج العرض المجيبل على هذه النقطة من خلال مشهد وظّف فيه سرد إحدى شخصياته نكتة انقسمت إلى أجزاء عدة وجّهها لشخصية أخرى دفعته للضحك بدأت بالقول «هناك عربي قرر أن يعمل شركة عربية»، وانتهت بـ «هناك عربي قرر» في دلالة منه على أنّ العربي دوماً في الزمن الحالي لا يمكن أن يقرر إنشاء شركة تتمسك بعروبتها، وإنما سيلجأ للغرب في سبيل إتمام هذه الشركة، وأنه عاجز عن فعل التأسيس في حدّ ذاته، وأنّ العربي أيضاً عاجز عن الفعل ككل، أو على اتخاذ قرار.
في أوّل مشهد من العرض المسرحي كان لافتاً ظهور مجموعة من المتسولين يسألون الناس بعضاً من الكرامة والحرية «كيلو كرامة... عريس لبنت السلطان... لله يا محسنين» وغيرها من العبارات، وهم يرتدون ملابس قاتمة اللون مع أقنعة وموسيقى تدفع بالكآبة، ثمّ جاءت الكلمة لترافقهم وتؤكد ما طرحته الصورة البصرية من تفاسير «بحكم شرقيتنا نجامل، نلعن الظلم ألف مرة ولا نوقد قنديلاً، نحلم بالماضي وندرك أن المستقبل قريب، حياتنا بين تحقير وأفعل التفضيل، العقول التي تسب إسرائيل نهاراً وتصافحها في سهرة ليلية». ومن بين جموع المتسولين، يظهر شاب مثقف يدعوهم إلى الثورة ضد الأوضاع التي يعانون منها فيقررون كتابة معاناتهم وشكاواهم وأوضاعهم العربية بطريقة المشاهد التمثيلية. ثم تتوالى الأحداث بأشكال دراماتيكية متفاوتة.
الجمل الأولى من المسرحية كشفت لنا كمتلقين الحالة العامة، ومهّدت للمخرج الطريق كي يتطرق لقيم المواطنة ويلخصها بأنّ الوطن لا يدافع عن الأبناء الذين لا تحتويهم حتى حاويات القمامة الموجودة به، حتى أصبح الأبناء مثل أكياس القمامة التي تلقى على قارعة الطريق، وكل ذلك طبعاً كان بصورة وطرح مباشر لم يدفع المشاهد للتفكير والتساؤل المطوّل كما اعتاد في العروض الأكاديمية.
لكن ربما مثل هذه الحالات أو القضايا لم تعد تتحمل الطرح غير المباشر، والتغريب في إيصال المعلومة، وربما أهمية القضية ذاتها اقتضت بأن يكون المخرج مباشراً في إيصال ما يريد دون أي بهرجة أو تفنن في الرؤية الاخراجية وكان ملعبه هي الكلمات التي تخرج من أفواه الممثلين الذين جسدوا الوطن العربي أو بالأحرى المواطن العربي المتخاذل، وبهذا الأسلوب قدّم المجيبل فكرة الضحك بسخرية على الواقع العربي وتناقضاته.
على صعيد الديكور، الذي صممه جاسم الحملي، فقد التحم مع الإضاءة التي نسقها عبدالله النصّار ليشكلا ثنائياً ناجحاً.
وكذلك الأمر مع الأزياء التي صممتها منيرة الحساوي، فاتسمت بسوداوية الألوان القاتمة، لرغبة من المخرج في إيصال الحال المزري لواقع الوطن العربي، مستعيناً بماكياج ساعده في توضيح فكرة الضحك الهزلي للحال التي يعانيها المواطن العربي، والذي أتى بلمسات استقلال مال الله.
أما على صعيد الأداء التمثيلي، فقد كان متناغماً على صعيد الأداء الجسدي وحتى الصوتي، وبدا واضحاً أن شخصية المثقف جسدت دور المنقذ أو حامل الأمل للمواطن العربي الذي يئس من الحياة ولم يعد يكترث لما يحصل له.
يذكر أن العمل من بطولة سعود بوعبيد، حامد محمد، بدر البناي، روان مهدي، سعد العوض، مصطفى محمود وإبراهيم البيراوي.