في احتفالية نظمتها رابطة الأدباء الكويتيين
شعراء كويتيون وعرب... أنشدوا للغة العربية في يومها
| كتب مدحت علام |
1 يناير 1970
06:56 م
تضع اللغة العربية الفصحى منذ عقود مصير وجودها وتطورها بين أيدي أبنائها الناطقين بها... كغيرها من اللغات الإنسانية الأخرى، غير أن شعوبا استطاعت أن تسير بلغتها في طرق وعرة لتصل بها إلى الصف الأول وفي أحيان أخرى في المقدمة ومن خلفها الصفوف.
ورغم ما حظيت به اللغة العربية منذ زمن من تسهيلات ومقومات تجعلها اللغة الأولى علميا، فهي لغة أفصح شعراء العالم، ولغة القرآن الكريم، ولغة الحكماء النابهين، ولغة يجتمع تحت سقفها دول عدة، ولغة السهولة والعذوبة والمجاز... إلا أنها وجدت نفسها مرفوضة ليس من أغيار، أو آخرين، إنها مرفوضة من أبنائها الذين يبحثون بدأب شديد على لغات أخرى يعتقدون أن فيها مستقبلهم المهني والحياتي.
وبالتالي عمد أهل اللغة العربية على أن تنتحل ألسنتهم لغة الأغيار، في الوقت الذي جعلوا العامية تنخر في جسدها النحيل، من كل صوب وحدب، لتصل الآن إلى مستوى من التدني والإهمال لا يمكن توقعهما في أي عصر من العصور.
وفي يومها حضرت اللغة العربية إلى أذهان الناطقين بها على استحياء من خلال تنظيم بعض الندوات والأمسيات التي تستذكر جمالها، وتحث على التمسك بها ليس فقط كلغة للحديث ولكن كأسلوب للحياة لا يمكن التخلي عنه بأي حال من الأحوال.
ومن ثم في رابطة الأدباء الكويتيين أقيمت احتفالية تليق بها... أدارها الأديب عبد الله غليس، حظيت بتكريم أحد أعلامها المميزين ومن أهم علمائها الذين دافعوا عنها وحملوا همها في حله وترحاله، إنه الأستاذ الدكتور سعد مصلوح، الذي كرس كل عمره وجهده للغة العربية، بحثا ودراسة وتدريسا وعلما. كي يمنحه الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين الباحث طلال الرميضي درعا تذكارية، تعبيرا- ولو رمزيا- عما بذله من جهد في سبيل اللغة العربية.
في ما كرمت الرابطة الطلبة الذين اجتازوا دورة الوزن الشعري وأنغامه الموسيقية، والتي أقامتها خلال الأيام الماضية، وتخرج فيها عدد من المحبين للغة العربية خصوصا الشعر نظما وقراءة.
وامتطى- بعد ذلك- شعراء كويتيون وعرب صهوة الشعر كي ينشدوا قصائدهم تلك التي جاءت في معظمها احتفاء باللغة العربية كي يقول الشاعر الدكتور خالد الشايجي في قصيدة على لسان «اللغة العربية»:
أنا في غرة العروبة نور
وجبين بألف كلم وكلم
أنتمو شر من تنكر لاسمي
إن أضعت تشريع فقهي وحكمي
إنكم إن أضعتموني تضيعوا
وتبوءوا على اغترابي بإثمي
لغة الحسن والبيان وإني
في ثراء من البلاغة جم
والشايجي المشهود له بالدفاع عن اللغة العربية، يكشف في قصيدته المستقبل المجهول الذي ينتظرنا لو فرطنا في لغتنا متحدثا عن جمالها الذي في مفرداتها:
إنني في مرادفاتي وحرفي
مرجع للعلوم أمسي ويومي
ليس في هذه الحضارة إلا
جئت في بدعها بأعظم قسم
ثم ألقى الشاعر ابراهيم الخالدي قصيدته والتي عبر من خلالها عن أصالة اللغة العربية وتميزها بين سائر اللغات الإنسانية:
لغة الجنان وصية الأجداد
كنز الحضارة طلسم الآباد
بحر القرآن ونهر سنة أحمد الـ
مبعوث بالرحمات والإرشاد
أم اللغات وأصل أصل قديمه
من قبل ناقة صالح أو عاد
ويسترسل الخالدي في مديح اللغة العربية، والتي يرى فيها خير اللغات وأهمها على الإطلاق... ليقول:
هي للحماسة منبر متلاطم
وكذا لهمس العاشق المنقاد
تنصاع طيعة لجملة عالم
وتلم كل مباحث النقاد
وجاء دور الشاعر عبد الله العنزي الذي شدا بقصيدة «أنثى التمرد»، من ديوانه الجديد «مرافئ العمر»، والتي يظهر فيها جمال المفردات العربية، وما تتضمنه من رؤى معبرة ليقول:
اليأس يقتل ما يريد ببابها
ويحطم الأحلام... في أهدابها
هي زهرة...ذبلت بيوم ربيعها
فهوت وعم النور... في أترابها
ويتواصل العنزي في وصفه المتقن لحال طفلة الشام، وذلك عبر لغته العربية شديدة الخصوبة والنماء ليقول:
يا طفلة نزعت سهام جراحها
وتمردت حتى على محرابها
يستعمر الشيطان قلب صديقتي
فيدوس حتى ذكريات شبابها.