حروف باسمة

سوالف

1 يناير 1970 08:24 م
الحياة تمتلئ بالقصص وتعج بالحزاوي ومن تلك القصص يستنبط المرء أفكاراً وعبراً ودروساً قد تفيده في حياته ويستفيد منها في المواقف المتعددة التي تعتري مسيرته في الحياة.

ولعل من القصص التي يعج بها الأدب العربي هي تلك التي تتعلق بعواطف الآباء والأمهات تجاه أبنائهم والعكس صحيح.

يروى ان أباً فقد ابنه فاعترته اللوعة والأسى والألم فأنشد يقول:

ولي كبدٌ مشطورة بيد الردى

فتحت الثرى شطر وفوق الثرى شطر

نعم انه الأسى على فقد الولد

ويقال بأن الشاعر الأندلسي ابن عبد ربه فقد ولده الأوسط فقال:

وأولادنا مثل الجوارح

أيما فقدناه كان الفاقد البين الفقدي

هل العين بعد السمع تغني مكانه

أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي

ويقال ان رجلا فقد ابنه فقرر ألا يخرج من المنزل كي لا يكني بابنه الفقيد، فمكث بعد قليل ثم خرج فصادفه رجل فكناه بابنه فخر ذلك الرجل صريعاً بعد اذ قال:

كيف السلو وكيف أنس ذكره

وإذا دعيت فإنما ادعى به

ومن أروع ما قيل من الابناء بحق أمهاتهم قول الدكتور أحمد الوائلي يرحمه الله:

أماه قد شاب رأسي وانطوى العمر

ولم يزل ملء سمعي صوتك العطر

النجم مل وما ملت شفاهك من

تلك المواويل حتى يطلع السحر

فما بصدرك من خير ومن كرم

يظل أكبر مما تحدس الفكر

أقوال تبعث على الخير وعواطف صادقة وحالات طبيعية من الآباء تجاه أبنائهم ومن الأبناء نحو آبائهم وأمهاتهم لأن الأمل هو رعاية الأم وتوجيه الأب نحو مستقبل ممتلئ بالخير والسداد.

فواجب الأبناء هو الاحترام والتقدير والتبجيل وتقديم أنواع الرعاية لآبائهم وأمهاتهم وعجيب ما نراه في أيامنا الحاضرة من مآسٍ وآلام وشجون وأهوال من بعض الأبناء تجاه آبائهم وأمهاتهم.

فبعض الألسن الطويلة من الأبناء على الآباء والأمهات وكمن من ابن قذف بأبيه أو أمه في دار المسنين وهو لا ينظر لوصية الباري جل شأنه ولا يجعل للعاطفة الإنسانية في قلبه سبيلا ولا في وجدانه طريقا.

ولعل ما شهدناه من حوادث أخيرا في ان بعضهن همت في الشروع بقتل أبيها ولكن الله سلمه من ذلك العمل المشين الذي يغضب الله له وتأباه الضمائر والشرائع والسبل الانسانية وحوادث الاعتداء على الآباء والأمهات كثيرة نسمعها ونلحظها ونراقبها قد نراها أو نقرأ عنها وكلها تبعث على الأسى نسأل الله ان يقي أبناء هذه الديرة الحبيبة شر القسوة وأن نعيش في بحبوحة من العطف والحنان وتبادل الخير والاستشعار به.

عزيزي القارئ دعنا نتمعن في هذه القصة المؤثرة:

أغرى امرؤ يوماً غلاماً جاهلاً

بنقوده كي ما ينال به الوطر

قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى

ولك الجواهر والدراهم والدرر

فمضى وأغمد خنجرا في صدرها

والقلب أخرجه وعاد على الأثر

لكنه من فرط سرعته هوى

فتدحرج القلب المضرج اذ عثر

ناده قلب الأم وهو معفر

ولدي حبيبي هل أصابك ضرر؟