تقرير / هل تكون جلسة اليوم لانتخاب الرئيس آخر «الفراغ»؟

لبنان أمام انفجار «دائم» وملامح انفراج بمقوّيات خارجية

1 يناير 1970 08:26 م
دخل لبنان نادي «الدول المضطربة» من البوابتين العسكرية عبر الدفرسوار الذي تشكله جبهة جرود عرسال – القلمون، والوطنية المتمثلة بالفراغ الرئاسي الذي حطم اليوم رقم «المئة يوم»، فانضم تالياً الى قوس الازمات اللاهبة في المنطقة، مما يجعله فوق «فوهة» النار المشتعلة من سورية الى اليمن، مروراً بالعراق وليبيا، وعلى طاولة الترتيبات الاقليمية – الدولية التي تشق طريقها على وهج الحرب المعلنة على الارهاب.

وبدا لبنان، تبعاً لهذا الواقع، مرشحاً للتكييف مع اضطراب امني مديد، بعدما جرى ربطه بالحريق السوري عبر «وصلة» عرسال، التي اعتبرها وزير الداخلية نهاد المشنوق «محتلة» واشبه بـ «قنبلة موقوته قابلة للانفجار في اي وقت»، وهو الامر الذي استعجل مساعدات عسكرية اميركية للجيش اللبناني تحط في مطار بيروت ثم «تطير» الى وحدات الجيش على ارض «المعركة» في عرسال.

ولان لبنان اصبح جزءاً من هذا «البازل الاقليمي المتفجر»، فانه حجز مكاناً على الطاولة في الحوار السعودي – الايراني المستجد، والمرشح لمزيد من الجولات في ضوء وجود طهران والرياض معاً في الائتلاف الدولي – الاقليمي لمواجهة الارهاب، وفي ظل تقارير عن «جنيف – 3» سوري بعد ازاحة نوري المالكي في العراق، الامر الذي يؤشر ايضاً الى إمكان التوصل الى تسوية في شأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان في غضون الشهرين المقبلين.

هل هذا يعني ان لبنان سيكون على موعد مع إنفجار دائم على الحدود (عرسال) ومع إنفراج محتمل في الداخل (الانتخابات الرئاسية)؟

أوساط تجمع بين «السياسي والعسكري» قالت لـ «الراي» ان «معركة عرسال وجرودها لم تبدأ حتى تنتهي، فالمواجهات التي خاضها الجيش اللبناني قبل نحو أسبوعين كانت على أطراف البلدة والإشتباكات المحدودة التي تلتها قبل ايام كانت بسبب دورية للجيش ضلت طريقها، وتالياً فإن معركة بالمعنى الفعلي لم تقع بعد”.

وتوقعت هذه الأوساط أن هذا النوع من التوترات سيدوم لمرحلة طويلة ما دامت عرسال وجرودها أصبحت جزءاً من الحرب المفتوحة في القلمون والمرشحة للإستمرار الى ما بعد الشتاء نتيجة الجغرافيا الصعبة لهذه المنطقة الشاسعة والوعرة، ولحجم المواجهة الدائرة فوق تضاريسها وطبيعة القوى المنخرطة في هذه الحرب.

ويعتقد هؤلاء ان «حزب الله» والجيش السوري النظامي يراهنان على حليف ثالث هو «جنرال الثلج» المتوقع وصوله في الشتاء، إضافة الى عملياتهما المتواصلة تحت غطاء من تدخل الطيران الحربي السوري، من دون ان يعني ذلك إمكان حسم هذه المعركة التي يتم التقدم فيها ببطئ في مواجهة آلاف من المسلحين الأقوياء.

من هنا، فإن عرسال، وبحسب الأوساط عينها، ستبقى تحت خط نار دائم الى ان تنتهي معركة القلمون الطويلة، خصوصاً مع وجود مخيمات للنازحين فيها تشكل بيئة حاضنة للمسلحين ومستقراً لعائلاتهم، واحتمال تحولها ايضاً ملاذاً «دافئاً» لهؤلاء المسلحين هرباً من ثلوج القلمون وبردها القارس مع هبوب الشتاء وعواصفه.

ازاء هذا الواقع لن يكون في وسع الجيش اللبناني، الذي لم يتعود «الحروب»، لا محاصرة عرسال وجرودها ولا مواجهة المسلحين من «داعش» و»النصرة» في المنطقة الشاسعة وتضاريسها الصعبة، فحسم المعركة لن يتم من الجانب اللبناني بل من المقلب السوري عبر المواجهة الشرسة التي يخوضها «حزب الله» والجيش السوري النظامي.

تحت وطأة هذه الظلال القاتمة على الحدود والمخاوف الدائمة من «انفجارات موضعية» تسمم البلاد بأسرها، تتجه الانظار الى الداخل وسط معطيات عن ملامح انفراج ما، ربطاً بالتطورات المتسارعة في المنطقة، خصوصاً في ضوء «كسر الصمت» بين المملكة العربية السعودية وايران.

فثمة من يعتقد في بيروت ان «داعش» الذي تحول «نجم الساحة» على المستويين الدولي والاقليمي فرض اجندة مختلفة في لبنان وحياله بعدما طرق بابه من ملفي احداث عرسال وخطف العسكريين، وتالياً فان الخارج والداخل ادركا الحاجة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لانه لا يمكن اكتمال عدة مواجهة خطر «داعش» من دون وجود «رأس الدولة» الشاغر منذ مئة يوم.

ورصدت دوائر مراقبة في بيروت مجموعة من المؤشرات في المدار الاقليمي – الدولي تصب في اتجاه كسر المأزق السياسي – الدستوري عبر انتخاب رئيس جديد توطئة لاكتمال دورة الاستحقاقات الاخرى الداهمة، كالانتخابات النيابية، ولعل ابرز هذه المؤشرات: المساعي الجارية في العراق لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد ازاحة نوري المالكي. ملامح مقاربة مختلفة للازمة في سورية وسط مؤشرات عن دور مصري لجمع النظام والمعارضة. السعي لاعادة ترتيب «البيت الخليجي» عبر تنقية العلاقات السعودية – القطرية، مما يسمح بمقاربة ملفات المنطقة بدينامية جديدة. ادراك الغرب اهمية انهاء الشغور في الرئاسة المسيحية الوحيدة في الشرق العربي في لحظة المخاوف المتعاظمة لدى المسيحيين من مخطط لتهجيرهم، والتقارير التي تحدثت عن ان فرنسا والولايات المتحدة تربطان تزويد الجيش اللبناني بالاسلحة باستجابة الداخل اللبناني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

هذه المؤشرات وسواها ترسم، بحسب الدوائر المراقبة في بيروت، خطاً بيانياً يشي بان الخريف سيكون موعوداً لملء الشغور في الموقع المسيحي الاول، وربما تكون جلسة اليوم التي دعي اليها البرلمان للمرة 11 لانتخاب الرئيس آخر المشوار في المسار التعطيلي. ومما يعزز هذا الامر اتجاه قوى «14 آذار» على الارجح الى اطلاق مبادرة من اربعة بنود لكسر المأزق الرئاسي تقوم على: التمسك باولوية انتخاب رئيس للجمهورية، تعليق ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، اعلان استعدادها للتوافق على «مرشح تسوية» مع «8 آذار»، والقيام بجولة اتصالات في هذا السياق، غير ان هذه المبادرة مشروطة بالعودة الى التمسك بترشيح جعجع في حال لم يتجاوب الطرف الآخر مع المسعى التوافقي.

ومن غير المستبعد، في ضوء الحراك الدولي – الاقليمي، ان تلاقي «8 آذار» مبادرة «اليد الممدودة» من خصومها، اقله في المسار العام القائم على الحاجة الى التوافق. اما التفاصيل... ففيها تسكن الشياطين.