تقرير / دعوات لإيجاد جهة محايدة لمعالجة التظلمات
شركات تشكو من «المناقصات»: تتدخّل في الشروط وتؤخّر التنفيذ
| كتب محمد الجاموس |
1 يناير 1970
02:33 م
تعمل لجنة المناقصات المركزية في دولة الكويت وسط بيئة تكثر فيها الاجتهادات والانتقادات لما تقوم به من دور يراه البعض جيدا وآخرون يرون فيه جوانب سلبية أو يتخطى الدور المرسوم لها، لكن هناك من يتحدث عن اللجنة كونها الأفضل بين مثيلاتها في دول المنطقة العربية من حيث الاداء والدور والأسلوب.
بعض الخبراء في قطاع المقاولات يذهبون بعيدا في انتقادهم الى عمل اللجنة متهمين اياها بأنها تمارس أحيانا دورا أكبر مما ينبغي في ما يتعلق بطرح المناقصات وقبولها ورفضها، أو فرض شروط على مشاريع دون أخرى، وهناك من يبدي ملاحظات فقط على عمل اللجنة يبررها على أنها تبرز ضمن السياق الطبيعي لعمل لجنة حكومية تقوم بهذا الحجم الكبير من العمل.
وخبراء اخرون في القطاع استطلعتهم «الراي» يصفون لجنة المناقصات المركزية بانها الأفضل بين مثيلاتها في الدول العربية وتمارس عملا منظما، وهي تمثل حالة جيدة وتقوم بعمل كبير ومنظم لكن تشوبه بعض الملاحظات، خصوصا ما يتعلق بطريقة قبول أو رفض طرح المناقصات التي تتقدم بها الجهات الحكومية، وممارستها أحيانا دورا من المفترض ألا يكون لها أو ضمن اختصاصها، كأن مثلا تفرض شروطا على مشاريع ولا تفعل ذلك مع مشاريع اخرى أو تكون هي الخصم وهي الحكم في ما يتعلق بطرح المناقصات وقبولها أو رفضها.
ويقول خبير في قطاع المقاولات إن أي وزارة أو جهة حكومية تضع مثلا خطة للسنة المقبلة لعدد معين من المشاريع مع ميزانية تقديرية لتلك المشاريع ترسلها الى وزارة المالية لاعتمادها وتخصيص المبالغ المالية اللازمة للتنفيذ، وبعد اعتمادها تقدم خطة هذه المشاريع الى لجنة المناقصات لطرحها ضمن برنامج عملها، وكانت الامور تسير بيسر وسهولة اواخر القرن الماضي، لكن خلال السنوات الاخيرة تغير الامر وباتت هناك تعقيدات كثيرة تواجه مختلف الاطراف، وباتت لجنة المناقصات تشكل لجنة لدى طرح اي مشروع حكومي وبيان مدى قبولها طرح هذا المشروع أو رفضه، وهذا امر ليس من اختصاصها أو ليس من حقها، لكن مسألة الرفض استجدّت بعد معاناة بعض الشركات من سحب مشاريع بعد اعلان الفائز بها أو ترسيتها نتجية لاعتراضات غالبا تأتي من أعضاء في مجلس الامة أو جهات نافذة تثير الشكوك حول تلك المشاريع وهي اعتراضات تعكس عدم الثقة أو وجود شبهات بدفع رشى، أو نتيجة خلافات مع الشركة الفائزة.
ويضيف الخبير انه في تلك الفترة كانت الكفالات الاولية تصدر خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، وكانت الشركة الفائزة تبدأ التنفيذ قبل أن يمر 90 يوما على ترسية المناقصة عليها، بينما الآن يتأخر تنفيذ المشروع إلى ما بين سنة و18 شهراً كما حصل مع مشروع جسر جابر ومشاريع أخرى عديدة، حيث ازدادت التعقيدات وكثرت الموافقات المطلوبة من الجهات الحكومية للبدء بتنفيذ المشروع وباتت الدورة المستندية مرهقة للشركات من حيث طول المدة.
ويشير الى أن لجنة المناقصات يمكن ان ترفض طرح مشروع كمناقصة لاحدى الجهات الحكومية إذا لم يكن مرفقا بتصميم في حين أن دور اللجنة رقابي واشرافي فقط مع انه (أي التصميم) ليس شرطا لطرح أي مشروع ودليل ذلك قبول لجنة المناقصات طرح مشاريع من جهات حكومية اخرى من دون ان تكون مرفقة بتصاميم، ومثال ذلك مناقصة «قصر السلام» الذي تم طرحه دون أن يكون مرفقا بتصميم.
ويشدد الخبير على ضرورة معالجة تشابك التداخل بين الجهات الحكومية في ما يتعلق بالموافقات، وتخفيف الطلبات التي تفرض على الشركات.
تصنيف الشركات
المدير العام الاقليمي في الشركة الوطنية للتنظيف محسن بوشهري يقول من جانبه ان دول العالم فيها لجان مناقصات، مهمتها الرئيسية طرح المناقصات والتأكد من أن الشركات المتقدمة لتلك المناقصات مؤهلة، ويجب ان تكون كل شركة مصنفة لدى اللجنة، ورغم تطور وتنوع القطاعات المعنية بالمقاولات غير أن آلية عمل لجنة المناقصات بقيت كما هي دون مواكبة تلك التطورات، حيث لا توجد قطاعات مصنفة سوى قطاع البناء، في حين بقيت القطاعات الاخرى دون تصنيف، وهو أمر يحتم قيام لجنة المناقصات بترتيب القطاعات وتصنيفها، بوجود كادر وظيفي متخصص يملك الخبرة الكافية في ممارسة هذا النوع من العمل ومواكبة التطور لوضع مناقصات على أسس فنية سليمة تؤدي الى انتاج خدمات جيدة تخدم جميع الاطراف.
وكونها جهة حكومية وتطرح مشاريع متعددة ومتنوعة بمليارات الدنانير وتتعامل مع عشرات الشركات قد يقع ظلم من قبل اللجنة على بعضها فلمن تلجأ الشركة المظلومة في هذه الحالة؟
وفي هذا السياق يرى احد المختصين أن لجنة المناقصات في الكويت تبدو هي الخصم وهي الحكم، ويبين أنه «حين يقع ظلم على احدى شركات المقاولات من قرارات تصدرها اللجنة تتقدم هذه الشركة بتظلم الى اللجنة لرفع الظلم عنها لكن هذه الاخيرة تتحفظ على هذا التظلم دون ان تعمل على معالجة الوضع وإزالة الظلم عن الشركة المتظلمة ويضيع حق الاخيرة، وبهذه الحالة تكون اللجنة هي الخصم وهي الحكم، ويتساءل إذا كان ديوان المحاسبة يراقب ويحاسب الجهات الحكومية من يحاسب لجنة المناقصات؟ ودعا الى ايجاد جهة محايدة لمعالجة مثل هذه التظلمات».