كرة نار «الفاتكا» تتقاذفها الحكومة مع المصارف

البنوك لا تريد تسليم بيانات إلى الأميركيين إلا من خلال الدولة

1 يناير 1970 07:17 م
• كشف المزدوجين يتطلّب قراراً سياسياً بالربط بين الداخلية والجهاز المصرفي
مرت أربعة أشهر على انضمام دولة الكويت إلى قائمة الدول التي أبدت استعدادها للتعاون مع وزارة الخزانة الأميركية في شأن قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات الأجنبية (الفاتكا)، لكن على الرغم من إدراج الكويت على الموقع الالكتروني لوزارة الخزانة الأميركية لم يتم حتى الآن الوصول إلى تحديد الجهة المسؤولة عن التواصل مع الجهات الرسميّة الأميركية وتزويدها بالمعلومات المطلوبة، وما اذا كان على الحكومة التوقيع مع الخزانة الأميركية أم أنّ على كل بنك ان يقوم بذلك بنفسه؟

من حيث المبدأ، علمت «الراي» ان هناك رفضا مصرفيا لتولي البنوك دور كتابة التقارير السنوية إلى مصلحة الضرائب الأميركية «IRS»، إذ تعتقد البنوك أن نقل المعلومات إلى جهة حكومية خارجية مسألة سيادية لابد أن تتولّاها جهة حكومية، سواء وزارة المالية أو بنك الكويت المركزي، لئلّا تتحمّل المصارف لاحقاً تبعات قانونية في شأن الحفاظ على سرية معلومات العملاء.

وفي المقابل، يبدو أن الجهات الحكومية تستشعر حرجاً من أن تظهر في موقع من يفشي معلومات مصرفية لجهة أجنبية، خصوصاً إذا تعلّق الأمر بمواطنيها. وربما لهذا السبب، قرر مجلس الوزراء أخيرا إحالة أي اتفاق مع وزارة الخزانة الأميركية في شأن قانون الامتثال الضريبي الأميركي للحسابات الأجنبية (الفاتكا) إلى مجلس الأمة للمصادقة عليه قبل تطبيقه، باعتبار أن الاتفاقية ستترك آثارا كبيرة على السريّة المصرفية وقد تكشف مزدوجي الجنسية من المواطنين الذين يحملون جواز السفر الأميركي.

هذا الإرباك الحكومي يترك آثاره على المواطنين الكويتيين الذين يحملون الجنسيّة الأميركية. فالعشرات من هؤلاء يحاولون استدراك أوضاعهم القانونية، لكنهم لا يجدون أجوبة شافية، لا من الحكومة ولا من السفارة الأميركية.

أحد هؤلاء قال لـ«الراي» إن «المأزق الذي وقعنا فيه كبير، فحتى لو أردنا الخضوع للضريبة الأميركية نخشى من تبعات ازدواج الجنسيّة». ويضيف «أحمل الجنسية الأميركية بحكم المولد في أميركا، والتخلي عنها يتطلب إجراءات قد تمتد لسنوات، وحتى ذلك الحين سنبقى في وضع قانوني ملتبس».

لكن هل سيؤدي «الفاتكا» إلى كشف المزدوجين فعلاً؟

مصدر مصرفي أوضح لـ«الراي» أن الإجراءات المطبقة حالياً لا تتيح كشف مزدوجي الجنسية، لعدم وجود ربط بين البنوك ووزارة الداخلية، وعدم وجود أي قانون يلزم البنوك أو البنك المركزي أو وزارة المالية بإبلاغ وزارة الداخلية إذا تبيّن لها أن أياً من المواطنين يحمل الجنسية الأميركية. ولكي يتغيّر هذا الوضع، لابد من قرار سياسي بإيجاد الربط بين «الداخلية» والبنوك.

ومع ذلك فإن الكويتيين الحاملين للجنسية الأميركية ليس بوسعهم الاطمئنان، لأن وجود المعلومات لدى جهات رسمية كويتية يعد دليلاً دامغاً يمكن استخدامه ضدهم في أي وقت.

ويبدو من تأخر الكويت هذه الاشهر الاربعة في التسجيل النهائي وعدم اقرارها حتى الان القيام بالتعامل مع مصلحة الضرائب الاميركية نيابة عن البنوك انها تفاوض على شروطها وانها تحذر تداعيات هذا التطبيق، وربما يكون لذلك اعتبارات سياسية أو تحاشيا لعبء اداء هذه المهمة، لكن المؤكد ان هناك مخاوف حقيقية لدى الدولة من هذا الالتزام حديث التطبيق الذي لا يزال يحمل في تطبيقه العديد من المناطق الرمادية خصوصا وان الاتفاقية ترتب على البنوك الكويتية التزامات أكبر وأخطر من مجرد الابلاغ عن أي ارصدة تزيد على 50 الف دولار.

اذا «فاتكا» باتت على ما يبدو كرة نار تتقاذفها الدولة مع البنوك خوفا من تحمل مسؤولية كتابة التقارير إلى الجانب الأميركي خصوصا ان القانون الأميركي الذي بدأ تطبيقه قبل أشهر يلزم البنوك والمؤسسات المالية بتزويد السلطات الأميركية بما تطلبه من معلومات عن حسابات وموجودات المواطنين الأميركيين. كما انه قد يكشف أسماء المواطنين الكويتيين الذين يحملون الجنسية الأميركية، حين تطلب السلطات الاميركية من البنوك تزويدها بمعلومات عن حساباتهم وتعاملاتهم.

يشار إلى ان اعلان وزارة المالية في مايو الماضي عن رغبتها المبدئية بتوقيع الاتفاقية مع وزارة الخزانة الأميركية، مدد اجل تسجيل البنوك والمؤسسات المالية الكويتية في موقع مصلحة الضرائب الأميركية (IRS) إلى نهاية العام الحالي قبل انتهاء المهلة الأميركية المحددة لذلك في 5 مايو الماضي، ما جعلها تتفادى العقوبات الثقيلة التي تفرضها السلطات الأميركية على البنوك غير المتعاونة.