على هامش إحداثية حفل توقيع ديوانها في معرض الكويت الدولي للكتاب
مستغانمي ... ونجومية الأديب بين المعجب والمعادي
| كتب مدحت علام |
1 يناير 1970
05:41 م
أن تحظى كاتبة عربية- في هذا الزمن الذي انطفأ فيه تأثير الكلمة الأدبية- بكل هذا الاهتمام، سواء اتخذ هذا الاهتمام اتجاها معاديا أم محبا... معناه أن الكلمة ما زالت محفوفة بالأمل.
وأن تصطف الطوابير... ويأتي المعجبون من كل صوب وحدب للقاء الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، لنيل توقيعها على ديوانها الأخير «عليك اللهفة» في دار آفاق في معرض الكويت الدولي الأخير، معناه أن هناك رؤية تريد أن تتشكل في مسألة نجومية الأديب، هذه النجومية التي يختلف عليها الكثير من النقاد والمثقفين، والمنظرين.
أحلام مستغانمي... قصة تداولتها الأوساط الثقافية في الكويت، حينما أعلن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عن استضافتها في محاضرة الجمعة الماضية، لتتحدث فيها عن تجربتها الإبداعية، غير أن المسألة، بشكل أو بآخر أخذت منحى غير متوقع حينما طيرت مستغانمي تغريدتها الشهيرة... تلك التي قالت فيها: «الثالثة فجرًا، أراجع محاضرتي، وأعد حقيبتي للسفر صباحا لأول مرة للكويت، لا أسهل من إعداد حقيبة كل ما فيها عبايات. تصبحون على خير»، كي تتطاير التعليقات التي استشرفت في التغريدة نوعا من الإساءة إلى الزي الكويتي التقليدي للمرأة، ولم يغفر لمستغانمي تأكيدها على أن تغريدتها حملت بما لا تحتمله، وأنها تلبس العباءة حتى وهي تلقي محاضراتها في مدن الجزائر، ثم توالت ردود الفعل لتصل إلى النبش في الماضي، والبحث في مواطن الإدانة عبر آراء صدرت من مستغانمي حول صدام حسين.
ثم تتسارع الأحداث... كي تلغى المحاضرة... وتستبدل بحفل توقيع لديوانها الأخير، وحتى هذه المسألة لم تخل من تخمينات، فمستغانمي قالت ان صالة المحاضرة ضيقة لن تستوعب جمهورها الكبير، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أكد هذه الإفادة، ولكن التوقعات والتكهنات سارت في طريقها، وتباينت في وجهات نظرها.
وبغض النظر عن كل ما قيل في إحداثية إلغاء المحاضرة... وعن رأي النقاد في ما تكتبه مستغانمي هل هو أدب روائي أم أنه سيرة ذاتية، أم أنها كتابات لا تندرج ضمن أي جنس أدبي؟... فإننا نركز على إشكالية مثيرة وقابلة للتأويل وطرح الأسئلة، تلك الإشكالية تتعلق بنجومية الأديب، هذه النجومية التي لم نشاهدها في ما سبق أو الآن، فلم نر محاضرات أي من الأدباء الكبار أو أمسياتهم أو حفلات توقيع كتبهم تحقق مثل هذا الحضور الذي حققته مستغانمي في حفل توقيع كتابها، ربما كان يحدث ذلك في أمسيات الشاعر نزار قباني أو الشاعر محمود درويش... ومع أدباء آخرين، إلا أن الزخم والشوق واللهفة التي شاهدناها في حفل توقيع مستغانمي، لم نشهدها على الإطلاق.
وسواء كان الحضور من المعجبين أم من القراء- والفرق بكل تأكيد كبير بين المعجب والقارئ- فإن الأمر يشير إلى أن هناك رغبة لدى المجتمع في أن يرى نجوما من الأدباء، مثلما يرى نجوما لكرة القدم والغناء والسينما... وقد تكون أحلام مستغانمي فاتحة هذه النجومية، تلك التي لا نستطيع ان نضع لها المعايير، ولا نستطيع أيضا أن نقيمها، لأنها ظاهرة يصنعها المجتمع ولا علاقة للإبداع أو قيمته في تحقيقها، ولن يكون لأحد الوصاية على مثل هذه النجومية، من خلال رفضها ومحاولة إرغام الآخرين على رفضها، أو التقليل من قيمتها، في الوقت الذي تزداد عنفوانا وقوة. وعليه فمن استطاع من معشر الأدباء أن يكون نجما فليتحمل مسؤولية هذه النجومية، والمصدر الذي حققه من خلالها... والطريقة التي اتبعها من أجل نيلها، وقتها فإنه لا حق لأحد في أن يقلل من منهج أعجب به شريحة من الناس، وعليه فقط أن يطور من منهجه، أو يقتنع بأنه على صواب، ولا ينظر إلى النجومية أو الشهرة، وبالتالي يعمل من أجل قناعاته فقط.