حوار / «مقتنعة بأنّ قطار الزواج ينتظرني ... وسيجلب لي أحلى عريس»

نادية أحمد لـ «الراي»: المسرح ... يُعيد روحي إليّ

1 يناير 1970 11:39 ص
• لم يتقدّم مجتمع في العالم كلّه من غير الفنون ... خصوصاً «المسرحية»

• أستعد لمشروع فيلم سينمائي كوميدي قصير من تأليف كاتبة وبروفيسورة أميركية

• خطوة الاحتراف كانت في نيويورك ... بينما أدرس التلفزيون والإذاعة والسينما

• أمي فارعة السقاف كل شيء في حياتي... والراحلة فوزية سلامة أسطورة إعلامية علّمتني الكثير

• عندما رأيت
تفاعل الممثلين
والراقصين مع
«من هوى الأندلس»
شعرت بأننا نجحنا
عندما يأتي اللقاء الصحافي مصادفةً ... يتخذ مذاقاً آخر!

أما حين تكون على الجانب الآخر من هذه المصادفة امرأة «بوجهين» متميزين: أحدهما يُطل على شاشة التلفزة، والآخر يتألق على خشبة المسرح... فإن المشهد يصبح ذا طابع «درامي» جذاب!

الإعلامية الكويتية نادية أحمد هي صاحبة «الوجهين»، فهي كانت من أولى الشابات اللاتي أطللن على شاشة «mbc» من خلال برنامج «كلام نواعم»، واستطاعت بما تملكه من عفوية وإطلالة ناعمة وخلفية ثقافية و«كاريزما» ملحوظة أن تدخل القلوب من دون استئذان، خصوصاً أن البرنامج يعتمد على روح «الفريق الواحد» وليس «الفرد الواحد».

وكما هي متميزة في حضورها على الشاشة، حققت نادية أحمد، بوجهها الثاني، حضوراً شهد به الكثيرون فوق خشبة المسرح، الذين شعروا بالانسجام الكبير بينها وبين عناصر الفن المسرحي حولها. أما حين تقرأ لها نصاً أو كتاباً - وربما كان هذا وجهها الثالث - فلن تتمالك نفسك من أن تقع لا إرادياً في أسر أسلوبها الخاص.

«الراي» التقتها، في حديث لم يكن مخططاً له مسبقاً، لتتحدث نادية أحمد عن مشاركتها الأخيرة في مسرحية «من هوى الأندلس» التي قدمتها مع فرقة «لوياك» المسرحية، فأكّدت أنها استفادت كثيراً من تلك المشاركة، مشيرة إلى أن المسرحية حققت النجاح المرجو منها. كما تطرقت إلى شغفها وعشقها للمسرح الذي بدأ معها منذ سن الرابعة، وبتشجيع من والدتها العضو المنتدب رئيس مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف. وبيّنت أنها تستعد لتصوير فيلم سينمائي قصير عن قصة كتبتها مؤلفة أميركية، مؤكدةً أنها لا تعاني بشأن هاجس الزواج و«فوت القطار» لأنها على يقين بأنّ كل شيء سيأتي في الوقت المناسب.

نادية أحمد فتحت قلبها لـ «الراي»، معرّجة على أمور فنية وإعلامية وشخصية، منها تخيّلها لزوج المستقبل، ورأيها في والدتها... وتفاصيل أخرى تضمنها الحوار الآتي:

• انتهيتِ قبل فترة قصيرة من المشاركة كممثلة في مسرحية «من هوى الأندلس»... حدثينا عن هذه التجربة؟

- كما يعلم الجميع أننا في «لوياك» نحرص على التحضير لأعمال عدّة، ما بين استعراضية ودرامية، بالإضافة إلى عمل آخر ضخم يدمج الدراما بالاستعراض والموسيقى يجري التحضير له لمدة قد تصل إلى العام ونصف العام. والعمل الذي اخترناه هذا العام كان مسرحية «من هوى الأندلس»، تأليف فارعة السقاف وإخراج شيرين حجّي، أما الموسيقى التي كانت حصرية فتصدّى لها الموسيقار السوري - البريطاني عبدالله شحادة، في حين تصدى لتصميم الرقصات الراقص الأردني علاء سمّان، واستمرت التحضيرات للمسرحية عاماً كاملاً، ليتم تقديمها تحت مظلّة أكاديمية «لوياك» المسرحية طوال أربعة أيّام على خشبة مسرح «الدسمة» برعاية وحضور سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك.

• هل من صعوبات واجهتك؟

- أجمل ما في أعمال «لوياك» المسرحية الضخمة، هو تركيزها الدائم على الشعر والنطق باللغة العربية الفصحى، من أجل تعزيزها مع الثقافة العربية عند جيل الشباب، لأن ضياع الثقافة واللغة تمثل كارثة كبرى. ولا أخفيك سراً أنّ لغتي العربية الفصحى «مو وايد»، ولست متعمقة فيها بسبب قضائي سبع سنوات في الولايات المتحدة الأميركية من أجل الدراسة. لكنني فعلاً أشكر الله على الفرصة التي وجدتها من خلال مشاركتي في أعمال «لوياك» المسرحية، إذ تمكّنت فعلاً من إعادة تعزيز لغتي العربية الفصحى مجدداً.

• هل تعتقدين أنّ مسرحية «من هوى الأندلس» قد حققت النجاح؟

- عندما رأيت كيف أنّ الممثلين والراقصين متفاعلون بدرجة كبيرة مع النص الذي حاز إعجابهم، فأصبحوا يدقّقون على التشكيل اللغوي والنطق السليم، حينها شعرت بأننا نجحنا بفكرة أكاديمية «لوياك» للفنون المسرحية والاستعراضية، ونجحنا في العروض التي قدمناها.

• منذ متى بدأ شغفك بالمسرح؟

- المرة الأولى التي اعتليت فيها خشبة المسرح، كنت حينها في الرابعة من عمري، ومنذ تلك اللحظة تغلغل عشقه فيّ. وبتشجيع دائم من والدتي فارعة السقاف، عشقت الفن بكل ما فيه، حتى أصبح لا يكاد يمرّ عام إلا وتراني أقدّم شيئاً للمسرح، سواء على صعيد التأليف أم التمثيل أم الإخراج أم حتى الرقص.

• وما سر هذا الشغف الكبير بالمسرح؟

- عندما أقدّم شيئاً للمسرح أشعر بأنّ روحي قد عادت إليّ، وشخصياً لا أتخيّل نفسي أستطيع العيش من دون المسرح، وقمة سعادتي عندما أكون واقفة فوق الخشبة، أو حتى عندما أتصدى لإخراج عمل ما أو أكتب نصاً.

• وما سبب كل ذلك الحب؟

- لأنني أعتبر المسرح حضارة وإنسانية، وللعلم لا يوجد مجتمع في العالم كلّه قد تقدّم من غير الفنون، وخصوصاً المسرحية.

• أين تعلمتِ كلّ تلك الفنون المسرحية، خصوصاً أنك تجمعين بين الكتابة والإخراج والتمثيل؟

- كله بدأ مع الشغف، ففي المرة الأولى التي كتبتُ فيها مسرحية، لم أكن تجاوزت السادسة، وكانت باللغة الإنكليزية بعنوان «سيفيتري»، وهي مستوحاة من أسطورة هندية قديمة. بعدها كتبت مسرحية بعنوان «أحدب نوتردام» مأخوذة عن الرواية الفرنسية الشهيرة للكاتب فيكتور هوغو، ثمّ كتبت مسرحية من وحي خيالي بعنوان «Heading Dream»، وعرضتها في العام 2005، حينها كنت قد تخيّلت فيها أكاديمية «لوياك» المسرحية الاستعراضية، قبل إنشائها فعلياً بكل ما فيها من تفاصيل وأجواء. وبتوفيق من الله، وربما لأنني فعلت ذلك تحقق الحلم بمساعدة أمي شريكتي، ليصبح واقعاً.

• وكيف أُنشئت أكاديمية «لوياك» المسرحية الاستعراضية؟

- كما ذكرتُ لك سلفاً أنني كنت قد تخيلتها بكل ما فيها، قبل أن نفكر في إنشائها، وربما لأنني قمت بذلك تسّهلت الأمور وبمساعدة والدتي الأستاذة فارعة السقاف تحقق ذلك الحلم الذي منحني فرصة التعمق أكثر في الفن ومشاركة شغفي مع كل الشباب الذين يحبّون المسرح ونحتفل معاً بأعمال رائعة، خصوصاً أنني أعتبر نفسي دوماً طالبة، وسأبقى كذلك مهما وصلت من درجات في العلم الخاص بالفن.

• أين قرأتِ عن تلك الأسطورة الهندية التي استوحيتِ منها مسرحيتك؟

- في ذلك الوقت كنت أدرس في ثانوية بريطانية، وكانت لدينا فرصة اختيار ستّ مواد ودراستها بشكل مكثّف لمدة عامين، ومن بينها كانت مادة «الدراما»، فدرستها بشكل مكثّف وتعمّقت في كل ما يخصّها، وقرأت في العديد من الكتب لأثقّف نفسي.

• وماذا كانت الخطوة التالية التي أقدمت عليها؟

- كانت خطوة الاحتراف عندما توجّهت إلى نيويورك، ودرست في التلفزيون والإذاعة والسينما، وبجانبها كنت ناشطة في الحركة المسرحية والفنية هناك. بعدها أكملت دراستي للماجستير في الإنتاج السينمائي في لوس أنجليس، وبهذا كان تعاملي دائماً يكون مع الفن بكل أنواعه، وأعتبر نفسي محظوظة بذلك.

• على صعيد دراستك السينمائية ... هل من عمل يخصّها؟

- بدأتُ أشعر بالملل من تلك الشخصيات التقليدية في المسلسلات والأفلام الخليجية، والتي تظهر المرأة دوماً بأنها المعنّفة المطلقة الضحية، لذلك قررتُ التحضير لمشروع فيلم كوميدي سينمائي قصير، من تأليف كاتبة أميركية، وهي بروفيسورة في إحدى الجامعات التي تدرّس الإنتاج السينمائي، حيث إنها قد عاشت مدة خمس سنوات في قطر، لذلك فهمت طبيعة ثقافة المجتمع الخليجي ومعاملته للمرأة.

• ما قصّة الفيلم؟

- باختصار يروي قصة فتاة خليجية متعلمة عادية، تريد البحث عن ذاتها، وهي حال كل البشر حتى لو وصلنا إلى عمر الخمسين، وكذلك عن مغامراتها اليومية.

• هل تواصلتِ مع الكاتبة؟

- طبعاً فعلتُ ذلك، وقمت بتطوير النص معها، وحالياً بدعم من مؤسسة «الدوحة للأفلام» سيتحول النص إلى عمل سينمائي.

• هل ستستعينون بممثلين مشهورين أم شبان موهوبين؟

- سأطلب بشكل ودّي من بعض الفنانين الذين أكنّ لهم كل الاحترام أن يشاركوا في الفيلم والتفاعل مع القصّة، وفي حال لم يتحقق ذلك سنستعين بالشباب.

• حدثينا عن تجربتك في تقديم برنامج «كلام نواعم» الذي يُبث على شاشة «mbc»؟

- تجربتي التقديمية في برنامج «كلام نواعم» أضافت إليّ الكثير، خصوصاً أنني أعتبر أول كويتية أطلّت على شاشة «mbc» في برنامج حواري، وأعتبر أنني محظوظة لحصولي على تلك الفرصة التي طوّرتني كإنسانة، وجعلتني أمارس مهنتي كمنتجة تلفزيونية ومعدة ومذيعة. وأتمنى أن أكون خفيفة على الجمهور ومريحة للعين، مع أخطائي اللغوية التي تصدر مني بشكل عفوي.

• كيف وجدتِ الترحيب من فريق العمل في البرنامج؟

- اهتموا بكل ما أهتم به من قضايا تشغل فكري، وقالوا: «كل اهتمامات هذه الفتاة يجب أن يتم تسليط الضوء عليها، لأنها ستثير جدل الجمهور»، لذلك تراني أشارك في الإعداد، ويهمني أن أقدم مادة تفيد المشاهد بالدرجة الأولى، ومنها مواضيع عن «لوياك»، وهو المشروع التطوعي لترميم البيوت لكثير من العائلات المتعففة، وحرصتُ على أن تخرج للجمهور في البرنامج، وكذلك حرصت على قضاء يوم كامل مع النساء في الكويت اللاتي انخرطن في العمل بوزارة الداخلية، وغيرها الكثير.

• هل تعتبرين نفسك مذيعة ناجحة؟

- لا أرى نفسي مذيعة، بل يمكن القول إنني إعلامية أو شخصية إعلامية مناسبة، ولا أعتقد أن باستطاعتي المشاركة في تقديم أيّ برنامج، خصوصاً أن «كلام نواعم» يليق بي وأنا بالمقابل أليق به.

• هل أثّر بك رحيل الإعلامية فوزية سلامة؟

- بالطبع أثّر بي كثيراً، لأنها كانت بمنزلة أمّي الثالثة بعد والدتي فارعة السقاف وجدتي نجيبة الرفاعي. كانت جدتي وصديقتي ومدرستي وأستاذتي، فقد قضيت سنة كاملة معها، وتعلمت من هذه الأسطورة الإعلامية التي عملت حتى آخر رمق من حياتها. كان كامل فكرها واهتماماتها منصبة في الإعلام، ولديها قيم كان لي الشرف أنها انعكست عليّ. ولا أنسى الأيام الأخيرة التي قضيناها معاً في باريس خلال تصويرنا هناك قبل وفاتها بأقلّ من شهر.

• ما البرنامج الذي تطمحين إلى تقديمه منفردة؟

- حالياً أرغب في التعلم أكثر من كل زميلاتي في البرنامج، ومن فريق الإعداد قدر المستطاع، وفي المدى البعيد أتمنى أن أقدّم برنامجاً يهدف إلى مخاطبة أربعة عناصر هي الذهن والعقل والجسد والروح، فيكون هناك ربع ساعة نتكلم عن كتاب مثل «أربعون قاعدة للحب» للتركية ألين شفّاق، وربع ساعة أخرى عن الجسد ومنها تتفرع اليوغا والرقص باعتبار أنه عنصر مهم في حياة أيّ إنسان، وأيضاً الجانب الروحاني للإنسان الذي يتفرّع منه الفن والثقافة والقلب والإحساس والتطوّع، وأن تعطي المجتمع بدل الاكتفاء بالتذمّر والتساؤل: ماذا يمكن للبلد أن يعطي؟ وهنا يمكنك بالمقابل الطلب منه أن يعطيك، وليكن السؤال الأنسب: ماذا يمكنني أن أعطي البلد.

• أين الحب من حياتك؟

- موجود في حياتي بكل ما أفعله، وفي تعاملي مع من حولي، وهنا أعود لكتاب «أربعون قاعدة في الحب»، الذي يقول إن الحب يجب أن يكون في كل جانب من حياة الإنسان. فهو لا يقتصر على الحب الرومانسي فقط.

• وهل تعيشين قصة حب حالياً؟

- أعيش قصة حب رومانسية مع أعمالي والأمور التي أقوم بها، لأنني أعتقد أنّ الحب الرومانسي مع الجنس الآخر عندما لا أبحث عنه، سيأتي في الوقت الصحيح. لذلك لا ينتابني هاجس الاستقرار وتكوين أسرة، أو عبارة «فاتني قطار الزواج»، لأنني مقتنعة بأن ذلك القطار ينتظرني وسيجلب لي أحلى عريس في يوم من الأيام.

• كيف تتخيلين ذلك العريس المنتظَر؟

- لستُ عنصريةً حتى أنظر إلى جنسيته مطلقاً، وأتخيله ذلك الإنسان المتوازن الذي يعطي من نفسه، ذلك الرجل الكريم الذي يحترم المرأة وأيضاً يُقدر طموحي، ويكون بيننا تبادل ثقافي وعملي جميل، وأن يكمل كل منا حياة الآخر.

• ما الذي تعنيه لك فارعة السقاف؟

- شهادتي فيها مجروحة، «أموت عليها» فهي أمي وأختي وأعزّ صديقاتي، كما أنها شريكتي في العمل وحياتي. هي إنسانة ملهمة ليس فقط بالنسبة إليّ، بل لكل من حولها، وباستطاعتها أن تحرّك جيلاً من الشباب من أجل أن يكون لدينا جيل واعد للكويت.