اعتبر أن إيران تتمسّك بأي «قصاصة ورق» في المنطقة بعد أحداث العراق وسورية
جعجع لـ «الراي»: «حزب الله» أكثر إصراراً على تعطيل «الرئاسية»
| بيروت - من وسام أبو حرفوش |
1 يناير 1970
08:30 م
• لن أسحب ترشيحي لأن عون سيقول عندها «أنا المرشح المسيحي الوحيد فانتخبوني»
الفراغ الرئاسي وإمكانات إحداث اختراق في هذا الملف، المخاطر الأمنية على الحدود مع سورية وسبل تدارُكها، قضية العسكريين المخطوفين لدى تنظيميْ «داعش» و»النصرة»، الواقع الاقليمي المستجدّ في ضوء انفلاش «الدولة الاسلامية» في سورية والعراق وقيام التحالف الدولي ضدّها والارتدادات المحتملة على لبنان ... كلّها عناوين لا يمكن ان تغيب عن اي حوار «ولو سريع» مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع المرشّح الرئاسي وأحد أبرز أقطاب تحالف قوى 14 آذار.
وتزامنتْ إطلالة جعجع عبر «الراي» مع تحضيراته لاستقبال رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط اليوم في معراب في مسْك ختام جولة الزعيم الدرزي على القادة الموارنة في اطار البحث من مخارج ممكنة من المأزق السياسي - الدستوري.
وعشية زيارة جنبلاط لمعراب، يبرز سؤال حول «الجديد» الذي يمكن ان يقال في شأن الملف الرئاسي خصوصاً ان تموْضع الزعيم الدرزي أدى عملياً الى عدم ترجيح كفة وصول جعجع ولا العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.
الا ان رئيس حزب «القوات اللبنانية» يحرص على تأكيد ان «ليس تموْضع النائب وليد جنبلاط هو ما ادى الى تعطيل عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشدداً على ان «التعطيل ناجم عن المعطّلين»، ومضيفاً: «كتلة النائب جنبلاط نزلت الى كل الجلسات التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأعتقد ان ما من شيء جديد يمكن ان يُطرح في لقاء معراب في شأن الملف الرئاسي. فلا النائب جنبلاط ولا نحن مَن يمارس التعطيل، لجنبلاط الحقّ في ان يكون مع هذا المرشح او ذاك، اما التعطيل فهو في مكان آخر. والجلسة مع النائب جنبلاط ستكون مفيدة من حيث عرض الاوضاع في لبنان والمنطقة وبحث إمكان القيام بخطوات ما لتخفيف الأعباء والأخطار عن المواطن اللبناني».
ونسأله: أوحت المواقف التي اعلنها الرئيس سعد الحريري بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في روما وكأن «14 آذار» تتجه الى خطوة اضافية لكسْر المأزق الرئاسي عبر الانتقال من مبادرة تعليق ترشيحكم الى سحْب هذا الترشيح وتبني ترشح شخصية تحظى بقبول الآخرين على غرار ما حدث في 2008... هل انتم في هذا الصدد؟ فيجيب: «ابداً ... أولاً نحن لسنا في هذا الصدد كمعطى عملي وواقعي، وثانياً أن الفريق الآخر أعلن مراراً وتكراراً ان لديه مرشحاً وحيداً فقط لا غير اسمه العماد عون وانه غير مستعد في اي حال للبحث في اسم آخر. ولو كان الفريق الآخر مستعداً للتوافق لَتجاوب مع مبادرة 14 آذار التي فتحت باباً عريضاً للتوافق. وهذا الفريق ورغم محاولتنا التواصل معه كبادرة عملية تضاف الى مبادرتنا السياسية الهادفة للتوصل الى مرشح توافقي، بقي على موقفه وأغلق كل الأبواب رفضاً».
ونقول له: تردّد في هذا السياق ايضاً ان البطريرك الراعي قد يتولى مهمة إقناعكم بسحب ترشحكم تمهيداً لإقناع العماد عون بالتحول من مرشح الى ناخب فما موقفكم؟ فيردّ: «من دون ان يقنعني احد، انا مقتنع بسحب ترشيحي اذا كان ذلك سيؤدي الى انتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن اذا كان سحب ترشيحي سيؤدي الى مزيد من التعقيدات فلماذا اقدم على هذه الخطوة؟ سحب ترشيحي في الوقت الحاضر سيؤدي الى مزيد من التعقيدات لسبب بسيط هو ان العماد عون ستكون لديه حجة اكبر للاستمرار في موقفه وسيقول انه لم يعد موجوداً الا مرشح مسيحي واحد فلماذا لا تنتخبون هذا المرشح المسيحي القوي؟».
وعن الاقتراح الذي يبدو وكأنه «لقيط» ونُسب سابقاً لـ «تيار المستقبل» ولاحقاً للنائب جنبلاط ويقوم على فكرة انتخاب عون لمرحلة انتقالية لسنتين، وهل يؤيد ذلك وما الدينامية الفعلية التي يمكن ان تُعتمد لإنهاء الفراغ الرئاسي؟ يؤكد جعجع «اننا كقوات لبنانية وكفريق 14 آذار لم يطرح علينا احد في أي يوم مثل هذا الاقتراح، ومعلوماتنا انه حتى التيار الوطني الحر يرفض هذا الطرح، وتالياً فإن لا وجود له».
ونسأله: ثمة مَن توقع ان تؤدي «الحشْرة» الايرانية في العراق وسورية بعد التمدد الاسطوري لـ «داعش» وعودة الولايات المتحدة على رأس تحالف دولي الى المنطقة، الى تسهيل «حزب الله» لعملية التوافق على انتخاب رئيس جديد ايذاناً بتحصين الواقع اللبناني؟ فيجيب: «ابداً بالعكس ... في رأيي انه بعد ما حصل في العراق وسورية وقيام التحالف الدولي، أًصبحنا امام تصلُّب ايراني اكثر وهو ما يظهر على أرض الواقع، وأصبح حزب الله اكثر إصراراً على تعطيل الانتخابات الرئاسية من اي وقت آخر، لأن ايران ستلجأ الى محاولة التمسك بأي قصاصة ورق لديها في المنطقة، وأعتقد انها لن تفرط في اي شيء انطلاقاً مما حدث معها في العراق وما يمكن ان يحدث في سورية. وفي اعتقادي ان أحداث الأشهر الاخيرة في العراق وسورية ستجعل مشكلة الرئاسة في لبنان اكثر صعوبة. لكن طبعاً كل ذلك لم يكن ممكناً حدوثه لو لم يكن العماد عون يقاطع جلسات انتخاب رئيس للجمهورية وحتى لو أرادت ايران تصعيد الموقف».
ونقول له: لم يكن مفاجئاً وصف تيري رود - لارسن للاوضاع في لبنان بـ «الخطورة البالغة» وسط الخشية من تطور التوترات الحدودية شرقاً... لماذا يبدو الموقف اللبناني من التحالف الدولي وكأنه «اجر بالبور وغجر بالفلاحة» (اي متردد)؟ فيردّ: «لأن هذه الحكومة هي حكومة بور وفلاحة في الوقت عيْنه، وهكذا حكومة تكون اجر بالبور واجر اخرى بالفلاحة ... فحيال موضوع واضح ويخدم مصالح لبنان كالتفاهم مع التحالف الدولي وطلب مساعدته ومساندته في حال تعرضت حدودنا الشرقية لأخطار، لا وجود لإجماع عليه انطلاقاً من تركيبة الحكومة الحالية، وهذا أمر مؤسف».
وحين نثير معه مسألة وجود صراع غير خفي على الدور الذي يجب ان يضطلع به الجيش اللبناني على الجبهات الساخنة، بين مَن يريد مشاركته في المواجهات على قاعدة التنسيق مع «حزب الله» والجيش السوري النظامي ومَن يريد بقاءه في حال الدفاع، يقول جعجع: «في اعتقادي ان الخيار الوحيد الفعلي المتاح امام الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني هو التنسيق مع التحالف الدولي، لأن هذا التحالف يملك قوة كبرى في الجو طبعاً، والجيش اللبناني يشكل قوة لا يستهان بها في البر على حدودنا الشرقية. اما الخيار الآخر فهو عملياً غير موجود، فبالنسبة الى الجيش السوري النظامي لم يعد هناك لا جيش سوري ولا نظامي، فهذه مجموعات مسلحة من بقايا الجيش السوري مكوْكبة حول بشار الاسد وتدافع عن موقع معين، إضافة الى انها تقوم بأعمال اكثر إرهابية من اكثر الإرهابيين وتالياً لا يمكن التعامل معها، ثم فليقم ما أسميتَه الجيش السوري بما عليه القيام به قبل ان ينسق مع الجيش اللبناني».
ويضيف: «اما بالنسبة الى حزب الله فإن وضعه ليس أحسن حالاً، فلو كان يستطيع القيام بما يقول انه موجود في سورية للقيام به لما كنا نواجه مشكلة على حدودنا الشرقية، لا سيما وانه قال لنا انه ربح معركة القصير ومعركة يبرود ومعركة القلمون فمن اين اتت هذه الحشود اذاً الى حدودنا الشرقية؟ وتالياً لا حزب الله ولا مجموعات بشار الاسد قادرة على تقديم اي شيء او مساعدة الجيش اللبناني، هذا اذا تجاوزنا الاعتبارات المبدئية في التعاون او عدمه. ومَن يستطيع فعلاً مساعدة الجيش اللبناني هو التحالف الدولي».
وعما بدأ يؤخذ على التحالف الدولي لجهة ضرباته «المدوزنة» لـ «داعش» الآخذ بالتمدد رغم غارات الطيران، سواء في العراق او في سورية، وهل هذا الايقاع يتصل بترسيم أدوار وأحجام للقوى الاقليمية كإيران وتركيا؟ يرى جعجع انه «لم يكن لدى ايّ مراقب في ايّ لحظة اي اعتقاد ان العمليات العسكرية إن من الجو او من البر قادرة على انهاء المشكلة، فإنهاؤها يحتاج إضافة الى ذلك الى عملية سياسية، وهي العملية التي بدأت في العراق لكنها متوقفة ولم تبدأ بعد في سورية. ومن المبكر جداً اليوم الحديث عن الحلول. وما يفعله التحالف حالياً هو توجيه ضربات منتقاة في محاولة لإبطاء ووقف تقدم داعش، وهو لا يستطيع القيام بأكثر من ذلك في ظل غياب اي تقدم سياسي في العراق وغياب اي عملية سياسية فعلية في سورية».
وعن مقاربة الحكومة اللبنانية لملف العسكريين المخطوفين وهل يعتقد انها ستؤدي الى نهاية سعيدة؟ يجيب جعجع: «المقاربة الحكومية الحالية لهذا الملف لن تؤدي الى اي نتيجة، وهناك حل من اثنين لمشكلة المخطوفين واي بحث آخر هو مضيعة للوقت. فالحل إما ان تقايض الحكومة المخطوفين بانسحاب حزب الله من سورية، وفي رأيي ان حياة 27 عسكرياً تستأهل هذا الحل، وإما استرجاعهم او محاولة استرجاعهم بالقوة، اي ،بعملية عسكرية عبر التعاون مع التحالف الدولي».