تتجول في مكتبات مصر. تجد الجديد دائما. بعضه يستحق القراءة بعمق من الالف الى الياء مثل قصة مديحة ابو زيد «زائر بعد منتصف الليل» وبعضه الآخر «خفايف» يمكنك ان تتعامل معها بجدية اقل وعلى فترات من دون ان تقطع خيط التواصل. لكن الظاهرة اللافتة كمنت في انتشار ما يعرف بكتب المدونين (bloggers) او اصحاب المقالات، حيث تنشر على «النت» او في الصحف ثم تجمع ما تنشره في كتاب.
من هذه الكتب «مصر ليست امي... دي مرات ابويا» لاسامة غريب وهو عبارة عن مقالات معارضة ومعترضة في السياسة والمجتمع يختمها بـ «حواديت» مثل «قال الشاعر ابو القاسم الشابي: اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر. وقال الريس بيرة: سلامتها ام حسن... وانا اميل الى الرأي الثاني». او يستعير من نجيب سرور: «يا بلاد الهوى يا بلاد... يا بلاد النجوى فؤاد».
ومن الكتب ايضا «مصر المفروسة» لمحمود عطية وهو مماثل لما سبقه، وفيه يستغرب الكاتب كيف استطاعت شاكيرا في حفلة الهرم ان تؤلف بين قلوب المصريين وتوحدهم وتجعلهم ينسون مذهبيتهم «وتصهر الشامي مع المغربي وتدفعهم دفعا نحو الصحراء لتعميرها ساعات من الليل».
اما «ارز باللبن لشخصين» لرحاب بسام فهو «طبخة» محضرة من امور عاشتها الكاتبة ونقلتها الى مدونة على نار حامية ثم الى مكتبة على نار خفيفة. كاتبة تعشق البطيخ والطفولة والقطط وفيروز والشعر... والسفر في بحور الذاكرة.
كتب كثيرة من النوع الذي يمكنك الانتهاء منه بسرعة وعلى اغلفة غالبيتها مكتوب «الطبعة الخامسة او الثامنة» لكن بينها كتاب لعمر طاهر بعنوان «شكلها باظت» لا يمكنك ان تتركه بعد ان تقرأ مقدمته فهو يهديه الى «أي حد». ورغم ان الكتاب صادر قبل ثلاث سنوات وان الكاتب اصدر كتبا اخرى بعده الا انه ما زال يحقق مبيعات عالية.
يقول عمر: «في مصر فقط الاموات ينفقون على الاحياء (الفراعنة)» او «في مصر فقط تم القضاء نهائيا على ظاهرة ادمان الهيرويين بعدما اصبح البانغو في متناول الجميع». اما في باب «ازاي تعرف انك بتتفرج على فيلم مصري؟» فيسرد الكاتب جملة امور في غاية الطرافة منها: «عندما تخبر البطلة صديقها او عشيقها بانها حامل فيرد عليها دون ادنى تردد: «اللي في بطنك ده لازم ينزل فورا» ثم يضيف: «وغالبا بيكون يوسف شعبان».
في الكتاب ايضا كيف تعرف انك تقرأ صحيفة مصرية او تشاهد مباراة كرة في مصر و«حواديت» عن التربية والزواج والعزوبية. وعن الثقافة الجنسية المرتبطة بالطعام فالرجل القوي جنسيا في مصر يجب ان يأكل «طاجن العكاوي وشوربة الكوارع عليها جوزة الطيب والنيفة المشوية وشوربة السيفود والجمبري والاستاكوزا والحمام المحشي والمشوي وشوربة الحمام طبعا وشوربة العدس واللحوم بكل انواعها... مما يجعل كبابجي ابو شقرة رمزا جنسيا معظم الوقت مع اشقائه الركيب للكوارع وقدورة للاسماك».
وفي اطار الثقافة الجنسية ايضا ان المصري ينهي جلسته مع اصدقائه بعبارة «رايح اعمل واجب» عندما يتحدث «عن نيته قضاء سهرة ساخنة مع زوجته. وهو يطلق على هذه العملية اسم الواجب على اعتبار انها بلا طعم ومجرد وظيفة او على اساس انه بيدي مراته لفة بالعجلة بتاعته».
ثم يعقد الكاتب مقارنة بين زواج الاهل وزواج الحب ويتحدث عن اشهر 100 كذبة يقولها الرجل للست وعلى رأسها «بصراحة انتي تستاهلي واحد احسن مني»، او المواقف المحرجة بين الخطيب وخطيبته ومنها: «تذهب مع خطيبتك الى كبابجي شهير ويقدم لكما القائمة وفيها اسماء لقطع اللحوم (موزة، نيفا، مخاصي، طحال... الخ) وتسألك خطيبتك بصوت عال: يعني ايه مخاصي؟».
وبين فصلين عن العزوبية والتدخين في «شكلها باظت»، يمكن اقتباس قاسم مشترك «من اقوال عازب مصري عن الـ MOZAZ» حيث يرى ان «الست في العشرين زي السيجارة الكليوباترا لازم تفركها كويس قبل ما تولعها. والست في الثلاثين زي سيجارة المالبورو الاحمر سالكة وحامية لكن الكثير منها خطر على الصحة. الست في الاربعين زي الشيشة ما تقومش معاك غير بعد الحجر الثالث. الست في الخمسين زي سيجارة الميريت الازرق ما تحسش انك بتدخن. الست في الستين زي السيجار بيتطفي لوحده».
ويختم عمر طاهر «شكلها باظت» بشعر يختصر رؤيته. يقول: «صباح الخير يا مصر الجديدة. صباح الخير يا مصر البعيدة. صباح الجرح عالمكشوف. صباح الدبح في المجروح. صباح ممسوح ودموعه نازلة مفتفتة. شبه فتارين وسط البلد... وسط الشتا».
... تصبحون على كتب!